تعطي دولة الإمارات العربية المتحدة تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، أهمية خاصة للبيئة والحفاظ عليها وتحسين مؤشراتها المختلفة، وذلك في إطار رؤيتها التنموية الشاملة من ناحية وحرصها على تحسين نوعية الحياة للمواطن الإماراتي في الحاضر والمستقبل من ناحية أخرى. في هذا السياق جاء إعلان وزارة البيئة والمياه، مؤخراً، أنها تُعِدُّ استراتيجية وطنية لمواجهة الآثار السلبية للتغيّر المناخي على الدولة من المقرر أن يتم الانتهاء منها نهاية العام الجاري بالمشاركة مع جهات محلية ودولية مختلفة.
تنبع أهمية هذه الاستراتيجية المرتقبة من أنها تمثل تحركاً استراتيجياً ليس لمواجهة الآثار السلبية الحالية للتغير المناخي فقط، التي تطول العالم كله وضمنه دولة الإمارات العربية المتحدة، وإنما لوضع أسس التصدي لهذه الآثار في المستقبل أيضاً، وخاصة أن تقديرات الهيئات المعنية بهذه القضية تشير إلى أن أخطار التغيّر المناخي، خاصة ما يتعلق منها بارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات التصحر وغيرها، في تصاعد مستمر. إضافة إلى ذلك فإن الاستراتيجية تنطوي على محورين متكاملين: المحور الأول، هو التخفيف من آثار تغيّـر المناخ. والمحور الثاني، هو التكيّـف مع ظواهر تغيّـر المناخ.
إن وضع استراتيجية وطنية للتخفيف من آثار تغيّـر المناخ في الإمارات، يمثل ذروة الجهد الذي تبذله الدولة في هذا المجال وعبّر عن نفسه من خلال الكثير من المؤشرات والمظاهر خلال السنوات الماضية، حيث تضمنت رؤية الإمارات 2021 هدف الحفاظ على البيئة في إطار العمل على تحقيق التنمية المستدامة، وأطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، في بداية العام الماضي مبادرة وطنية طويلة المدى لبناء اقتصاد أخضر في دولة الإمارات تحت شعار «اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة» انطوت على محاور عديدة، وهناك تحرك كبير للتوعية بترشيد استهلاك الطاقة باعتبارها مصدراً أساسياً من مصادر الغازات الدفيئة التي تعد سبباً في ظاهرة الاحتباس الحراري، وتقود دولة الإمارات العربية المتحدة الجهود الدولية في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة وتستضيف مقر «الوكالة الدولية للطاقة المتجددة» المعروفة باسم «آيرينا»، وفيها مشروع «مصدر» وهو أول مدينة في العالم خالية من الانبعاثات الكربونية، فضلاً عن ذلك تحرص الدولة على المشاركة الفاعلة في أي فعاليات إقليمية أو دولية تتعرض لمناقشة ظاهرة التغيّـر المناخي وآثارها السلبية: قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، وتتعاون بفاعلية مع المنظمات الدولية المعنية بهذه القضية، وذلك من منطلق إيمانها التام بأن هذه الظاهرة تقع ضمن التحديات الكونية الخطيرة التي لا يمكن التعامل معها والتصدي لمخاطرها عبر جهد فردي، وإنما من خلال إطار دولي جامع وفاعل، كما تسهم الإمارات مساهمة إيجابية في مناقشة القضايا البيئية بشكل عام على الساحة الدولية.
إن رفاهية الحياة التي تعمل القيادة الرشيدة في الإمارات على تحقيقها لمواطنيها تتضمن منظومة متكاملة لا تتوقف على الجانب الاقتصادي فقط، وإنما تمتد إلى جوانب عديدة أخرى منها الجانب البيئي أيضاً، وهذا ما تعبّـر عنه بوضوح سياستها ورؤاها المتكاملة لإيجاد بيئة نظيفة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
