سوار المعصم في المتشابه والمحكم
قال تعالى ( هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) سورة آل عمران آية 7
عن عائشة رضي الله عنها قالت قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم « هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات » إلى قوله « أولوا الألباب » فقال فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم. رواه البخاري مسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجة وأحمد، واللفظ لأحمد
أما لفظ البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية « هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات » إلى قوله « وما يذكر إلا أولوا الألباب » قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّى فاحذروهم.
وقوله تعالى « وما يعلم تأويله إلا الله » اختلف القراء في الوقف هاهنا فقيل على الجلالة كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال التفسير على أربعة أنحاء:
1- تفسير لا يعذر أحد في فهمه
2- وتفسير تعرفه العرب من لغاتها
3- وتفسير يعلمه الراسخون في العلم
4- وتفسير لا يعلمه إلا الله.
ويُروى هذا القول عن عائشة وعروة وأبي الشعشاء وأبي نُهَيْك وغيرهم.
ومعنى المتشابه والمحكم هو كما فصَّله العلماء ، قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : ]
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمر به ويعمل به وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس والسدي أنهم قالوا المحكم الذي يُعمل به.
وعن ابن عباس أيضا أنه قال المحكمات قوله تعالى « قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا » والآيات وقوله تعالى « وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه » إلى ثلاث آيات بعدها
رواه ابن أبي حاتم
وحكاه عن سعيد بن جبير به قال حدثنا أبي حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن إسحاق بن سويد أن: يحيى بن يعمر وأبا فاختة تراجعا في هذه الآية وهي « أم الكتاب وأخر متشابهات » فقال أبو فاختة فواتح السور وقال يحيى بن يعمر الفرائض والأمر والنهي والحلال والحرام وقال ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير « هن أم الكتاب » يقول أصل الكتاب
وإنما سمَّاهن أم الكتاب لأنهن مكتوبات في جميع الكتب وقال مقاتل بن حيان لأنه ليس من أهل دين إلا يرضى بهنَّ.
وقيل في المتشابهات المنسوخة والمقدم منه والمؤخر والأمثال فيه والأقسام وما يؤمن به ولا يعمل به.
رواه بن أبي طلحة عن ابن عباس وقيل هي الحروف المقطعة في أوائل السور قاله مقاتل بن حيان.
وعن مجاهد المتشابهات يصدق بعضها بعضا وهذا إنما هو في تفسير قوله « كتابا متشابها مثاني » هناك ذكروا أن المتشابه هو الكلام الذي كون في سياق واحد والمثاني هو الكلام في شيئين متقابلين كصفة الجنة وصفة النار وذكر حال الأبرار وحال الفجار ونحو ذلك .
وأما هاهنا فالمتشابه هو الذي يقابل المحكم وأحسن ما قيل فيه هو الذي قدمنا وهو الذي نص عليه محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله حيث قال منه آيات محكمات فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم الباطل ليس لهن تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه قال والمتشابهات في الصدق ليس لهن تصريف وتحريف وتأويل إبتلى الله فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام ألا يصرفن إلى الباطل ولا يحرفن عن الحق ولهذا قال الله تعالى « فأما الذين في قلوبهم زيغ » أي ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل « فيتبعون ما تشابه منه »
أي إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة وينزلوه عليها لاحتمال لفظه لما يصرفونه فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه لأنه دافع لهم وحجة عليهم ولهذا قال الله تعالى « إبتغاء الفتنة » أي الإضلال لأتباعهم إيهاما لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن وهو حجة عليهم لا لهم،
كما لو أحتج النصارى بأن القرآن قد نطق بأن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم وتركوا الإحتجاج بقوله « إن هو إلا عبد أنعمنا عليه » وبقوله « إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون » وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرحة بأنه خلق من مخلوقات الله وعبد ورسول من رسل الله وقوله تعالى « وإبتغاء تأويله » أي تحريفه على ما يريدون وقال مقاتل بن حيان والسدي يبتغون أن يعلموا ما يكون وما عواقب الأشياء من القرآن [
كذلك لو احتجَّ الجهمية بقولهم أنَّ الله في كل مكانٍ بآيات مثل (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) سورة الحديد آية 4 فلفظ (وهو معكم أين ما كنتم) متشابه ، ومُحكمها أي بعمله والدليل:
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة المجادلة ) آية 7 باجماع السلف أنَّ الله على العرش ، وعلمه في كل مكان لا يخلو شيء من علمه.
فلو كان الله في كل مكانٍ كما يعتقد الجهمية للزم أن يكون في الأجسام والحشوش ، والأبدان والخلاء والهواء والماء والتراب والطين ، وهذا لا يتصوره عقل كما لا يمكن لأن حدوث ذلك يؤدي إلى قول النصارى بالحلول ، أي أنَّ الله عز وجل حلَّ في بعض مخلوقاته (عيسى ابن مريم) تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
وكذلك لو احتج الفُجَّارُ بقوله تعالى (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) سورة فصلت آية 40 على عمل ما يشاؤون ، قلنا هذه متشابهة والمحكم منه ( إنه بما تعملون بصير) أي يجازيكم به فهذا مقام تهديدٍ لا مقام تخييرٍ .
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير « 3442 » حدثنا هاشم بن مرثد حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش حدثني أبي حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله « وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به » الآية وإن يودوا ذا علمهم فيضيعوه ولا يبالون عليه. هذا حديث غريب جدا كما قال ابن كثير رحمه الله.
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس فقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل. متفق عليه
واختلفوا في الوقف في هذه الآية هل هو على (تأويله إلا الله ) وقف تام ثم استئناف ،
أو أنه موصول (إلا الله والراسخون في العلم يقولون...)
ومن العلماء من فصَّل هذا المقام فقال التأويل يُطلق ويُراد به في القرآن معنيان أحدهما التأويل بمعنى حقيقة الشيء وما يؤول أمره إليه ومنه قوله تعالى « وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل » وقوله « هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله » أي حقيقة ما أخبروا به من أمر المعاد.
فإن أريد بالتأويل هذا فالوقف على الجلالة لأن حقائق الأمور وكنهها لا يعلمه على الجلية إلا الله عز وجل ويكون قوله « والراسخون في العلم » مبتدأ و « يقولون آمنا به » خبره.
وأما إن أريد بالتأويل المعنى الآخر وهو التفسير والبيان والتعبير عن الشيء كقوله « نبئنا بتأويله » أي بتفسيره فإن أريد به هذا المعنى فالوقف على « والراسخون في العلم » لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الأعتبار وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه.
وعلى هذا فيكون قوله « يقولون آمنا به » حال منهم، وساغ هذا وأن يكون من المعطوف دون المعطوف عليه كقوله « للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم » إلى قوله « يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا » الآية وقوله تعالى « وجاء ربك والملك صفا صفا » أي وجاء الملائكة صفوفا صفوفا
يعني يقصد أن يقِف على المبتدأ ، ويبتدأ الجملة الثانية بعد وقف افتراضي (يفترضه القارئ تبعًا للمعنى)
وقوله إخبارا عنهم إنهم يقولون آمنا به أي المتشابه كل من عند ربنا أي الجميع من المحكم والمتشابه حق وصدق وكل واحد منهما يصدق الآخر ويشهد له لأن الجميع من عند الله وليس شيء من عند الله بمختلف ولا متضاد كقوله « أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا »
ولهذا قال تعالى « وما يذكر إلا أولوا الألباب » أي إنما يفهم ويعقل ويتدبر المعاني على وجهها أولوا العقول السليمة والفهوم المستقيمة.
وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عوف الحمصي حدثنا نعيم بن حماد حدثنا فياض الرقي حدثنا عبد الله بن يزيد وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنسا وأبا أمامة وأبا الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الراسخين في العلم فقال من برَّت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه ومن عف بطنه وفرجه فذلك من الراسخين في العلم.
وهذا حديث ضعيف فيه نعيم بن حماد
وقال الإمام أحمد « 2/185 » حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما يتدارؤن فقال إنما هلك من كان قلبكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض وإنما أنزل كتاب الله ليصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوا به وما جهلتم فكلوه إلى عالمه.
1- ومن رد المتشابه إلى المحكم الآية التي في حكم الظهار (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) سورة المجادلة آية 3
هنا أبهم الرقبة أو نكَّرها لم يُبيِّن هي مؤمنة أو لا ، فذهب بعض العلماء منهم مالك والشافعي إلى حملها على المحكم المقيد وهي المؤمنة من آية (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً) سورة النساء آية 92
وبعض العلماء يقول لا ، إذا لم يذكر رقبة مؤمنة فأي رقبة تُجزئ ، والقولان مبسوطان في كتب الفقه.
2- وأيضًا من حمل المتشابه على المحكم ، قوله تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) سورة الدخان آية 3 وقال في سورة القدر آية 1 (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)
3- وأيضًا (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) سورة المزمل آية 15 فأبهم الرسول ، وذكره في سورة غافر صراحة (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ(23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ(24).
4- وأيضًا من حالات حمل المتشابه بالمحكم كفَّارة الصيام هل هي متتابعة أم لا ؟
فالآية 89 في سورة المائدة ( لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
لم تقيِّدْ بصيام متتابع ، بينما الآية في كفَّارتي الظهار وقتل النفس المؤمنة بالخطأ قيَّدتا بالتتابع (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً) سورة النساء آية 92
(فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) سورة المجادلة آية 4
فهذان القولان مشهوران لدى الفقهاء وهما مبسوطان في كتب الفقه ، أي القول بتتابع كفارة الصيام أو عدم اشتراط التتابع.
قلت : والظاهر عندي أنَّ التقييد خاصة بالكفارة ، فكفارة قتل مؤمن خطئا تشترط الإيمان في الرقبة لأنَّ فيها حقًّا لله وحقًّا للمؤمنين وأمرٌ لا يمكن تداركه ، فاشترط الإيمان. لكن في الظهار وكفارة الجماع في رمضان فأيضًا فيها حق الله وحق الرجل وامرأته لكن ليس فيها أمرٌ لا يمكن تداركه ، بل تداركه ممكن ولذلك عدل عنه إلى الإطعام ستين مسكينًا إذا عجز ، ولم يعدل للإطعام إذا عجز عن الصيام في قتل النفس، وهنا يظهر لك الفرق بين الأمرين.
كما أن الله إذا أراد تقييد شيء ما كان في إبهامه كبير فائدة ، بل يجب أن يوضح الله لنا الآيات بإحكام (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) سورة النحل آية 44 ، (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) سورة النحل آية 89 فإذا كان القرآن تبيانا لكل شيء فيكون إبهام الشيء دليل التوسُّعِ فيه ، ويكون تخصيصه دليل التقييد فيه.
5- لفظة إمام لها معانٍ كثيرةٍ في الكتاب والسنة ، فمن معاني الرسول (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) سورة الإسراء آية 71 ، والأرجح أنها من معاني الكتاب لأنه ذكره في ذات الآية
كذلك تُوكِّدُهُ آية ياسين (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)
ومن معاني القائد المتبوع في الدين (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) سورة الفرقان آية 74
ومن معان القائد المتبوع في الدنيا (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ) سورة القصص آية 41 عن فرعون وقومه
وليس معناه علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما تزعم الرافضة ، الذين يُؤوِّلون كل لفظة في الكتاب على مذهبهم الباطل
6- الكتاب تأتي بمعنى اللوح المحفوظ كما في آية (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) ياسين رقم 12 ، وآية الأنعام (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) رقم 38
وما سوى ذلك فالمقصود بالكتاب القرآن ، وإذا كان الخطاب لأهل الكتاب (اليهود والنصارى) فالمقصود هو التوراة والإنجيل
7- لفظة مسجد في آية (لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) آية 107 سورة التوبة ، والمحكم فيها بالحديث الشريف أو التوضيح
قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن آدم حدثنا مالك يعني ابن مغول سمعت سيارا أبا الحكم عن شهر بن حوشب عن محمد بن عبد الله بن سلام قال لقد قد م رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني قباء فقال إن الله عز وجل قد أثنى عليكم في الطهور خيرا أفلا تخبروني يعني قوله « فيه رجال يحبون أن يتطهروا » فقالوا يا رسول الله إنا نجده مكتوبا علينا في التوراة الاستنجاء بالماء
ورواية أخرى قال الإمام أحمد « 3/89 » حدثنا موسى بن داود حدثنا ليث عن عمران بن أبي أنس عن سعيد بن أبي سعيد الخدري قال تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم فقال أحدهما هو مسجد قباء وقال الآخر هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مسجدي هذا
فهذا يُبيِّنُ أنَّ المسجد المذكور في القرآن هو مسجد مُعيَّنٌ رغم أنه نكرة في السياق.
8- ومن المتشابه لفظة رفث (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) آية 197 في سورة البقرة ، فالأظهر أنه الجماع لقوله في ذات السورة آية 187 (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)
9- من المتشابه لفظة قروء ( جمع : قِرء أو قَرء ) ففيه قولان.
قال النسائي « 1/121و 211 » من طريق المنذر بن المغيرة عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت أبي حبيش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها دَعي الصلاة أيام اقرائك فهذا لو صح لكان صريحا بان القرء هو الحيض ولكن المنذر هذا قال فيه أبو حاتم مجهول ليس بمشهور وذكره ابن حبان في الثقات بمعنى أنه الحيض ،
والقول الثاني أنه الطُهر قال مالك في الموطأ « 2/576 577 » عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت صدق عروة وقد جادلها في ذلك ناس فقالوا إن الله تعالى يقول في كتابه « ثلاثة قروء » فقالت عائشة صدقتم وتدرون ما الأقراء إنما الأقراء الأطهار
والقول الثالث وهو أغرب الأقوال أنه الوقت ، أي وقت الحيض وهذا لم أقف على قائله.
10- من المتشابه آل البيت في القرآن الكريم (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) سورة الأحزاب آية 33 ويوضحها الحديث الصحيح قال مسلم في صحيحه « 2408 » حدثني زهير بن حرب وشجاع بن مخلد جميعا عن ابن علية قال زهير حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثني أبو حيان حدثني يزيد بن حبان قال انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن سلمة إلى زيد بن أرقم رضي الله عنه فلما جلسنا إليه قال له حصين لقد لقيت يازيد خيرا كثيرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا
حدثنا يازيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا ابن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حدثتكم فاقبلوا ومالا فلا تكلفوا فيه ثم قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلميوما خطيبا بماء يدعى خمسا بين مكة والمدينة فحمد الله تعالى وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال أما بعد ألا أيها الناس فأنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله تعالى فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله عز وجل ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا
فقال له حصين ومن أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال ومن هم قال هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس رضي الله عنهم قال كل هؤلاء حرم الصدقة بعده قال نعم
قلت: والآية صريحة أنَّ أهل البيت هم نساؤه والدليل (فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ) سورة الحجر آية 61 ، (قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ) سورة هود آية 73
11- من المتشابه (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) سورة النساء آية 16
فالسبيل هنا بيَّنهُ الحديث الصحيح عن عبادة بن الصامت قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي أثر عليه وكرب لذلك وتغير وجهه فأنزل الله عز وجل عليه ذات يوم فلما سرى عنه قال خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب والبكر بالبكر الثيب جلد مئة ورجم بالحجارة والبكر جلد مئة ثم نفى سنة. رواه مسلم وأصحاب السنن وأحمد رحمهم الله
وفي سورة النور (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) آية 2 ، وكان الرجم مَتْلوًّا ثم نُسخ لفظه وبقِيَ حكمه.
12- من المتشابهات لفظ ذكر ، فهي في (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ) سورة يس آية 69 بمعنى السنة النبوية والدليل أنه فرق بينها وبين القرآن وكذلك في سورة النحل (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) آية 44
وتأتي بمعناها الأصلي وهو ذكر الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) سورة الأحزاب آية 41
وتأتي بمعنى القرآن (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) سورة ص آية 1
وتأتي بمعنى التذكير (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) سورة الذاريات آية 55
13- من عظيم المتشابه لفظة الفتح ، فهي تأتي بمعنى فتح الحُديبية سنة السادس من الهجرة (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً) سورة الفتح آية 1 ، وتأتي بمعنى فتح مكة (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) سورة النصر آية 1 ، وتأتي بمعنى يوم القيامة (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) سورة الم التنزيل آية 28 والله أعلم
14- من متشابه الألفاظ الآيات التسع لموسى عليه السلام (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً) سورة الاسراء آية 101 وتفسيرها في سورة الأعراف (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ(107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ(108) (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) آية 130 (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ) آية 133
15- من المتشابه لفظ الظلم والظلمات ، فهي أصلًا بمعنى الكفر (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) سورة البقرة آية 254 ، حصر الظلم في الكافرين لأنهم أظلم الظلمة ، وتأتي بمعنى الظلمات (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) أول آية سورة الأنعام ، وتأتي بمعنى الشرك (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) سورة الأنعام آية 82
قال البخاري « 4629 » حدثنا محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لما نزلت « ولم يلبسوا إيمانهم بظلم » قال أصحابه وأينا لم يظلم نفسه فنزلت « إن الشرك لظلم عظيم »
وعند مسلم قالوا يا رسول الله أينا لم يظلم نفسه ؟؟ قال ذلك الشرك ألم تسمعوا لقول العبد الصالح (لقمان) « إن الشرك لظلم عظيم »
16- أيضًا لفظ الصوم فهو في اللغة الإمساك عن شيء ، ففي القرآن على لسان مريم عليها السلام (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً) سورة مريم آية 26 هو الإمساك عن الكلام ، وفي سورة البقرة آية 183 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) هو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع من الفجر إلى غروب الشمس ، وهذا صيام شرعنا
17- التسبيح في القرآن له معانٍ أبرزها التقديس والتنزيه (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) سورة الإسراء آية 1 ، وكذلك (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) سورة يس آية 83.
ومنها الصلاة (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) سورة طه آية 130 وكذلك (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) سورة الروم آية 17
وتأتي بمعنى التسبيح أي قولك سبحان الله وبحمده في قوله (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً ) سورة الفرقان آية 58 وأيضًا (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) سورة مريم آية 11 والله أعلم
18- الأصل في كلمة مسلمين هي الإسلام ، لكنها جاءت بمعنى مُنقادين – طائعين في موضع واحدٍ (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) سورة النمل آية 31 والله أعلم
19- الظن في اللغة الشك أو عدم اليقين أو تساوي الفكرتين أو الرأيين ، فهي تأتي بالقرآن بمعنى اليقين للمؤمنين والشك للكافرين ، والدليل (إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ) سورة الحاقة آية 20 فهذا للموحِّد الذي يعلم أنه ملاقٍ ربه ، (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) سورة البقرة آية 46
في صحيح مسلم أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ألم أزوجك ألم أكرمك ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول بلى فيقول أظننت أنك ملاقي فيقول لا فيقول الله تعالى فاليوم أنساك كما نسيتني
وأمَّا الكافر (وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) سورة الجاثية آية 32 (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى) سورة النجم آية 23
20- الأخوة في اللغة هي أبناء من أب وأم ، وفي القرآن أتت بهذا المعنى (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) سورة يوسف آية 76 (وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ) آية 59
(فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) آية 63 والسورة عمومًا، وأتت بمعنى الرجل من القوم (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ) آيات 106 – 124- 142 – 161 ولم يقل في شعيب أخوهم.
قال ابن كثير رحمه الله (هؤلاء يعني أصحاب الأيكة هم أهل مدين على الصحيح وكان نبي الله شعيب من أنفسهم وإنما لم يقل ههنا أخوهم شعيب لأنهم نسبوا إلى عبادة الأيكة وهى شجرة ملتف كالغيضة كانوا يعبدونها فلهذا لما قال كذب أصحاب الأيكة المرسلين
لم يقل إذ قال لهم أخوهم شعيب انما قال « إذ قال لهم شعيب » فقطع نسب الأخوة بينهم للمعنى الذي نُسِبوا إليه – أي الشرك - وإن كان أخاهم نسبا ومن الناس من لم يفطن لهذه النكتة فظن أن أصحاب الأيكة غير أهل مدين) بتصرف يسير
وأتت بمعنى أخوة الإسلام (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) سورة الحجرات آية 10 وهذه الآية تثبت أن المسلم لا يخرج من الإيمان بالأحداث العظام ومنها القتال كما قال البخاري رحمه الله
20- الإفك في اللغة الكذب والتخريص ، وفي القرآن جاءت بهذا المعنى (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ(8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ(9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ(10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ(11) سورة الذاريات ففي الآية التاسعة جمع المعنيين أي الضلال والكذب ، يعني أنهم ضلُّوا بما كذَّبوا
وتأتي بمعنى القذف والبهتان العظيم كما في قصة أم المؤمنين عائشة الصديق بنت الصديق رضي الله عنهما (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) آية 11 من سور النور والآيات التي تليها.
وتأتي بمعنى الخطايا (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) سورة التوبة آية 70 ومثلها (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى) سورة النجم آية 53
21- تأتي فترة العام في القرآن بألفاظ منها السنة والعام والحول ، (فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) سورة الروم آية 4 ، (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) سورة لقمان آية 14 ، (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) سورة البقرة آية 237
22- الحكمة هي حسن التصرف في الوقت الأمثل بالفعل الأمثل ، وهي تأتي بمعنى السنة النبوية الشريفة إذا جاءت مقرونة بالكتاب (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً) سورة الأحزاب 34 (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ) آية 48 سورة آل عمران
وبمعنى حسن التصرف (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) سورة البقرة آية 269
- قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ومحكمة ومتشابهة ومقدمه ومؤخره وحلاله وحرامه وأمثاله
- وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا الحكمة القرآن يعني تفسيره قال ابن عباس فانه قد قرأه البر والفاجر رواه ابن مردويه
- وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد يعني بالحكمة الاصابة في القول
- وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد « يؤتى الحكمة من يشاء » ليست بالنبوة ولكنه العلم والفقه والقرآن
- وقال أبو العالية الحكمة خشية الله فان خشية الله رأس كل حكمة
- وقال الإمام أحمد « 1/432 » حدثنا وكيع ويزيد قالا حدثنا إسماعيل يعني بن أبي خالد عن قيس وهو ابن أبي حازم عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها وهكذا رواه البخاري « 73 » ومسلم « 816 » والنسائي « كبرى 5840 » وابن ماجه « 4208 » من طرق متعددة . من تفسير ابن كثير
23- الصلاة في اللغة الدعاء ، ولهذا تقول النصارى نُصلِّي للرب أي ندعوه ، وفي القرآن لها معانٍ ، فإذا كانت من الله لعباده أو لرسوله فهي الثناء (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) سورة الأحزاب آية 56 وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث اللهم صل على آل أبي أوفى) متفق عليه
قال البخاري « قبل4797 » قال أبو العالية صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء وقال ابن عباس يصلون يبركون هكذا علقه البخاري عنهما
وتأتي بمعنى الصلاة أي العبادة (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ) سورة البقرة آية 43
23- الضرب في اللغة هو إصابة شيء باليد أو بسلاح أو غيره ، يقال ضربه أي أوجعه وآذاه ، وهي في القرآن (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ) سورة محمد آية 4 ، لكنها تأتي بمعنى الذكر أو الإعلام إذا جاءت مقرونة بالمثل (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) سورة الزمر آية 27 (ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) سورة النحل آية 75
24- الزكاة لغة النماء والزيادة ، والطهارة ، فهي بمعنى الفريضة أي إتيان المال (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ) سورة البقرة آية 43 وهي بمعنى زكاة النفس أي تطهيرها من الشرك والرجس (وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) آية 18 سورة فاطر (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا) سورة الشمس آية 9
25- الروح لها معانٍ منها (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) سورة الإسراء آية 85 بمعنى الروح أي قرين الجسد وقد تُسمَّى بالنفس.
وتأتي بمعنى القرآن والوحي والسنة النبوية الشريفة (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) سورة الشورى آية 52
ويأتي بمعنى جبريل عليه السلام (فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً) سورة مريم آية 17 (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) سورة الشعراء آية 193وإذا جاءت مقيَّدة بروح القدس أو الروح الأمين فهو جبريل عليه السلام
26- الوحي له معانٍ منها أصلها الإعلام بخفاءٍ ، (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً) سورة النساء آية 163 ، أي الوحي وهو وحي النبوة ويُصبح منه يُخاطب به نبيًّا من الله عز وجل.
ويأتي بمعنى الإشارة باليد أو بالكلام (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) سورة مريم آية 11
ويعني الإلهام إلى المخلوقات (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) سورة النحل آية 68
ويعني الإلهام بالقلب (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) سورة القصص آية 7
ويعني الإلهام والتأييد بالمعجزات والآيات والتصديق بالقلب للمؤمنين (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) سورة المائدة آية 111
27- جعل فعل يُستعمل كثيرًا في القرآن أساسًا بمعنى الخلق (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) سورة البقرة آية 29 ، كقوله (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) سورة البقرة آية 164
وتأتي بمعنى يعملون (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ) سورة النحل آية 56
وتأتي بمعنى الزعم أو تبديل القول (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) سورة الواقعة آية 82
وبمعنى الكذب والاختلاق (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ) سورة الزخرف آية 15 (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) آية 19
(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) سورة الزخرف آية 3 بمعنى أنزلناه ، كما قال في سورة يوسف (إِنَّا أنزلناهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) سورة يوسف آية 2، (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ) سورة الواقعة آية 73
28- كلمة الضلال أساسًا بمعنى الكفر والبُعد عن الله (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً) سورة النساء آية 116
وتأتي بمعنى الغفلة عن النبوة (وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى) سورة الضحى آية 7 ، (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) سورة الشعراء آية 20 يعني قتل موسى للقبطيٍّ، أي لم أكن أعلم
وتأتي بمعنى الخطأ (قَالُواْ تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ) سورة يوسف آية 95
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم