طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ماداع لله داع أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع جئت شرفت المدينة مرحبا ياخير داع هذه كلمات الأبيات الأولى التي قيلت عندما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة النبوية حيث عاش فيها إلى أن لقي الرفيق الأعلى وبنى هناك مسجده الشريف وها أنا هنا ؛لأتحدث عن هذا المسجد العظيم
بدأ بناء المسجد في ربيع الأول سنة واحد من الهجرة بعد وصول النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة إلى المدينة , وهو أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم عندما قدم إليها وكان الأنصار يعترضون ناقته ويمسكون بزمامها، وكلٌ منهم يريد أن يتشرف بنزوله عنده، فيقول لهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) : « خلوا سبيلها فإنها مأمورة »، حتى بركت الناقة في مربد لغلامين يتيمين من الأنصار هما سهل وسهيل، فطلب الرسول منهما أن يشتري المربد ليبني فيه مسجده فقالا: « بل نهبه لك يا رسول الله . . . »، فأبى عليه الصلاة والسلام إلا أن يبتاعه منهما فدفع لهما ثمن المربد عشرة دنانير. وأقام عليه المسجد، وكان يعمل فيه بنفسه مع أصحابه الكرام بيده الشريفة، فينقل الحجارة ويحمل اللبن بنفسه وهم يرتجزون فيرتجز معهم ويردد: اللهم إن العيش عيش الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة بنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم مسجده في السنة الأولى من الهجرة وبعدها تتالت التوسعات للمسجد الشريف طوال القرون اللاحقه
تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين والزائرين في كل عام طرح الحاجة إلى توسعة المسجد مرة أخرى فقام الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله -بتوسعة المسجد النبوي لكي يستوعب أكبر عدد من المصلين والزائرين، حيث بدأ ما عرف بـ"التوسعة السعودية الثانية" عام 1405هـ. وتعتبر هذه التوسعة أعظم توسعة في تاريخ المسجد النبوي ليس في مساحتها واتساعها فحسب وإنما في قوتها وجودة بنائها وتوفر الخدمات والمرافق فيها. كان الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، قبل أن يؤمر بالأذان ، ينادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الصلاة جامعة) ، فيجتمع الناس،وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم قد أهمّه أمر الأذان ، فبينما هو على ذلك أتى إليه، عبد الله بن زيد الخزرجي رضي الله عنه فقال له : إنه طاف بي هذه الليلة طائف، مرَّ بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوساً في يده فقلت له: أتبيع هذا الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قال: قلت ندعو به إلى الصلاة ، قال : أفلا أدلك على خير من ذلك ؟ قال : قلت : وما هو ؟ قال : تقول: الله أكبر الله أكبر-إلى آخر الأذان- فلما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إنها رؤيا حق إن شاء الله ، فقم مع بلال فألقها عليه، فليؤذن بها، فإنه أندى منك صوتاً . ولم يكن للمسجد النبوي الشريف في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد خلفائه الراشدين مآذن (منائر) يرقى المؤذن فيؤذن عليها. بل كان بلال رضي الله عنه يصعد إلى الدار التي بجانب المسجد ويؤذن من هناك وإن أول من أحدث المئذنة (المنارة) عمر بن عبدالعزيز في عمارة الوليد بن عبد الملك للمسجد النبوي الشريف، فجعل في كل ركن من أركان المسجد مئذنة. واشتملت التوسعة السعودية الثانية على ست منارات جديدة . وبذلك يكون للمسجد بعد التوسعة عشر منارات. ووزعت هذه المنارات على كامل التوسعة، بحيث يوجد منارة في كل ركن من أركان التوسعة الجديدة، تضمنت توسعة خادم الحرمين الشريفينالملك فهد بن عبدالعزيز للمسجد النبوي إنشاء وتحسين الساحات المحيطة بالمسجد النبوي للاستفادة منها للصلاة وتحد هذه الساحات أسوار وبوابات من كل جانب ، وقد تم تبليط هذه الساحات بالجرانيت والرخام الملون وفوقها أشكال هندسية إسلامية. ولتيسير حركة وتنقل الأعداد الكبيرة من الحجاج والمعتمرين من وإلى المسجد النبوي ، أنشيء تحت الساحات مواقف للسيارات تتسع لحوالي (4.200) سيارة كان للمسجد النبوي ثلاثة أبواب في بنايته الأولى وهي: 1) باب في مؤخرة المسجد (أي جهة القبلة اليوم)
2) باب من جهة الغرب عرف بباب عاتكة (المعروف الآن بباب الرحمة). وسمي الباب باسمها لوجوده مقابل بيتها، ويرجع تسميته إلى باب الرحمة كما جاء في صحيح البخاري إلى أن رجلا دخل المسجد طالباً من الرسول صلى الله عليه وسلم الدعاء لإرسال المطر، فأمطرت السماء سبعة أيام ، ثم دخل في الجمعة الثانية طالباً برفع المطر خشية الغرق ، فانقشعت السحب ، واعتبر هذا رحمة بالعباد ، فأطلق عليه باب الرحمة ، 3) باب من جهة الشرق عرف بباب عثمان (المعروف الآن بباب جبريل). وأطلق عليه باب جبريل لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ،التقى بجبريل في هذا المكان في غزوة بني قريظة، وعرف بباب عثمان لوجوده مقابل بيته.
وتوالى زيادة عدد أبواب المسجد النبوي خلال توسعات المسجد النبوي عبر التاريخ مع الاحتفاظ بمسميات الأبواب الرئيسة الأساطين جمع اسطوانة وهي العمود والسارية التي يقوم عليها البناء، وأساطين المسجد النبوي الشريف في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، كانت من جذوع النخل وقد تحرى الذين وسعوا المسجد النبوي الشريف أن يحافظوا على أماكن هذه الأساطين، فيضع كل عمود في المكان الذي كانت فيه الأسطوانة أو السارية على عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد اشتهر من هذه الأساطين ثمان، وتلك الأساطين هي : 1-الأسطوانة المخلقة أو علم مصلى النبي صلى الله عليه وسلم. ومعنى المخلقة المطيبة ، من الخلوق وهو الطيب، 2-أسطوانة القرعة وتعرف بأسطوانة السيدة عائشة رضي الله عنها، 3-أسطوانة التوبة أو أسطوانة أبي لبابة.
4-أسطوانة السرير. وهي محل اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان له صلى الله عليه وسلم سرير من جريد النخل عندها 5-أسطوانة المحرس. كما تسمى بأسطوانة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه كان يجلس عندها يحرس النبي صلى الله عليه وسلم. 6-أسطوانة الوفود. وكان صلى الله عليه وسلم يجلس إليها ليقابل وفود العرب القادمين عليه، 7-أسطوانة مربعة القبر. تكون داخل الجدار المحيط بالقبر الشريف، ولا يتمكن الزائر للمسجد النبوي الشريف من رؤيتها 8-أسطوانة التهجد. المحراب لغة هو صدر البيت، وأكرم مواضعه، ومقام الإمام من المسجد. لم يكن للمسجد النبوي الشريف محراب مجوف، لا في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين من بعده. وإن المحراب المجوف الأول كان في المسجد النبوي الشريف في عمارة الوليد بن عبد الملك الأموية على يد عامله على المدينة عمر بن عبدالعزيز ولقد تعددت المحاريب في المسجد النبوي الشريف على النحو التالي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستند إلى جذع نخلة أثناء خطبته إذا طال به الوقت وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب على جذع، فأتاه رجل رومي فقال: "اصنع لي منبراً أخطب عليه". فصنع له منبره هذا الذي ترون، فلما قام عليه يخطب حن الجذع حنين الناقة إلى ولدها، فنزل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضمه إليه فسكت، فأمر به أن يدفن ويحفر له. و في عام 998 هـ: أرسل السلطان مراد العثماني منبراً مصنوعاً من الرخام جاء في غاية الإبداع، ودقة صناعته، وروعة زخرفته ونقوشه، وطلي بماء الذهب، فنقل منبر قايتباي إلى مسجد قباء. ووضع منبر السلطان مراد مكانه. وهو الموجود في المسجد النبوي الشريف الآن يطلق هذا الاسم على بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقيم فيه مع أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما . وقد أكرم الله تعالى عائشة بأن جعل في حجرتها قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه (الصديق، والفاروق) رضي الله عنهما. وتقع هذه الحجرة الشريفة شرقي المسجد النبوي الشريف، ولما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى كان في حجرة عائشة فدفن في هذه الحجرة وكان قبره في جنوبي الحجرة الشريفة. وظلت عائشة رضي الله عنها تقيم في الجزء الشمالي منها، ليس بينها وبين القبر ساتر، فلما توفي الصديق رضي الله عنه دفن خلف النبي صلى الله عليه وسلم بذراع ورأسه مقابل كتفيه الشريفين، ولم تضع عائشة رضي الله عنها بينها وبين القبرين ساتراً، وقالت: إنما هو زوجي وأبي. وبعد أن توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، دفن خلف الصديق بذراع، ورأسه يقابل كتفيه، فعند ذلك جعلت عائشة رضي الله عنها ساتراً بينها وبين القبور الشريفة، لأن عمر ليس بمحرم لها فاحترمت ذلك حتى بعد وفاته -رضي الله عنهم جميعاً.
وقد أقام السلطان محمد الصالحي قبة فوق الحجرة الشريفة وكانت مربعة في أسفلها مثمنة في أعلاها وصفحت بألواح من الرصاص. وفي عهد السلطان محمود بن عبد الحميد أعيد بناء القبة مرة أخرى حين تشققت القبة في عهده، ، حيث لا تزال قائمة إلي اليوم. وقد أمر السلطان عبد الحميدالعثماني بصبغ القبة باللون الأخضر فأصبحت القبة تعرف بعد ذلك بالقبة الخضراء، الروضة الشريفة هي المكان الواقع بين بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو بيت عائشة رضي الله عنها وبين المنبر الشريف، وهو الذي اعتمده المؤرخون الذين أرَّخوا للمسجد النبوي الشريف، وقد وردت عدة أقوال في تحديدها. ، وتقدر مساحة الروضة بـ(330م2)، (حيث يبلغ طول الروضة 22م وعرضها 15م).
ورد كثير من الأحاديث النبوية تبيّن فضل المسجد النبوي، ومكانته ، ومن ذلك:
أنه أحد المساجد الثلاثة التي لا يجوز شدّ الرحال إلى مسجد إلا إليها، فعن أبي سعيد الخدري، عن النبي محمد قال: «((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)) رواه البخاري ومسلم وغيرهما ». الصلاة فيه تعدل 1000 صلاة في غيره، فعن أبي هريرة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرامَ». يحتوي على الروضة الشريفة التي قال عنها النبي محمد صلى الله غليه وسلم : "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة" - إذا وصل إلى باب مسجده صلى الله عليه وسلم، فليُقَدِّم رجله اليمنى، وليقل: "بِاسْمِ اللهِ، وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ". كما يقول ذلك عند دخول سائر المساجد.
- ثم يُصَلِّي ركعتين تحية المسجد، والأفضل أن تكونا في الروضة الشريفة، بدون إيذاءٍ للآخرين، ويدعو فيهما بما أحبَّ من خيري الدنيا والآخرة.
- ينبغي لـعموم المُصَلِّين في المسجد النبوي أن يحرصوا على صلاة الفريضة في الصفوف الأولى، ولو كانت خارج الروضة الشريفة؛ قال ابن القاسم "أحب مواضع الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم في النفل العمود المخلق (أي في الروضة) وفي الفروض الصف الأول".
- وبعد الصلاة يذهب إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فيقف مواجهًا القبر الشريف، مستحضرًا في قلبه جلالة ومنزلة مَنْ هو بحضرته، ثم يُفَضَّلُ أن يقوم بالآتي :
- يُسَلِّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: "السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته".
- ثم يُصَلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم بأي صيغة من صيغ الصلاة عليه، كأن يقول: "اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيْتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
- ويمكن أن يقول بعد ذلك: "أشهد أنك قد بَلَّغْتَ الرسالة، وأَدَّيْتَ الأمانة، ونصحتَ الأمة، وجاهدت في الله حقَّ جهاده". فلا بأس بذلك، أو غير ذلك من أوصافه الجليلة صلى الله عليه وسلم.
- ثم يتنحَّى إلى يمينه قليلاً فيُسَلِّم على أبي بكر -رضي الله عنه- قائلاً: السلام عليك يا أبا بكر؛ صَفِيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وثانيه في الغار ، جزاك الله عن أُمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا.
- ثم يتنحَّى إلى يمينه أيضًا فيُسَلِّم على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قائلاً: السلام عليك يا عمر، الذي أعزَّ الله به الإسلام، جزاك الله عن أُمَّة نبيه صلى الله عليه وسلم خيرًا. ويدعو له ولأبي بكر ويترضَّى عنهما.
فائدة: كان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا سَلَّم على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لا يزيد على قوله: "السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه. ثم ينصرف" . فليس هناك مشكلة إذا لم يستطع الزائر أن يحفظ ما ذكرناه من صيغ، إنما يكفيه أن يُسَلِّم على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه بأي صيغة من الصيغ.
تنبيه: - يُكره للزائر أن يرفع صوته رَفْعًا فاحشًا عند القبر بالسلام؛ لأن ذلك يُنافي الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2].
وقبل النهاية هاهنا يمكنكم مشاهدة المسجد النبوي من عدة زوايا وكأنكم موجودون بداخله |