كيف يبتلى الصالحون في الدنيا.
والله يقول في القرآن: (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟
قال ابن القيم رحمه الله :
في قوله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )
وليس المراد منها الحياة المشتركة بين المؤمنين والكفار ، والأبرار والفجار ، من طيب المأكل ، والمشرب ، والملبس ، والمنكح ، بل ربما زاد أعداء الله على أوليائه في ذلك أضعافاً مضاعفة ، وقد ضمن الله سبحانه لكل مَن عمل صالحاً أن يحييه حياة طيبة ، فهو صادق الوعد الذي لا يخلف وعده ، وأي حياة أطيب من حياة اجتمعت همومه كلها ، وصارت هي واحدة في مرضات الله ، ولم يستشعب قلبه ، بل أقبل على الله ، واجتمعت إرادته ، وأفكاره التي كانت منقسمة ، بكل واد منها شعبة على الله ، فصار ذكر محبوبه الأعلى ، وحبه ، والشوق إلى لقائه ، والأنس بقربه ، وهو المتولى عليه ، وعليه تدور همومه ، وإرادته ، وتصوره ، بل خطرات قلبه ... .
" الجواب الكافي " ( ص 129 ، 130 ) .
وقال رحمه الله أيضاً :
وقد فُسرت الحياة الطيبة : بالقناعة ، والرضى ، والرزق الحسن ، وغير ذلك ، والصواب : أنها حياة القلب ، ونعيمه ، وبهجته ، وسروره بالإيمان ، ومعرفة الله ، ومحبته ، والإنابة إليه ، والتوكل عليه ؛ فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها ، ولا نعيم فوق نعيمه ، إلا نعيم الجنة
" مدارج السالكين " ( 3 / 259 ) .
قال ابن القيم - يصف حال شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو يتنقل في أصناف من البلاء والاختبار - :
قال لي مرة - يعني : شيخ الإسلام - :
ما يصنع أعدائي بي ؟!
أنا جنتي وبستاني في صدري ، أنَّى رحت فهي معي لا تفارقني ، إنّ حبْسي خلوة ، وقتْلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة " .
وكان يقول في محبسه في القلعة :
" لو بذلت ملء هذه القلعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة " ،
أو قال : " ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير " ، ونحو هذا .
وكان يقول في سجوده وهو محبوس :
" اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله ،
وقال لي مرة :
" المحبوس من حُبس قلبه عن ربه تعالى ، والمأسور من أسره هواه " ،
ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال : ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) الحديد/13 ، وعلم الله ما رأيتُ أحداً أطيب عيشاً منه قط ، مع كل ما كان فيه من ضيق العيش ، وخلاف الرفاهية والنعيم ، بل ضدها ، ومع ما كان فيه من الحبس ، والتهديد ، والإرهاق ، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً ، وأشرحهم صدراً ، وأقواهم قلباً ، وأسرهم نفساً ، تلوح نضرة النعيم على وجهه ، وكنا إذا اشتد بنا الخوف ، وساءت منا الظنون ، وضاقت بنا الأرض : أتيناه ، فما هو إلا أن نراه ، ونسمع كلامه ، فيذهب ذلك كله ، وينقلب انشراحاً ، وقوةً ، ويقيناً ، وطمأنينة ، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه ، وفتح لهم أبوابها في دار العمل ، فأتاهم من روحها ، ونسيمها ، وطيبها ، ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها.
والله يقول في القرآن: (فلَنَحيينهم حياة طيبة)؟
قال ابن القيم رحمه الله :
في قوله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )
وليس المراد منها الحياة المشتركة بين المؤمنين والكفار ، والأبرار والفجار ، من طيب المأكل ، والمشرب ، والملبس ، والمنكح ، بل ربما زاد أعداء الله على أوليائه في ذلك أضعافاً مضاعفة ، وقد ضمن الله سبحانه لكل مَن عمل صالحاً أن يحييه حياة طيبة ، فهو صادق الوعد الذي لا يخلف وعده ، وأي حياة أطيب من حياة اجتمعت همومه كلها ، وصارت هي واحدة في مرضات الله ، ولم يستشعب قلبه ، بل أقبل على الله ، واجتمعت إرادته ، وأفكاره التي كانت منقسمة ، بكل واد منها شعبة على الله ، فصار ذكر محبوبه الأعلى ، وحبه ، والشوق إلى لقائه ، والأنس بقربه ، وهو المتولى عليه ، وعليه تدور همومه ، وإرادته ، وتصوره ، بل خطرات قلبه ... .
" الجواب الكافي " ( ص 129 ، 130 ) .
وقال رحمه الله أيضاً :
وقد فُسرت الحياة الطيبة : بالقناعة ، والرضى ، والرزق الحسن ، وغير ذلك ، والصواب : أنها حياة القلب ، ونعيمه ، وبهجته ، وسروره بالإيمان ، ومعرفة الله ، ومحبته ، والإنابة إليه ، والتوكل عليه ؛ فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها ، ولا نعيم فوق نعيمه ، إلا نعيم الجنة
" مدارج السالكين " ( 3 / 259 ) .
قال ابن القيم - يصف حال شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو يتنقل في أصناف من البلاء والاختبار - :
قال لي مرة - يعني : شيخ الإسلام - :
ما يصنع أعدائي بي ؟!
أنا جنتي وبستاني في صدري ، أنَّى رحت فهي معي لا تفارقني ، إنّ حبْسي خلوة ، وقتْلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة " .
وكان يقول في محبسه في القلعة :
" لو بذلت ملء هذه القلعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة " ،
أو قال : " ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير " ، ونحو هذا .
وكان يقول في سجوده وهو محبوس :
" اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله ،
وقال لي مرة :
" المحبوس من حُبس قلبه عن ربه تعالى ، والمأسور من أسره هواه " ،
ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال : ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) الحديد/13 ، وعلم الله ما رأيتُ أحداً أطيب عيشاً منه قط ، مع كل ما كان فيه من ضيق العيش ، وخلاف الرفاهية والنعيم ، بل ضدها ، ومع ما كان فيه من الحبس ، والتهديد ، والإرهاق ، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً ، وأشرحهم صدراً ، وأقواهم قلباً ، وأسرهم نفساً ، تلوح نضرة النعيم على وجهه ، وكنا إذا اشتد بنا الخوف ، وساءت منا الظنون ، وضاقت بنا الأرض : أتيناه ، فما هو إلا أن نراه ، ونسمع كلامه ، فيذهب ذلك كله ، وينقلب انشراحاً ، وقوةً ، ويقيناً ، وطمأنينة ، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه ، وفتح لهم أبوابها في دار العمل ، فأتاهم من روحها ، ونسيمها ، وطيبها ، ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها.