الفتاة الذكيّة
كان شاب من أذكياء العرب يرغب في الزواج من فتاة ذكيّة مثله. خرج الشّاب يطوف بالقبائل على جمله، وبينما كان يسير في طريقه قابل رجلا يتّجه نحو المكان الذي يقصده.. سار الشّاب والرجل معا. قال الشّاب للرجل أتحملني أم أحملك؟. فقال الرجل:يا جاهل! أنا راكب وأنت راكب. فكيف أحملك أو تحملني؟!. سمع الشّاب جواب الرّجل، فسكت ولم يردّ عليه.
واصل الشّاب والرجل سيرهما، ثم مر الإثنان بقرية حولها زرع ناضج، وحان وفت حصاده. قال الشاب يسأل الرّجل:أترى هذا الزرع أكله أصحابه أم لا؟!. ردّ الرجل:سؤال عجيب! الزرع امامك ما زال بالأرض وتسأل أأكله أصحابه أم لا؟!.
سكت الشاب ولم يرد على كلام الرجل.
سار الإثنان في طريقهما، وقابلا جنازة، فقال الشّاب يسأل الرجل:أترى صاحب هذا النّعش حيّا أم ميتا؟!. أجاب الرجل:ما رأيت أجهل منك! ترى جنازة فتسأل أميّت صاحبها أم حيّ؟!.
سكت الشّاب، وسار مع الررل دون أن يرد على كلامه.. أخيرا وصل الإثنان قريبا من بيت الرجل. طلب الرجل من الشّاب أن ينزل ضيفا عليه، فوافق الشّاب.
وكان للرجل ابنة، فلمّا عرفت لديهم ضيفا سألت أباها عنه، فقال لها أبوها:إنه من أجهل الناس!. وحكى لها ما دار بينهما من حديث.
قالت الفتاة لأبيها:يا أبت! هذا الشّاب ليس جاهلا كما تقول! فعندما قال لك:أتحملني أم أحملك؟! كان يقصد أتحدّثني أم أحدّثك؟ حتّى نتسلّى بالحديث أثناء السّفر. وعندما قال:أترى هذا الزّرع أكله أصحابه أم لا ؟! فكان يقصد:هل باعه أصحابه قبل أن يحصدوه وأكلوا بثمنه أم لا؟! وأما قوله عن الميّت:أميّت هو أم حيّ؟! فقد قصد بكلامه هذا:هل لهذا الميّت أبناء يحيون ذكره بين الناس أو لا؟!.
فلما سمع الرجل ما قالته ابنته خرج للشاب وأخذا يتحدّثان. ثم قال الرجل للشاب:أتحبّ أن أفسّر لك ما سألتني عنه؟. قال الشب نعم. فأخذ الرجل يفسر له أسئلته والإجابة عنها كما سمعها من ابنته. فقال له الشاب:ما هذا كلامك، فأخبرني من صاحبه؟. فقال الرجل:ابنتي. فقال الشاب:أتزوجني ابنتك؟. فأجاب الرجل:نعم.
وهكذا حصل هذا الشاب الذكي على الفتاة التي طال بحثه عنها.