أقبلتُ إلى منزلي..
فتحتُ البابَ..
وعِندَ إغلاقيَ لهُ.. صرختُ بأنِّي قد عُدت..
كُنتُ واثقًا بأنَّهم نيَّمٌ أو حتى غيرُ مُدركينَ بوجودي..
ضربتُ عدَّة احتمالاتٍ أخرى وهي:
- يكرهونني ولا يردُّون عليّ.
- يُعدُّون مُفاجأةً لي في مكانٍ ما في داخلِ المنزِلِ.
- أو ربما خرجوا جميعُهُم منَ المنزلِ معَ سياراتِ أقاربي.
هناك احتمالاتٌ أخرى كُنتُ قد ضربتها في توقُّعاتي، ولكنها سيئة.. لا أودُّ ذكرها!
سأشعر عندها وكأنَّني سأُصبح شخصًا يريدُ التَّخلصَ من أفرادِ عائلته.
عندما اقتربتُ من بابِ أحدِ الغُرف.. سمعتُ أخي يُناديني!
"أخي! أنا هنا!"
كُنتُ قد ابتسمتُ! ولكنَّ أعماقَ قلبي تلتهبُ.. نعم! تلتهبُ!
ولكن، أهذا اللَّهيبُ يتُوقُ لكي يرى أخي!؟
إنَّهُ لأمرٌ عجيب! ‘قُلتها "عجيب!" بصعوبة! كنت أتهربُ من كلمةِ الغموض!
فالغموضُ هو بالنسبةِ لي شيءٌ مخيف! أنا مدمنٌ عليه.. لا كالصَّقرِ المُنقضِّ على
فرسيتهِ بأفضلِ حال.. كنت أنا هكذا! أخافُ الغموض!
فأنا أُفكِّرُ في جميعِ سلبيَّاتهِ وإيجابيَّاتهِ!
إنَّهُ بحرٌ مُوحِش!‘
لقد سمعتُ صوتَ أخي.. وياليتني لم أسمعه! لا، ياليتني لم أكن متواجدًا في منزلي!
فـفي العادةِ صوتُ أخي يُدخِلُ الحنانَ داخلَ قلبي!
نعم، أخي الصَّغيرُ البالغُ منَ العُمرِ ثمانيةَ سنين، ذو الوجهِ الحسن.
رائحتهُ تلكَ التي تُطيِّبُ أنفاسي مهما كانت، عطِرةً أم كريهةً، فأعني أنفاسَهُ
تلكَ التي تخرجُ من فمِهِ.. إنَّها دافئةٌ.. وتزدادُ دفئًا عندما يكلمني.
إنَّها صادقةٌ.. أنفاسُهُ صادقةٌ، وكلامهُ صادق؟
لستُ إلَّا بشخصٍ يُمازح! فأخي مُخادعٌ و بريءٌ في نفسِ الوقت!
اللَّهيبُ في داخلي قلبي.. حاولةُ إخمادَهُ.. فوجدتُ فكرةً عظيمة!
ذاكَ الصوتُ كان صوتَ أخي؛ لكنَّهُ كان مُشغَّلًا بجهازٍ ما!
فـفكرتُ بأنَّ أخي هو من يُحاولُ فعلَ ذلك، فتقدَّمةُ لأفتحَ البابَ كالمُغفَّلِ!
لمَ هذا التَّصرفُ من أخي؟ لمَ قد يفعلُ ذلك؟ مثلُ هذه التساؤلات تبدو غبيَّة،
لكن لو أضفنا لها رائحةَ البارُود.. فستكونُ مخيفةً بعض الشيء، أليس كذلك؟
لكن، قد يكونُ ذاك الشخص يستدرجُني بذاك التسجيل، وأخي هنالك معهُ مقيَّد!
أستطيعُ فتح البابِ وأنا مرتاحُ النفس، فقد أُنقذ أخي، لأكونَ الرهينةَ لا هوَ!
ولكنني ما عدتُ أنفكُّ من غبائي!
لمَ ذاك الشخصُ لا يجعلُ أخي يستدرجُني؟
يستطيعُ أن يقولَ لهُ تهديدًا؛ فإذا لم يفعل ذلك.. سيقتلني! ويقولُ لهُ أنِّي مُحاطٌ
بالكثيرِ منَ الأشخاص ليقتلوني إن لم يستدرجني لأبقى رهينةً لديه!
ربما فضَّلَ أن يُسجِّلَ الكلامَ في مُسجِّل صوت، لأنَّها حدثت وحسب من مكنونِ خداعهِ
وبراءةِ صفاته، بهذا سيجذُبني للدخولِ في المكانِ الآمن؛ لكنه حدث إجبارًا وليس
فكاهةً ما من أخي!
ولا زلتُ أُفكِّرُ وأستنتجُ كالغبي!
لا أرضى بالواقعِ اللذي أنا فيه!
هل رأيتم؟
مدى تفكيركم واستنتاجاتكم؟
قد يكون البعض منكم لا يفهمُ ماذا أقول، والبعض الآخر قد توقَّع عدَّة سيناريوهات،
والبعض الآخر لا زالَ يُفكِّر ويستنتج الكثير من السيناريوهات!
رائحةُ البارود وإضافةً إلى شريطٍ قديمٍ، مُسجَّلٌ فيهِ صوتُ أخي وهو يُناديني!
كان عليَّ تقبُّلُ الواقع.
بأنَّ عائلتي كلُّها قد قُتلت!؟
المكانُ مُوحشٌ قاتلٌ من شدَّةِ هدوئه!
كان عليَّ الركضُ للخلفِ ولكني لم أستطع!
فسُحبتُ منَ الوراءِ وأنا أنظرُ للبابِ يُفتحُ.
فكُنتُ في الأمامِ حيثُ خمسُ طَلقاتٍ قد أُطلقت.
سقطتُ على الأرض أكملت ركضي إلى أن خرجتُ من المنزل بمساعدتي رجالِ الأمن.
لولا رجلُ الأمنِ المُدرَّعُ ذاكَ الذي كان في المنزل وفي تلكَ اللحظات.. لكنتُ ميِّتًا لا محالة!
كان له الفضلُ الأكبر في حمايتي.
عندما كنتُ في الخارجِ برفقةِ الكثيرِ من رجالِ الأمن.. "الكثير" من الرِّجالِ والسَّيَّاراتِ
المُدرَّعة.. بدأتُ الغوصَ بشكلٍ قويٍّ وسريع!
بدأتُ التفكيرَ والإستنتاجَ هنا.
استنتجتُ بأنَّ ذاك الشخص الخطير.. هو شخصٌ محترفٌ في القتلِ.. وتزامنًا مع كلامي
كرَّرَ رجُلُ الأمنِ بواسطةِ مكبِّرِ الصوتِ قائلًا: انتبهوا! إنَّهُ محترفٌ في عملياتِ القتل!
فاليبتعد جميعُ المدنيين من هنا!
وفكرتُ كذلك: بأنَّ عائلتي كُلُّها قد قُتلت من طرفِهِ حتمًا!
أو هذا ما قلتهُ بشكلٍ متقطِّع.. خائفًا من أمرٍ ما!
كما قُلتُ لكم؛ أنا بحَّارٌ عظيم في بحرِ الغموض!
الكثيرُ من السيناريوهات أنتم لا تتوقعونها حتمًا!
بل ربما لا تعرفُونَ ما سيأتيْ الآنَ من أحداث!
فلتحزروا إذن!
ما الذي سيحدثُ الآن؟
ربما ستُدركُون ما الذي سيحدثُ الآنَ عندما ترونَ فقط بضعَ أشياءَ سأضعُها الآن:
4
3
2
1
هل أدركتم ما حدث؟
ذاك القاتلُ المحترف، لا يعبثُ هنا!
اسمهُ زعزعَ رجالَ الأمنِ فإذا هم كالنَّملِ يغوصون ويغوصون داخلَ المنزل.
إمتلَأَ المنزلُ، وسارتِ الخُطَّةُ الأخيرةُ للقاتلِ بنجاح!
فصرختُ لنجدتِهم من هناك!
فانفجرَ المنزلُ بشكلٍ يُمكنُ وصفُهُ بالعظيم!
ماذا أفعلُ؟ صُراخُ الإنفجارِ كان أعلى من صُراخِي.
الجميعُ أصبحَ كـلوحةٍ تفوَّقت على لوحةِ "الصرخة" وبكلِّ جدارة!
أعتقدُ أنَّ الفنانَ الذي رسمها هو ذاك القاتلُ المحترف!
فقد تكفَّلَ القاتلُ برسمِ الأجواءِ.. وبقيَّةُ الرجالِ تكفَّلوا بالباقي!
أنا هنا لا أمدحُه! ولستُ مسرورًا بالطبعِ بما جرى!
فعائلتي قُتلت! ومنزلي فُجِّر!
لدرجةِ أنَّني ابتعدتُ عن المكانِ بدونِ أن ينتبهَ عليَّ أحد!
نعم! صدِّقوا ذلك!
مشيتُ بدونِ أيِّ هدف.
سافرتُ إلى أماكنَ عدَّة، وتعلمتُ من رجُلٍ حكيم هوايةَ الكتابة لديه!
وها هي ذا قصتي الأولى أرويها لكم.
ومع هذا؛ أنا بخير.
أنا ابتسم، أمشي، أكتب، اقرأ، أرسم، أسبح، أرمي، آكل، أتحدثُ مع الناس.
أنا بخيرٍ في هذا المكانِ المتواضع.
بعدما قُتل ما أحبُّه؛ أنا هنا في هذا المكان المتواضعِ وسطَ الأشجارِ الخضراء.
أتنفَّسُ الهواءَ حولها.
أخبرني الرَّجُلُ الحكيم شيئًا آخر.
كلُّ شيءٍ تحبُّهُ في هذه الدُّنيا سيزولُ حتمًا!
سواءٌ أكان معكَ أو بدونك!
هنا أختمُ قصتي،،
القصة من تأليفي
+
يُمنع النقل.