واستعملوا في حروبهم البحرية النار اليونانية الممزوجة بالكبريت والبارود المسمى الثلج الهندي. والمعروف أن العرب استعملوا البارود سنة 906م، وحاصروا به صقلية سنة 972م واستعمله الغرناطيون في حصار باجة 1246م، وعنهم أخذه الغربيون. وكانوا يستعملون قوارير النفط وجرارة الثور، وهي مسحوق ناعم مؤلف من الكلس والزرنيخ يرمون به العدو في مراكبهم فيعمي أبصارهم بغباره. ويستعملون قدورًا مليئة بالحيات والعقارب والصابون لتنزلق في أقدامهم.
أما هم فكانوا يبطنون مراكبهم بالجلود المبلولة بالماء والخل والشب والهطرون كي لاتتأثر بالاشتعال. واستعملوا الأسطام في أول السفينة، وكان مثل سنان رمح بارز في مقدم السفينة وبها يهاجمون أعداءهم فتغرق بالخرق.
وكان في السفينة بيت لرئيسها ليدبر أمرها، وبه بوصلة وخريطة تسمى الرهنامج.
الرحلات
لم يكن الرحالة المسلم مجرد سائح متجول بل كان يسجل في كتاباته معلومات تجارية واجتماعية مما يفيد رجال الاقتصاد. فكان الحج إلى مكة المكرمة أداء للفريضة وإجازة للعلم واتصالاً برجال الثقافة، وأخذًا للعلم رواية ودراية، مما جعل الرحلات علمًا مستقلاً يعتمد الجغرافية السياسية والاقتصادية. ومن أشهر رجال الرحلات في الأندلس:
1 - الوراق، مؤلف مسالك إفريقية وممالكها.
2 - البكري، مؤلف المسالك والممالك.
3 - الحميري، مؤلف الروض المعطار في خير الأفكار.
4 - الغرناطي، مؤلف المُغرب في عجائب المغرب.
5 - الإدريسي، مؤلف نزهة المشتاق.
6 - ابن وهب القرشي، رحل إلى الصين سنة 256.
7 - سليمان الصيرافي، كتب رحلة عن أسفاره في الخليج العربي والصين.
8 - سلام الترجمان، رحل إلى الصين أيام الواثق العباسي.
9 - اليعقوبي مؤلف البلدان.
10- ابن خرداذبة، صاحب المسالك والممالك توفي سنة 300هـ.
11- الحسن المهلبي رحل إلى السودان سنة 375هـ.
12- محمد التاريخي الأندلسي المتوفي سنة 363هـ وهو مؤلف وصف إفريقية والمغرب.
13- أبو دلف رحل إلى الصين سنة 331هـ.
التقدم العلمي
درس أبو فرناس من المولدين الفلك والكيمياء والطبيعة وامتاز بعقله التجريبي وشيد في بيته شكل قبة السماء ورتب فيها ما يشبه الشمس والقمر والنجوم في منازلها، وجعلها تدور بحركة مثل حركة الأفلاك بحيث تمكن رؤية حركات النجوم والكواكب السيارة حول الشمس. أما في الطيران فقد صنع لنفسه جناحين وجعلهما من الحرير وريش النسور وترصد هبوب الرياح فطار بهما، ولم يفطن إلى ضرورة الذيل في النزول والهبوط، فسقط على مؤخرته وتوفي (راجع ص 89 المجمل في تاريخ الأندلس لعبد الحميد العبادي).
المكتبات العلمية. لعل أهم مكتبة علمية في الأندلس أسسها الخليفة الحكم في قرطبة وفيها كتب بمختلف اللغات والموضوعات وقد احرقت في عهد المنصور بن أبي عامر الذي كلف لجنة بمراجعتها ثم أحرقها بعد أن زعم أن بها كتبًا إلحادية وذلك تزلفًا إلى العوام والفقهاء الذين كانوا يكرهونه.
الفلسفة
كان الفلاسفة في المشرق إما أصحاب منظومة فلسفية تهتم بالتنسيق أو أصحاب تفصيل لما دق في الموضوعات، يهتمون بالصلة والسببية والمنطق والنحو. على أنهم اهتموا جميعًا بالعلاقة بين الفلسفة والدين.
تطورت الفلسفة في الأندلس على يد الأندلسيين الذين ذهبوا إلى المشرق كمحمود بن عبدون (347هـ) الذي درس المنطق على سليمان السجلماسي، ورجع إلى بلاده ليكون طبيب الحكم الثاني وهشام الثاني الأمويين، وكان له تأثير في الفكر الفلسفي في الأندلس، كما يظهر ذلك في الفلسفة الرشدية. ومما لاشك فيه أن ابن رشد في طليعة فلاسفة المغرب، وكان ذا تأثير عظيم في المحيط المغربي، كما في أوروبا، وهي مدينة له في فهم الفلسفة الإغريقية الأرسطية. واستمر أثره إلى عصر كانط في بداية القرن التاسع عشر. ولم يقتصر التأثير الأندلسي في الفلسفة فقط، بل كذلك في الرياضيات فجاليليو متأثر بنظرية ابن الهيثم في البصريات، إلى غير ذلك من تطورات يصعب حصرها هنا.
الشعر
شهدت الأندلس الإسلامية ولعًا بالشعر والغناء قل نظيره في حقب التاريخ المختلفة. فقد شاع انشاد الشعر في كل المناسبات، سواء الدينية أو السياسية أو الاجتماعية وظهر شعراء سجلوا بمدائحهم أعمال الخلفاء والوزراء والولاة كابن عبد ربه وابن زمرك وابن الخطيب وشعراء الطغرائيات يكتبون قصائدهم في حنايا أبواب المساجد والقصور كابن زمرك وشعراء الحماسة الذين يمثلون الفروسية العربية مثل سعيد بن جودي وشعراء التصوف. وضاقت بالشعراء أوزان الشعر العربي وأعاريضه فأقبلوا على شعر الزجل والموشحات ومقطوعات الغناء، وأصبح معظم أهل الأندلس شعراء حتى قال القزويني "إن الفلاح يحرث بثور في شلب، يرتجل ما شئت من الأشعار فيما شئت من الموضوعات." وكان كبار القوم لا يتراسلون إلا شعرًا ويتهادون بطاقات الدعوات والاعتذارت والأهاجي والتعريف شعرًا.
وفرة الانتاج الأدبي
كتب أبو الحسن ابن محمد التميمي المعروف بابن الربيب القروي، وكان عبدالكريم النهشلي يعده شاعرًا متقدمًا، إلى أبي المغيرة عبدالوهاب بن حزم الأندلسي (ت 438هـ) بعد أن أثنى على الأندلس وأهلها يعاتبه على تقصيرهم في التأليف عن مآثر بلادهم وأخبار أعلامها ويقول مثنيًا على المؤلفين السابقين: "فإن قلت إنه كان ذلك من علمائكم، وألفوا كتبًا لكنها لم تصل إلينا فهذه دعوى لم يصحبها تحقيق، لأنه ليس بيننا وبينكم إلا روجة راكب أو قارب، لو نفث ببلادكم مصدور، لا سمع ببلادنا من في القبور، فضلاً عمن في الدور والقصور، وتلقوا قوله بالقبول كما تلقوا ديوان ابن عبدربه منكم الذي سماه بالعقد. "وأجابه أبو المغيرة: وأنا أعلم أن عندكم لنا تواليف تطيرون بها".
الغناء
كان أهل الأندلس يغنون ويطربون بأسلوب الغناء المسيحي الأندلسي أو بطريقة الحداء العربي كما في التيفاشي، ثم تطور الغناء بعد ذلك على يد ابن ماجة ثم أبي الحسن المرسي، الذي أرسى قواعد الموسيقى، وكذلك العباس ابن فرناس ومسلمة المجريطي وأبو الصلت الدانئ (توفي 529هـ) وابن سبعين الصوفي مؤلف كتاب الأدوار ويحيى الخدوج المرسي مؤلف الأغاني الأندلسية على نهج الأغاني الأصبهانية.
وتأسست في الأندلس مدرسة الغناء وتعليم الجواري جاء وصفها في الذخيرة لابن بسام، وكان يعلم فيها الغناء والكتابة والخط والعزف على الآلات، والرقص والخيال (التمثيل) والفروسية. انظر: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة. أما الآلات فكثيرة ذكرها الشقندي مثل العود والروطة والرباب والقانون والمؤنس والجيتار والمزمار والبوق وغير ذلك.
وقد وصل من أنواع الموسيقى الأندلسية إلى إفريقيا الشمالية نوع يعرف بالإشبيلي انتهى إلى تونس، والغرناطي إلى الجزائر والبلنسي والغرناطي إلى المغرب.
ورحل إلى المشرق كثير من المغنين الأندلسيين كالباهي وابنه أبو المجد الطبيب. وجاء علي بن نافع الملقب بزرياب إلى الأندلس بعد أن ضاق بوجوده في بغداد إسحاق الموصلي وأمره أن يغادر قصر الخليفة الرشيد وإلا كاد له وحطم مكانته فارتحل من الشرق إلى القيروان وغنى لزياد بن إبراهيم. انظر: زرياب. ولكنه غنى له ذات يوم بمدح السود بأبيات لعنترة بن شداد، فغضب زياد وأمر بضربه وإبعاده، فاستدعاه الحكم إلى قرطبة وفيها غنى للحكم الذي قدر مواهبه، وأقطعه الضياع والبساتين، وكان زرياب مثقفًا كبيرًا وفلكيًا بارعًا وعالمًا مقتدرًا وشاعرًا مطبوعًا. وقد طور زرياب الموسيقى العربية فزاد الوتر الخامس في العود وعزف بريشة النسر بدل الخشب، وأسس مدرسة تعليم الموسيقى يلقن طلابه فن الموسيقى على مراحل من الإيقاع إلى الألحان والعزف. وكان أول من استحدث الكورس، ولايقبل في مدرسته إلا بعد امتحان لأصوات الطلاب والكشف الطبي عن الصدر والأسنان. كما أرسى قواعد المعاشرة والمجالسة وآدابها، فطور الملابس حسب اختلاف الفصول، وتصفيف الشعر، واتخاذ الأكواب من الزجاج بدل المعادن واصطنع الأصص للأزهار من الذهب والفضة.
جاء في مطالع البدور في منازل السرور للغزولي "الشراب في كؤوس الزجاج أحسن منه في كل جوهر لا تفقد معه وجه النديم، ولا يثقل في اليد ومن شرب فيها فكأنما يشرب في إناء وهواء وضياء.
وظهر من أثر زرياب أكابر الملحنين والملحنات في الأندلس مثل ولادة بنت المستكفي (المتوفاة 484هـ، 1091م) وهي في قصور الأندلس أشبه بعلية بنت المهدي في بغداد.
ومن أبرز الملحنين والمغنين عبدالوهاب بن الحاجب، وهو كما يقول المؤرخون واحد عصره في الغناء الرائق، وكان من أبرز الملحنين وأقدرهم على عزف العود في عصره.
إن زرياب عبقري الموسيقى في عصره وكان يدعي أن الجن تعلمه النوتة الموسيقية وهو نائم، فكان يستيقظ ويملي ألحانه على جاريتيه غزلان وهنيدة، ومع ذلك فقد كان يحيى الغزال الشاعر المشهور يسخر من ألحانه كما كان ابن عبدربه يعرض به.
وظهر في الأندلس موسيقيون يضعون الألحان للمغنين والمطربين كعبد الوهاب بن الحسين، كما تفننوا في صناعة العود، فاخترع أبو جعفر الوقشي الطليطلي عودًا يعزف من تلقاء نفسه، وذلك بتحريك آلات تحريكًا أوتوماتيكيًا تظهر على أوتاره.
وكان الفقهاء ينكرون الطرب والغناء ولايقبلون شهادة المغني، ولم يسمحوا أن تباع كتب الموسيقى علنًا، لأن الموسيقيين المغنين كانوا يغشون مجالس الشراب.
الحضارة الإسلامية في المغرب بعد سقوط غرناطة
عندما دخل الأندلسيون إلى المغرب استعجم المغاربة أخلاقهم ولغتهم. وفي رحلة موريط أن الرباطيين كانوا يتكلمون بالأسبانية، وكل هذا كان سببًا في حدوث نفرة بينهم وبين جيرانهم فألف عبدالرفيع سنة 1052هـ كتابًا في الدفاع عن إسلام الأندلسيين، غير أن الأندلسيين حملوا إلى المغرب حضارتهم وثقافتهم وكان لهم أثر عميم في حفظ الصناعة والثقافة والملاحة الأندلسية، ولقد لعبوا دورًا في القرصنة البحرية، ولم يمض على مكثهم بالمغرب مدة قليلة حتى ظهر أثرهم جليًا في الحياة الاجتماعية المغربية، وفي الأدب والعمارة بصفة خاصة، فكونوا مدرسة ثقافية تمتاز بخصائص الأدب الأندلسي من رقة وصفاء، وقدرة على مزج العاطفة بالطبيعة مع سحر الألفاظ وتناسق في انتقاء التعابير، وفي مقدمة سوق المهر ذكر لنماذج من هذا الأدب المغربي الذي يذكرنا بأدب الفردوس المفقود، كما يضم تاريخ تطوان للمؤرخ محمد داود وصفًا حيًا لحياة المهاجرين الأندلسيين إلى تطوان وأدبهم. وتجاوز هذا التأثير ميدان الأدب إلى ميدان الفن حيث عملت يد الصناع الأندلسيين على بناء ما يذكرهم ببلادهم، وكذلك حملوا معهم الموسيقى الأندلسية بأطباعها المختلفة، وأساليبهم في الري، ولم ينسوا أن يحافظوا على مظهرهم الاجتماعي الأندلسي سواء في حفلاتهم وأعيادهم أو في لباسهم أو في فنون خياطة الملابس لنسائهم من تخريم وطرز وغير ذلك. وظلوا متمسكين بتقاليدهم لم يفرطوا في شيء منها، بل إنهم حملوا معهم إلى الرباط توابيت علمائهم وصلحائهم فدفنوها من جديد لتعيش معهم في أرضهم الجديدة. ولمعرفتهم بلغة الأسبان والفرنج، ومعرفتهم بعوائد الغرب، وأنظمته فقد كان منهم السفراء إلى البلاد الأوروبية. وفي الاغتباط بتراجم قضاة الرباط لأبي جندار ذكر لعدد من علمائهم وأدبائهم وشعرائهم. وكان لطرد مسلمي الأندلس أثر في إذكاء روح البغضاء في العالم الإسلامي لعمل المسيحيين، وقد استفتى الخليفة سليمان القانوني شيخ الإسلام أبا السعود الغمادي الدمشقي في إكراه النصارى على ترك دينهم أو الجلاء، فأبى شيخ الإسلام عليه ذلك، لأن الإسلام لا يسمح بالإكراه في الدين.
وكان للأندلسيين اليد الطولى في الأدب والعلم والصناعة والزراعة حتى ضايقوا أهل البلاد، وقطعوا أرزاقهم. وكان لايستعمل بلدي إذا وجد أندلسي، وذكر ابن خلدون عن رحلتهم إلى المغرب، وأثرهم القوي في إنعاش حضارتهم فيه في مقدمته بقوله: " وألقت الأندلس بأفلاذ كبدها... إلى إفريقيا، ولم يلبثوا أن انقرضوا وانقطع سند تعليمهم في هذه الصناعة لعسر أهل العدوة لها وصعوبتها عليهم وعوج ألسنتهم ورسوخهم في العجمة البربرية". وكان بالرباط كثير من النسوة المنحدرات من الأسر الأندلسية ينسجن أنواعًا من التعاليق والستور عجيبة التشبيك، وفي الفلاحة حمل الأندلسيون الواردون على الرباط خلاصة تجاربهم الفلاحية، وبالرجوع إلى كتاب الفلاحة الأندلسية للطنفري زهر البستان ونزهة الأذهان، وكتاب الفلاحة الأندلسية لأبي زكريا يحيى ابن العوام الأشبيلي نجد تحليلاً دقيقًا لفن الفلاحة الذي يعتمد على اختيار الأرض والمياه والغراسة وتربية الماشية واختزان التين والتفاح والكمثرى والسفرجل والأترج والرمان والأجاص والعنب والقسطل والفستق والبلوط ومن تطعيم الزهور وتلوينها والتثمير في غير الأوان. ومن عادة الأندلسيين الرباطيين أن يهتم المعلمون بتعليم الصبيان آخر رمضان أساليب تزويق الألواح بدوائر وخطوط هندسية يلونونها بمختلف الأصباغ لتدريبهم على مبادئ الهندسة. أما في الأندلس فقد تحول المورسكوس في أسبانيا المسيحية بعد نشاط محاكم التفتيش ضدهم إلى مزارعين يعملون في الإقطاعيات التي يملكها النبلاء، ونظرًا لخبرتهم ونشاطهم فقد أصبحوا عمدة الفلاحة والغراسة والاقتصاد بصفة عامة مما جعل النبلاء يقاومون الكنيسة في حملتها التنصيرية لما يفقدها ذلك من مزايا اليد العاملة. وعندما ظهرت حركة العمال لمقاومة النبلاء كانت دعوتهم إلى تنصير المسلمين ليضعفوا قوة النبلاء، لكن المسلمين آثروا العبودية وخدمة النبلاء بدل التنصير المفروض عليهم. وبعد سنة 1521م عادت الكنيسة من جديد إلى الحملة التنصيرية عن طريق محكمة التفتيش، وأنهت فظائعها بإجلاء الموريسكيين عن الأندلس، ولم يمنع ذلك من بقاء كثير من المسلمين بأسبانيا تنصروا ظاهريًا فقط كما حدث عنهم الغساني في رحلته افتكاك
أما هم فكانوا يبطنون مراكبهم بالجلود المبلولة بالماء والخل والشب والهطرون كي لاتتأثر بالاشتعال. واستعملوا الأسطام في أول السفينة، وكان مثل سنان رمح بارز في مقدم السفينة وبها يهاجمون أعداءهم فتغرق بالخرق.
وكان في السفينة بيت لرئيسها ليدبر أمرها، وبه بوصلة وخريطة تسمى الرهنامج.
الرحلات
لم يكن الرحالة المسلم مجرد سائح متجول بل كان يسجل في كتاباته معلومات تجارية واجتماعية مما يفيد رجال الاقتصاد. فكان الحج إلى مكة المكرمة أداء للفريضة وإجازة للعلم واتصالاً برجال الثقافة، وأخذًا للعلم رواية ودراية، مما جعل الرحلات علمًا مستقلاً يعتمد الجغرافية السياسية والاقتصادية. ومن أشهر رجال الرحلات في الأندلس:
1 - الوراق، مؤلف مسالك إفريقية وممالكها.
2 - البكري، مؤلف المسالك والممالك.
3 - الحميري، مؤلف الروض المعطار في خير الأفكار.
4 - الغرناطي، مؤلف المُغرب في عجائب المغرب.
5 - الإدريسي، مؤلف نزهة المشتاق.
6 - ابن وهب القرشي، رحل إلى الصين سنة 256.
7 - سليمان الصيرافي، كتب رحلة عن أسفاره في الخليج العربي والصين.
8 - سلام الترجمان، رحل إلى الصين أيام الواثق العباسي.
9 - اليعقوبي مؤلف البلدان.
10- ابن خرداذبة، صاحب المسالك والممالك توفي سنة 300هـ.
11- الحسن المهلبي رحل إلى السودان سنة 375هـ.
12- محمد التاريخي الأندلسي المتوفي سنة 363هـ وهو مؤلف وصف إفريقية والمغرب.
13- أبو دلف رحل إلى الصين سنة 331هـ.
التقدم العلمي
درس أبو فرناس من المولدين الفلك والكيمياء والطبيعة وامتاز بعقله التجريبي وشيد في بيته شكل قبة السماء ورتب فيها ما يشبه الشمس والقمر والنجوم في منازلها، وجعلها تدور بحركة مثل حركة الأفلاك بحيث تمكن رؤية حركات النجوم والكواكب السيارة حول الشمس. أما في الطيران فقد صنع لنفسه جناحين وجعلهما من الحرير وريش النسور وترصد هبوب الرياح فطار بهما، ولم يفطن إلى ضرورة الذيل في النزول والهبوط، فسقط على مؤخرته وتوفي (راجع ص 89 المجمل في تاريخ الأندلس لعبد الحميد العبادي).
المكتبات العلمية. لعل أهم مكتبة علمية في الأندلس أسسها الخليفة الحكم في قرطبة وفيها كتب بمختلف اللغات والموضوعات وقد احرقت في عهد المنصور بن أبي عامر الذي كلف لجنة بمراجعتها ثم أحرقها بعد أن زعم أن بها كتبًا إلحادية وذلك تزلفًا إلى العوام والفقهاء الذين كانوا يكرهونه.
الفلسفة
كان الفلاسفة في المشرق إما أصحاب منظومة فلسفية تهتم بالتنسيق أو أصحاب تفصيل لما دق في الموضوعات، يهتمون بالصلة والسببية والمنطق والنحو. على أنهم اهتموا جميعًا بالعلاقة بين الفلسفة والدين.
تطورت الفلسفة في الأندلس على يد الأندلسيين الذين ذهبوا إلى المشرق كمحمود بن عبدون (347هـ) الذي درس المنطق على سليمان السجلماسي، ورجع إلى بلاده ليكون طبيب الحكم الثاني وهشام الثاني الأمويين، وكان له تأثير في الفكر الفلسفي في الأندلس، كما يظهر ذلك في الفلسفة الرشدية. ومما لاشك فيه أن ابن رشد في طليعة فلاسفة المغرب، وكان ذا تأثير عظيم في المحيط المغربي، كما في أوروبا، وهي مدينة له في فهم الفلسفة الإغريقية الأرسطية. واستمر أثره إلى عصر كانط في بداية القرن التاسع عشر. ولم يقتصر التأثير الأندلسي في الفلسفة فقط، بل كذلك في الرياضيات فجاليليو متأثر بنظرية ابن الهيثم في البصريات، إلى غير ذلك من تطورات يصعب حصرها هنا.
الشعر
شهدت الأندلس الإسلامية ولعًا بالشعر والغناء قل نظيره في حقب التاريخ المختلفة. فقد شاع انشاد الشعر في كل المناسبات، سواء الدينية أو السياسية أو الاجتماعية وظهر شعراء سجلوا بمدائحهم أعمال الخلفاء والوزراء والولاة كابن عبد ربه وابن زمرك وابن الخطيب وشعراء الطغرائيات يكتبون قصائدهم في حنايا أبواب المساجد والقصور كابن زمرك وشعراء الحماسة الذين يمثلون الفروسية العربية مثل سعيد بن جودي وشعراء التصوف. وضاقت بالشعراء أوزان الشعر العربي وأعاريضه فأقبلوا على شعر الزجل والموشحات ومقطوعات الغناء، وأصبح معظم أهل الأندلس شعراء حتى قال القزويني "إن الفلاح يحرث بثور في شلب، يرتجل ما شئت من الأشعار فيما شئت من الموضوعات." وكان كبار القوم لا يتراسلون إلا شعرًا ويتهادون بطاقات الدعوات والاعتذارت والأهاجي والتعريف شعرًا.
وفرة الانتاج الأدبي
كتب أبو الحسن ابن محمد التميمي المعروف بابن الربيب القروي، وكان عبدالكريم النهشلي يعده شاعرًا متقدمًا، إلى أبي المغيرة عبدالوهاب بن حزم الأندلسي (ت 438هـ) بعد أن أثنى على الأندلس وأهلها يعاتبه على تقصيرهم في التأليف عن مآثر بلادهم وأخبار أعلامها ويقول مثنيًا على المؤلفين السابقين: "فإن قلت إنه كان ذلك من علمائكم، وألفوا كتبًا لكنها لم تصل إلينا فهذه دعوى لم يصحبها تحقيق، لأنه ليس بيننا وبينكم إلا روجة راكب أو قارب، لو نفث ببلادكم مصدور، لا سمع ببلادنا من في القبور، فضلاً عمن في الدور والقصور، وتلقوا قوله بالقبول كما تلقوا ديوان ابن عبدربه منكم الذي سماه بالعقد. "وأجابه أبو المغيرة: وأنا أعلم أن عندكم لنا تواليف تطيرون بها".
الغناء
كان أهل الأندلس يغنون ويطربون بأسلوب الغناء المسيحي الأندلسي أو بطريقة الحداء العربي كما في التيفاشي، ثم تطور الغناء بعد ذلك على يد ابن ماجة ثم أبي الحسن المرسي، الذي أرسى قواعد الموسيقى، وكذلك العباس ابن فرناس ومسلمة المجريطي وأبو الصلت الدانئ (توفي 529هـ) وابن سبعين الصوفي مؤلف كتاب الأدوار ويحيى الخدوج المرسي مؤلف الأغاني الأندلسية على نهج الأغاني الأصبهانية.
وتأسست في الأندلس مدرسة الغناء وتعليم الجواري جاء وصفها في الذخيرة لابن بسام، وكان يعلم فيها الغناء والكتابة والخط والعزف على الآلات، والرقص والخيال (التمثيل) والفروسية. انظر: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة. أما الآلات فكثيرة ذكرها الشقندي مثل العود والروطة والرباب والقانون والمؤنس والجيتار والمزمار والبوق وغير ذلك.
وقد وصل من أنواع الموسيقى الأندلسية إلى إفريقيا الشمالية نوع يعرف بالإشبيلي انتهى إلى تونس، والغرناطي إلى الجزائر والبلنسي والغرناطي إلى المغرب.
ورحل إلى المشرق كثير من المغنين الأندلسيين كالباهي وابنه أبو المجد الطبيب. وجاء علي بن نافع الملقب بزرياب إلى الأندلس بعد أن ضاق بوجوده في بغداد إسحاق الموصلي وأمره أن يغادر قصر الخليفة الرشيد وإلا كاد له وحطم مكانته فارتحل من الشرق إلى القيروان وغنى لزياد بن إبراهيم. انظر: زرياب. ولكنه غنى له ذات يوم بمدح السود بأبيات لعنترة بن شداد، فغضب زياد وأمر بضربه وإبعاده، فاستدعاه الحكم إلى قرطبة وفيها غنى للحكم الذي قدر مواهبه، وأقطعه الضياع والبساتين، وكان زرياب مثقفًا كبيرًا وفلكيًا بارعًا وعالمًا مقتدرًا وشاعرًا مطبوعًا. وقد طور زرياب الموسيقى العربية فزاد الوتر الخامس في العود وعزف بريشة النسر بدل الخشب، وأسس مدرسة تعليم الموسيقى يلقن طلابه فن الموسيقى على مراحل من الإيقاع إلى الألحان والعزف. وكان أول من استحدث الكورس، ولايقبل في مدرسته إلا بعد امتحان لأصوات الطلاب والكشف الطبي عن الصدر والأسنان. كما أرسى قواعد المعاشرة والمجالسة وآدابها، فطور الملابس حسب اختلاف الفصول، وتصفيف الشعر، واتخاذ الأكواب من الزجاج بدل المعادن واصطنع الأصص للأزهار من الذهب والفضة.
جاء في مطالع البدور في منازل السرور للغزولي "الشراب في كؤوس الزجاج أحسن منه في كل جوهر لا تفقد معه وجه النديم، ولا يثقل في اليد ومن شرب فيها فكأنما يشرب في إناء وهواء وضياء.
وظهر من أثر زرياب أكابر الملحنين والملحنات في الأندلس مثل ولادة بنت المستكفي (المتوفاة 484هـ، 1091م) وهي في قصور الأندلس أشبه بعلية بنت المهدي في بغداد.
ومن أبرز الملحنين والمغنين عبدالوهاب بن الحاجب، وهو كما يقول المؤرخون واحد عصره في الغناء الرائق، وكان من أبرز الملحنين وأقدرهم على عزف العود في عصره.
إن زرياب عبقري الموسيقى في عصره وكان يدعي أن الجن تعلمه النوتة الموسيقية وهو نائم، فكان يستيقظ ويملي ألحانه على جاريتيه غزلان وهنيدة، ومع ذلك فقد كان يحيى الغزال الشاعر المشهور يسخر من ألحانه كما كان ابن عبدربه يعرض به.
وظهر في الأندلس موسيقيون يضعون الألحان للمغنين والمطربين كعبد الوهاب بن الحسين، كما تفننوا في صناعة العود، فاخترع أبو جعفر الوقشي الطليطلي عودًا يعزف من تلقاء نفسه، وذلك بتحريك آلات تحريكًا أوتوماتيكيًا تظهر على أوتاره.
وكان الفقهاء ينكرون الطرب والغناء ولايقبلون شهادة المغني، ولم يسمحوا أن تباع كتب الموسيقى علنًا، لأن الموسيقيين المغنين كانوا يغشون مجالس الشراب.
الحضارة الإسلامية في المغرب بعد سقوط غرناطة
عندما دخل الأندلسيون إلى المغرب استعجم المغاربة أخلاقهم ولغتهم. وفي رحلة موريط أن الرباطيين كانوا يتكلمون بالأسبانية، وكل هذا كان سببًا في حدوث نفرة بينهم وبين جيرانهم فألف عبدالرفيع سنة 1052هـ كتابًا في الدفاع عن إسلام الأندلسيين، غير أن الأندلسيين حملوا إلى المغرب حضارتهم وثقافتهم وكان لهم أثر عميم في حفظ الصناعة والثقافة والملاحة الأندلسية، ولقد لعبوا دورًا في القرصنة البحرية، ولم يمض على مكثهم بالمغرب مدة قليلة حتى ظهر أثرهم جليًا في الحياة الاجتماعية المغربية، وفي الأدب والعمارة بصفة خاصة، فكونوا مدرسة ثقافية تمتاز بخصائص الأدب الأندلسي من رقة وصفاء، وقدرة على مزج العاطفة بالطبيعة مع سحر الألفاظ وتناسق في انتقاء التعابير، وفي مقدمة سوق المهر ذكر لنماذج من هذا الأدب المغربي الذي يذكرنا بأدب الفردوس المفقود، كما يضم تاريخ تطوان للمؤرخ محمد داود وصفًا حيًا لحياة المهاجرين الأندلسيين إلى تطوان وأدبهم. وتجاوز هذا التأثير ميدان الأدب إلى ميدان الفن حيث عملت يد الصناع الأندلسيين على بناء ما يذكرهم ببلادهم، وكذلك حملوا معهم الموسيقى الأندلسية بأطباعها المختلفة، وأساليبهم في الري، ولم ينسوا أن يحافظوا على مظهرهم الاجتماعي الأندلسي سواء في حفلاتهم وأعيادهم أو في لباسهم أو في فنون خياطة الملابس لنسائهم من تخريم وطرز وغير ذلك. وظلوا متمسكين بتقاليدهم لم يفرطوا في شيء منها، بل إنهم حملوا معهم إلى الرباط توابيت علمائهم وصلحائهم فدفنوها من جديد لتعيش معهم في أرضهم الجديدة. ولمعرفتهم بلغة الأسبان والفرنج، ومعرفتهم بعوائد الغرب، وأنظمته فقد كان منهم السفراء إلى البلاد الأوروبية. وفي الاغتباط بتراجم قضاة الرباط لأبي جندار ذكر لعدد من علمائهم وأدبائهم وشعرائهم. وكان لطرد مسلمي الأندلس أثر في إذكاء روح البغضاء في العالم الإسلامي لعمل المسيحيين، وقد استفتى الخليفة سليمان القانوني شيخ الإسلام أبا السعود الغمادي الدمشقي في إكراه النصارى على ترك دينهم أو الجلاء، فأبى شيخ الإسلام عليه ذلك، لأن الإسلام لا يسمح بالإكراه في الدين.
وكان للأندلسيين اليد الطولى في الأدب والعلم والصناعة والزراعة حتى ضايقوا أهل البلاد، وقطعوا أرزاقهم. وكان لايستعمل بلدي إذا وجد أندلسي، وذكر ابن خلدون عن رحلتهم إلى المغرب، وأثرهم القوي في إنعاش حضارتهم فيه في مقدمته بقوله: " وألقت الأندلس بأفلاذ كبدها... إلى إفريقيا، ولم يلبثوا أن انقرضوا وانقطع سند تعليمهم في هذه الصناعة لعسر أهل العدوة لها وصعوبتها عليهم وعوج ألسنتهم ورسوخهم في العجمة البربرية". وكان بالرباط كثير من النسوة المنحدرات من الأسر الأندلسية ينسجن أنواعًا من التعاليق والستور عجيبة التشبيك، وفي الفلاحة حمل الأندلسيون الواردون على الرباط خلاصة تجاربهم الفلاحية، وبالرجوع إلى كتاب الفلاحة الأندلسية للطنفري زهر البستان ونزهة الأذهان، وكتاب الفلاحة الأندلسية لأبي زكريا يحيى ابن العوام الأشبيلي نجد تحليلاً دقيقًا لفن الفلاحة الذي يعتمد على اختيار الأرض والمياه والغراسة وتربية الماشية واختزان التين والتفاح والكمثرى والسفرجل والأترج والرمان والأجاص والعنب والقسطل والفستق والبلوط ومن تطعيم الزهور وتلوينها والتثمير في غير الأوان. ومن عادة الأندلسيين الرباطيين أن يهتم المعلمون بتعليم الصبيان آخر رمضان أساليب تزويق الألواح بدوائر وخطوط هندسية يلونونها بمختلف الأصباغ لتدريبهم على مبادئ الهندسة. أما في الأندلس فقد تحول المورسكوس في أسبانيا المسيحية بعد نشاط محاكم التفتيش ضدهم إلى مزارعين يعملون في الإقطاعيات التي يملكها النبلاء، ونظرًا لخبرتهم ونشاطهم فقد أصبحوا عمدة الفلاحة والغراسة والاقتصاد بصفة عامة مما جعل النبلاء يقاومون الكنيسة في حملتها التنصيرية لما يفقدها ذلك من مزايا اليد العاملة. وعندما ظهرت حركة العمال لمقاومة النبلاء كانت دعوتهم إلى تنصير المسلمين ليضعفوا قوة النبلاء، لكن المسلمين آثروا العبودية وخدمة النبلاء بدل التنصير المفروض عليهم. وبعد سنة 1521م عادت الكنيسة من جديد إلى الحملة التنصيرية عن طريق محكمة التفتيش، وأنهت فظائعها بإجلاء الموريسكيين عن الأندلس، ولم يمنع ذلك من بقاء كثير من المسلمين بأسبانيا تنصروا ظاهريًا فقط كما حدث عنهم الغساني في رحلته افتكاك