الرزق الحلال
بحث رجل فقير في بيته عن طعام يفطر به فلم يجد شيئا. استعدّ الرجل للخروج فقالت له زوجته: هل ستتركنا دون طعام؟. قال الرجل:أنا ذاهب إلى الكعبة، لأطوف بها سبعة أشواط، وأدعوا الله ان يرزقنا؛ فهو خير الرّازقين.
توجّه الرّجل مزدحما بالحجاج، فلما أتم الرجل الطّواف، وصلّى، وهمّ بالخروج من الحرم عثرت قدمه بكيس على الأرض، فانحنا ليأخذه، وبحث الرجل فيه فوجده مملوءا بالدنانير. نظر الرجل حوله على زوجته فرحا متهلّلا، وقال:أنظري – يا زوجتي – ماذا رزقني الله اليوم؟! كيسا به مائة دينار. قالت الزوجة على الفور: اذهب إلى المكان الذي وجدت فيه الكيس، هذا الكيس ليس لنا، وإنّّما يخص صاحبه الذي فقده.
سمع الرجل كلام زوجته، وخرج من البيت قاصدا الكعبة، ومعه كيس النقود، وفي الطريق قال لنفسه: زوجتي على حق، فديننا أمرنا بالأمانة، والأمانة تدعونا ان نرد الأشياء لأصحابها.
وصل الرجل إلى المكان الذي عثر فيه على كيس النقود، فسمع أحد الحجاج ينادي:يا أهل الله، من وجد كيسا به نقود؟!.
تقدّم الرجل من الحاج وسأله:هل تعرف ما به يا حاج؟. فأجاب الحاج نعم، بالكيس مائة دينار. عندئذ قدم الرجل الكيس للحاج، وقال:صدقت، خذ هذا الكيس، إنه كيسك الذي تبحث عنه. نظر الحاج في الكيس فوجد الدنانير كاملة، فقال للرجل:لا يا أخي، هذا الكيس لك أنت ومعه كيس آخر به ألف دينار.
تعجب الرجل من كلام الحاج، وقال:أعطيتك كيسك فتقول أنه لي، وتعطيني زيادة عليه كيسا آخر به الف دينار! إني لا افهم شيئا مما تقول!. قال الحاج: أعطاني هذه الدناير رجل مؤمن من اهل مصر، وأوصاني أن اضع بعضها في الحرم، فإذا عثر عليها شخص، وردّها إلي، أعطيته باقي الدنانير. زادت دهشة الرجل من كلام الحاج وسأله:لكن، لماذا طلب الرجل المؤمن منك ذلك؟!. أجاب الحاج: لقد أراد الرجل المؤمن أن يتصدّق بهذا المبلغ، وكان يودّ أن تكون الصّدقة من نصيب رجل أمين، وأنت رددت الأمانة، ومن يرد الأمانة فهو أمين، والأمين – يا أخي – يأكل ويتصدّق، وبذلك تكون صدقة صاحب المال مقبولة.
أعطى الحاج الرجل الفقير الكيسين، حمل الرجل الفقير الدنانير إلى زوجته، وقصّ عليها الحكاية.. فرحت الزوجة وقالت لزوجها:أمّا الآن، فهذا المال حلال لك ولعيالك، هيّا اذهب واشتري لنا ما نأكله، فأولادنا جائعون، ولا تنسى أن تتصدّق منه، فهناك من هم أحوج إلى المال منّا.
قال الرجل وهو ينصرف إلى السوق:سأفعل يا زوجتي، الحمد لله الذي هداني إلى طريق الخير، ورزقني هذا الرّزق الوفير!.