يا من تحاول في تفتيت عالم الجبال .. يا من تفكر في إثبات ما هو من المحال .. يا من تبتغي الفواصل في أجسام الأنهار .. يا من تحرث وتزرع في الهواء بالليل والنهار .. أعـلم يقيناَ أن تلك الأنهار تتدفق في قلوب ذاقت حلاوة الإيمان .. قلوب دخلت بمشيئة الله في زمرة المهتدين الأبرار .. في رحاب العبادة والتقديس والصلاة تتناول قبس الأنوار .. ومن يتعمق في تلك الأنوار لا يرى في الدنيا أوزاناَ تستحق الوقفة أو تستحق العودة في المشوار .. وكل فكر أو اجتهاد أو فلسفة أو نظرية أو إلحاد يروج ليكون بديلاَ عن الإسلام ما هو إلا هـراء وعودة لعوالم الأقذار .. و هو من الدونيات التي لا تستحق الالتفات أو الاختيار .. بل تتعجل النفوس المؤمنة الصادقة بدوس تلك الخزعبلات تحت المداس .. ولا يمكن ولا يعقل أن يفكر مؤمن صادق متيقن من عقيدته وقد ذاق حلاوة الإيمان أن يفكر لحظة في بديل هو ذلك العصف الزاهق .. حيث جاء الحق وذهب الباطل إن الباطل كان زهوقاّ .. وهنالك الواهمون المتوهمون في دروب المفاسد والتيـه والضلال .. الجاهلون بحقيقة العقائد الراسخة المتمكنة في النفوس .. هؤلاء الذين يمثلون الأقزام في ضحالة التفكير .. والذين تراودهم أحلام الشيطان .. لا يقدرون الله حق قدره .. بل يسعون في محاربة الله ورسوله .. يجتهدون ليلاَ ونهاراَ لتعود عصور الظلام والتيه والضلال .. ويحاولون أن يوجدوا شروخاَ في قواعد وبنيان وجدران الأمة الإسلامية المؤمنة .. وقد خابت مساعيهم في كل الأزمان .. لأنهم يجهلون أو يتجاهلون أن شلالات وأنوار الإيمان عندما تتمكن من النفوس توجد مذاقاَ من نعِـم التسامي الروحي العالي .. ذاك المذاق في عالم يتجرد من دونيات المادة والمفاسد .. لتحلق النفوس في عوالم الأنوار الربانية العالية .. ولا ينالها إلا ذو حظ عظيم .. ومن يدخل في ساحاتها بعد غفلة أو غيبة يبكي ويتحسر على الماضي الذين ضاع من العمر في زمرة المفاسد والأشرار .. ثم يتمسك بالنور الرباني ويعض على كنز الإيمان بالنواجذ .. ولا يفكر إطلاقاَ أن يعود لساحات الفسوق والضياع والتيه والظلمات من جديـد .. وتلك هـي نعمـة الهداية .. ونعمة الهداية من أكبر نعم الله على العبـاد .. وهـو يهدي بها من يشاء .. قبس من أنوار الحق والفضيلة يسكن القلوب ليوجد حلاوة التقديس .. ويوجد نشوة الروح والرحمة .. الوقفة بين يدي رب العرش العظيم ذاك مقام لا يستحقه الراكضون خلف الضياع والأهواء والأوهام .. لحظات تسقط فيها كل معالم الكون عدا وقفـة الشموخ النوراني في حضرة رب العرش العظيم .. وبالتأكيد صاحب الضلال والأهواء لا يعرف تلك المعاني السامية .. إنما يفني جل حياته وهو يبتغي الدونيات .. ويعيش في كنف المفاسد والشهوات والعصيان .. وهو كالأنعام يأكل ويشرب ويتزاوج ولا جديد تحت السماء .. يفقد الكثير من المعاني الروحية السامية .. تلك المعاني التي تفصل النفحات الروحية المحبوسة في عوالم الماديات والشهوات لتتبرأ وتنطلق نحو ساحة السموات العلى والملكوت .. معاني عالية للغاية وفوق طاقة استدراك هؤلاء المحرومين من نعم الفضائل .. يولدون ويشبون ثم يفنون الأعمار ويرحلون وهم يظنون أنهم يحسنون الأعمال .. ولكنهم الأخسرون أعمالاَ .. ثم لا يكتفون بل يجتهدون في ترويج روائح الرمم التي تزكم الأنوف .. وسجدة طفل مسلم في بيت من بيوت الله تعادل كل أوزان تلك الفوارغ من النفوس .. لأن ذلك الطفل عرف الحق وعرف الصراط المستقيم والفضل في ذلك لله .. أما هؤلاء فهم أصحاب الأجساد الفارهة بالعقول الضامرة الرخيصة .. الغارقون في أتون الضلال والشهوات .. المحاربون لله ورسوله والمؤمنين .. هؤلاء الذين في مقاماتهم وأوزانهم يعادلون زبد البحار .. والزبد في النهاية لا بد أن يذهب جفاءَ . وتلك الأجساد الفارهة هي حطب جهنم وبئس المهاد .
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )