وجوب الإيمان بالملائكة :
الإيمان بالملائكة؛ هو الاعتقاد الجازم بوجودهم، وأنهم مخلوقون لله سبحانه، قال تعالى: { ولكن البرَّ من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة {(البقرة:177).
والإيمان بالملائكة: ركن من أركان الإيمان، فلا يصح إيمان العبد إلا به، وقد دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، قال تعالى:} آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله { (البقرة: 285).
وفي حديث جبريل المشهور، قال - صلى الله عليه وسلم - عندما سئل عن الإيمان: ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره ) رواه مسلم ، وأجمع المسلمون قاطبة على وجوب الإيمان بالملائكة، وعليه فمن أنكر وجود الملائكة من غير جهل يعذر به فقد كفر، لتكذيبه القرآن في نفي ما أثبته، وقد قرن الله عز وجل الكفر بالملائكة بالكفر به، قال تعالى:} ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا { ( النساء: 136).
والإيمان بالملائكة ليس على درجة واحدة، فهناك الإيمان المجمل، وهو الإيمان بوجودهم، وأنهم خلق من خلق الله سبحانه، وهذا القَدْر من الإيمان بالملائكة واجب على عموم المكلفين، وهناك الإيمان التفصيلي، وذلك بمعرفة ما يتعلق بالملائكة مما ورد به الشرع المطهر، وطلب هذا واجب على الكفاية، فلا يطالب به كل مكلف، بل هو واجب على مجموع الأمة، بحيث إذا قام به البعض، وحصلت بهم الكفاية، سقط عن الآخرين.
مرتبة الملائكة عند ربهم
لعل من أعظم الآيات، التي تدل على عظم مكانة الملائكة عند ربهم، قوله تعالى: { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم }(آل عمران:18)، ووجه الدلالة؛ أن الله احتج بشهادتهم على أعظم مشهود على الإطلاق، وهو توحيده سبحانه، وقرن شهادتهم بشهادته، والله لا يستشهد من خلقه إلا من عظم قدره عنده، فهذه الآية تدل على علو قدرهم ومكانتهم.
صفات الملائكة الخلقية والخُلقية :
خلقت الملائكة من نور، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، وكان خلقهم متقدما على خلق البشر، كما دلّ على ذلك ما قصه القرآن علينا من قصة خلق آدم عليه السلام، قال تعالى :} وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة { (البقرة:30). فالآية واضحة الدلالة على أن وجود الملائكة سابق لوجود البشر .
وتشير النصوص إلى عظم خلق الملائكة من حيث الجملة، كما في وصف الملائكة الموكلة بالنار:} غلاظ شداد { (التحريم: 6). وقال تعالى في وصف جبريل عليه السلام: } ذي قوة { (التكوير : 20) .
وقال صلى الله عليه وسلم في وصف جبريل أيضاً: ( رأيته منهبطاً من السماء، سادًا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض ) رواه مسلم .
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم أحد حملة العرش، فقال: ( أذن لي أن أحدث عن أحد حملة العرش، ما بين شحمة أذنه وعاتقه، مسيرة سبعمائة عام ) رواه أبو داود وصححه الحافظ ابن حجر .
وهم على عظم خلقهم لا يأكلون ولا يشربون، ولهم قدرة على التشكل، كما دلت على ذلك قصة إبراهيم مع الملائكة، عندما أتوه في صورة شبان، فقدم لهم الطعام، فلم يأكلوا، قال تعالى:} هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم { ( الذاريات : 24-28).
ومما يدل على ذلك أيضا، مجيئهم لوطاً عليه السلام في صورة شبان حسان الوجوه، قال تعالى } ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب } (هود:77)، ومجيء جبريل عليه السلام إلى مريم عليها السلام في صورة بشر، قال تعالى:} فتمثل لها بشرا سويا { (مريم : 17) .
وكذلك كان جبريل عليه السلام يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة الصحابي دحية الكلبي ، كما في صحيح مسلم ، وفي صورة أعرابي، كما في حديث جبريل المشهور في صحيح مسلم .
ووصفهم الله سبحانه بأنهم:} أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع { (فاطر:1), ومن صفاتهم الخَلقية أنهم لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة، فمن وصفهم بالأنوثة من غير جهل فقد كفر؛ لتكذيبه القرآن في نفي ذلك، قال تعالى:{ أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما }(الإسراء:40)، ومن وصفهم بالذكورة، فقد جاء بدعا من القول وزورا، لإثباته ما لم يثبت شرعا، ونفي أن يكونوا إناثا لا يلزم أن يكونوا ذكورا، فإن الملائكة خلق يختلف عن خلق الإنس والجن .
وأما صفاتهم الخُلُقية، فهم من أعظم الخلْق خُلقاً، فقد وصفهم الرب سبحانه بأنهم:} كرام بررة {(عبس:16)، ووصفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأوصاف ذاتها حين قال الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ... ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح .
ومن صفاتهم: أنهم معصومون من الذنوب والمعاصي لا يقربونها، قال تعالى:{ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون }(التحريم:6). وهم مع عصمتهم من الذنوب والمعاصي دائمو الطاعة لله سبحانه، قال تعالى: { يسبحون الليل والنهار لا يفترون }(الأنبياء:20).
ومن أخلاقهم الحياء، ففي الحديث أن أبا بكر و عمر رضي الله عنها، دخلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو كاشف فخذه، فلم يسترها، فلما دخل عثمان جلس النبي صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه، فسألته عائشة رضي الله عنها عن ذلك، فقال ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ) رواه مسلم .
ومن صفاتهم أيضا أنهم يتأذون من الروائح الكريهة، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث، فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها، فقال: ( من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تأذى مما يتأذى منه الإنس ).
وأما عددهم فلا يعلمه إلا الله سبحانه، حيث ردّ علم ذلك إلى نفسه، فقال:} وما يعلم جنود ربك إلا هو { (المدثر:31).
وجاء في صفة البيت المعمور أنه: ( يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه آخر ما عليهم ) رواه مسلم .
وعدّ صلى الله عليه وسلم الملائكة الذين يأتون بجهنم بأربع مليار وتسعمائة مليون ملك، كما دل على ذلك حديث : ( يؤتي بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك ) رواه مسلم . وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوما: ( إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السماء وحُقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتكم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله ) رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني ، فهذه الأحاديث وغيرها تدل على كثرة عدد الملائكة ، وأنه لا يحصي عددهم إلا الله ، فليس أمام المسلم أمام هذا الملكوت العظيم، إلا أن يسبح الله بحمده، ويسأله عفوه ولطفه على التقصير والتفريط .
منقول
الإيمان بالملائكة؛ هو الاعتقاد الجازم بوجودهم، وأنهم مخلوقون لله سبحانه، قال تعالى: { ولكن البرَّ من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة {(البقرة:177).
والإيمان بالملائكة: ركن من أركان الإيمان، فلا يصح إيمان العبد إلا به، وقد دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، قال تعالى:} آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله { (البقرة: 285).
وفي حديث جبريل المشهور، قال - صلى الله عليه وسلم - عندما سئل عن الإيمان: ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره ) رواه مسلم ، وأجمع المسلمون قاطبة على وجوب الإيمان بالملائكة، وعليه فمن أنكر وجود الملائكة من غير جهل يعذر به فقد كفر، لتكذيبه القرآن في نفي ما أثبته، وقد قرن الله عز وجل الكفر بالملائكة بالكفر به، قال تعالى:} ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا { ( النساء: 136).
والإيمان بالملائكة ليس على درجة واحدة، فهناك الإيمان المجمل، وهو الإيمان بوجودهم، وأنهم خلق من خلق الله سبحانه، وهذا القَدْر من الإيمان بالملائكة واجب على عموم المكلفين، وهناك الإيمان التفصيلي، وذلك بمعرفة ما يتعلق بالملائكة مما ورد به الشرع المطهر، وطلب هذا واجب على الكفاية، فلا يطالب به كل مكلف، بل هو واجب على مجموع الأمة، بحيث إذا قام به البعض، وحصلت بهم الكفاية، سقط عن الآخرين.
مرتبة الملائكة عند ربهم
لعل من أعظم الآيات، التي تدل على عظم مكانة الملائكة عند ربهم، قوله تعالى: { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم }(آل عمران:18)، ووجه الدلالة؛ أن الله احتج بشهادتهم على أعظم مشهود على الإطلاق، وهو توحيده سبحانه، وقرن شهادتهم بشهادته، والله لا يستشهد من خلقه إلا من عظم قدره عنده، فهذه الآية تدل على علو قدرهم ومكانتهم.
صفات الملائكة الخلقية والخُلقية :
خلقت الملائكة من نور، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، وكان خلقهم متقدما على خلق البشر، كما دلّ على ذلك ما قصه القرآن علينا من قصة خلق آدم عليه السلام، قال تعالى :} وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة { (البقرة:30). فالآية واضحة الدلالة على أن وجود الملائكة سابق لوجود البشر .
وتشير النصوص إلى عظم خلق الملائكة من حيث الجملة، كما في وصف الملائكة الموكلة بالنار:} غلاظ شداد { (التحريم: 6). وقال تعالى في وصف جبريل عليه السلام: } ذي قوة { (التكوير : 20) .
وقال صلى الله عليه وسلم في وصف جبريل أيضاً: ( رأيته منهبطاً من السماء، سادًا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض ) رواه مسلم .
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم أحد حملة العرش، فقال: ( أذن لي أن أحدث عن أحد حملة العرش، ما بين شحمة أذنه وعاتقه، مسيرة سبعمائة عام ) رواه أبو داود وصححه الحافظ ابن حجر .
وهم على عظم خلقهم لا يأكلون ولا يشربون، ولهم قدرة على التشكل، كما دلت على ذلك قصة إبراهيم مع الملائكة، عندما أتوه في صورة شبان، فقدم لهم الطعام، فلم يأكلوا، قال تعالى:} هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم { ( الذاريات : 24-28).
ومما يدل على ذلك أيضا، مجيئهم لوطاً عليه السلام في صورة شبان حسان الوجوه، قال تعالى } ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب } (هود:77)، ومجيء جبريل عليه السلام إلى مريم عليها السلام في صورة بشر، قال تعالى:} فتمثل لها بشرا سويا { (مريم : 17) .
وكذلك كان جبريل عليه السلام يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة الصحابي دحية الكلبي ، كما في صحيح مسلم ، وفي صورة أعرابي، كما في حديث جبريل المشهور في صحيح مسلم .
ووصفهم الله سبحانه بأنهم:} أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع { (فاطر:1), ومن صفاتهم الخَلقية أنهم لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة، فمن وصفهم بالأنوثة من غير جهل فقد كفر؛ لتكذيبه القرآن في نفي ذلك، قال تعالى:{ أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما }(الإسراء:40)، ومن وصفهم بالذكورة، فقد جاء بدعا من القول وزورا، لإثباته ما لم يثبت شرعا، ونفي أن يكونوا إناثا لا يلزم أن يكونوا ذكورا، فإن الملائكة خلق يختلف عن خلق الإنس والجن .
وأما صفاتهم الخُلُقية، فهم من أعظم الخلْق خُلقاً، فقد وصفهم الرب سبحانه بأنهم:} كرام بررة {(عبس:16)، ووصفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأوصاف ذاتها حين قال الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ... ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح .
ومن صفاتهم: أنهم معصومون من الذنوب والمعاصي لا يقربونها، قال تعالى:{ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون }(التحريم:6). وهم مع عصمتهم من الذنوب والمعاصي دائمو الطاعة لله سبحانه، قال تعالى: { يسبحون الليل والنهار لا يفترون }(الأنبياء:20).
ومن أخلاقهم الحياء، ففي الحديث أن أبا بكر و عمر رضي الله عنها، دخلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو كاشف فخذه، فلم يسترها، فلما دخل عثمان جلس النبي صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه، فسألته عائشة رضي الله عنها عن ذلك، فقال ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ) رواه مسلم .
ومن صفاتهم أيضا أنهم يتأذون من الروائح الكريهة، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث، فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها، فقال: ( من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تأذى مما يتأذى منه الإنس ).
وأما عددهم فلا يعلمه إلا الله سبحانه، حيث ردّ علم ذلك إلى نفسه، فقال:} وما يعلم جنود ربك إلا هو { (المدثر:31).
وجاء في صفة البيت المعمور أنه: ( يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه آخر ما عليهم ) رواه مسلم .
وعدّ صلى الله عليه وسلم الملائكة الذين يأتون بجهنم بأربع مليار وتسعمائة مليون ملك، كما دل على ذلك حديث : ( يؤتي بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك ) رواه مسلم . وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوما: ( إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السماء وحُقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتكم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله ) رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني ، فهذه الأحاديث وغيرها تدل على كثرة عدد الملائكة ، وأنه لا يحصي عددهم إلا الله ، فليس أمام المسلم أمام هذا الملكوت العظيم، إلا أن يسبح الله بحمده، ويسأله عفوه ولطفه على التقصير والتفريط .
منقول