بسم الله الرحمن الرحيم
إن الفرق بيننا كمؤمنين وبين الملحدين – وهي محاولة الملحدين تحكيم العقل البشري في قضية تفوق طاقته، والاعتماد على الأحكام التي يصل إليها هذا العقل في هذه القضايا بغض النظر عن أهليته للحكم وصلاحية الطريقة التي اتبعها لذلك - ينطلق الملحدون من أن العقل البشري مع مدخلاته من الحواس الأخرى هو الأداة الوحيدة التي يمكن بواسطتها تقييم كافة الأمور والحكم عليها بما في ذلك قضية الألوهية والدين فيقولون:
ما دليل – أو مبرر وجود الإله وإذا وجد فما هو كنهه ومادته - كيف أراه وكيف أقيسه فيزيائياً؟ وما أهمية أحكام الدين وما مدى منطقيتها بمقياس العقل – هل هي مفرحة وعادلة وتوافق ما أرغب أم أنها لا تنطبق على مقياسي للسمو والعداله والخير، وما مدى ملائمتها للعصر الحالي وأسسه ومفاهيمه؟
يبنى التصور الإلحادي على إعطاء العقل – أوالنتائج التي يصل إليها صفة الحقيقة المطلقة التي تفوق أي دين – وهم لا يعترفون بمحدوديته وتقلبه والعوامل المؤثرة فيه، وهم بذلك ينطلقون من مرجعية كماله المطلق ونزاهته وهو ما لا نوافقهم عليه لأنهم لا يأخذون بالحسبان عوامل عدة تحول دون تأليه هذا العقل وإعطائه المرجعية المحضة – ومنها:
1- محدودية إمكانات هذا العقل – رغم كبرها واتساعها: مثال ذلك ما يسمى في الرياضيات بالعامل العقدي أو جذر ( -1) فلو أردنا أن ننظر كيف تطور الفهم البشري للرياضيات نرى أنه اعتمد على قياس وعد ّ الأشياء المحسوسة في البداية واعتمد وحدات عددية معينة هي الأرقام اللاتينية ثم تطورت إلى الأرقام العشرية – ثم افترض وجود الصفر مما سهل حل مسائل كثيرة – ثم تخيل الأعداد السالبة وأوجد لها تطبيقات في واقعه – ثم اخترع المعادلات والمتحولات – لقد وقف الإنسان عند عقد كثيرة أثناء تطور فهمه للرياضيات وحلها بالتخيل ولكن عقدة جذور الأعداد السالبة بقيت مشكلة بالنسبة له حتى قام بعزلها في ما يسميه (جذر -1) وتابع حل المعادلات مع وجود هذا العامل المعزول الذي اضطر لتجاوزه وابقائه في المعادلات رمزاً لتناقض العقل البشري ومحدوديته – هل يعني هذا أن هذه المعادلات هي نوع من الرفاهية الفكرية؟ لا.. أبداً .. بل هي معادلات أوجدتها ضرورات الفيزياء الموجودة في الواقع الخارجي واستخدمتفي العلوم التطبيقية الحديثة التي يوجد قسم منها لا يفسر إلا بتخيل وجود (جذر -1)
2- تأثره بنوازع كثيرة غير عقلية نابعة من هوى شخصي أو واقع معيشي: مثال ذلك كارل ماركس الذي قلب نظرية هيجل في الجدلية رأساً على عقب بجعل نتائجها مقدمات ومقدماتها نتائج، وصب كل أحداث الكون والعالم في قالب المادية الجدلية والتاريخية محاولاً أن يجد نظرية شمولية تقبل تفسيره للعدالة الإجتماعية والمساواة – وكان الأجدر به أن يطالب بحقه بقوة وأن يرفض الخرافة المرتبطة ببعض الممارسات والنظريات الدينية الخاطئة بدل أن يخترع قالباً آخر ويبني هيكلاً آخر امتطت ظهره الدكتاتورية الشمولية بأبشع صورها أكثر من 70 سنة (وحتى الآن في بعض أنحاء العالم) - وكان أول وأكبر ضحاياها هو الشعب الروسي وشعوب الدول الشيوعية التي أذلتها الدكتانورية وسحقت كرامتها بالقمع والمجازر الجماعية - حتى انهارت وسلمت زمامها للعالم الغربي بدون حرب
3- الارتباط الإجباري بين التفكير العقلي المجرد والعاطفة والغرائز الإنسانية الطبيعية التي توجد معه في وعاء واحد هوالدماغ البشري: مثالي هنا هو سيغموند فرويد الذي عجز ألا يستخدم مقياسه الذاتي ويتأثر أيما تأثر بجزء من واقعه لدى صياغته لنظريتة في علم النفس ودراسته للكبت والتابو (المحرّم) وفسر أنماطاً كثيرة من السلوك البشري من خلال هذا المنظار – بل وعمم ذلك المنظور على جميع البشر - حتى فسر مص الطفل لأصبعه بأنه يعود لرغبة جنسية
4- تأثر العقل بالعوامل المحيطة والظروف التي يعيشها الإنسان: فبيئته المحيطة ربما تلعب دوراً في أن يكون مسالماً لا يميل إلى استخدام عقله في مواجهة التحديات المفروضة، وربما تجعله عصبياً وعدوانياً لا يفلح في استخدام عقله للوصول إلى مصادر التحديات التي تواجهه فيسبق لسانه تفكيره ويسبق عدوانه على الآخر المختلف تقييمه لهذا الموقف وما يترتب عليه لاحقاً. والتوسط بين الأمرين هو السبيل الذي يجعله يتناول الأمور بروية واتزان – ولكن يندر بين الناس من يصل إلى هذه المنطقية الفعالة.
5- تأثره بالحواس الخمس ومحدوديتها وانعكاساتها، كونها المدخلات الوحيدة التي بإمكانه قراءتها، بالإضافة لأدوات القياس الفيزيائية التي استجدت في العصر الحديث والتي يعلم صانعوها بحدود إمكاناتها، بينما يتناسى كتير من منظري الإلحاد هذه الحدود ويفترضون أن التطور الحالي للبشرية قياساً بما قبل 100 أو 200 سنه يعني أن العلم التجريبي بهذه الأدوات امتلك ناصية المعرفة والحقيقة
6- اختلاف مقياس العقل وتغير ما يعتبره العقل مسلمات باختلاف الزمن والمكان واللغة والبشر (رغم تشابههم) فما كان من المسلمات لدى حكماء اليونان لم يعد كذلك الآن رغم بقاء كثير منه صالحاً لهذا الزمان. وكذلك ما رآه نيوتن تفسيراً فيزيائياً لحركة الأجسام لم ينطبق على كثير من الحالات التي فسرتها نظرية اينشتاين وفيزياء الكم فيما بعد – واقول أنا: الله أعلم بما يأتي بعد هذه النظريات مع تطور البشر ومفاهيمهم.
7- تعرض العقل للإرهاق والتعب والمرض – وربما الإختلال – بما لا يجعله مرجعية – وذلك صحيح حتى بالنسبة للقضايا التي يحصل فيها اجماع معين من قبل مجموعة بشرية معينة – ومثال ذلك قيام مجموعة بشرية بتاليه حاكمها رغم أنه مصاب بانواع من الجنون والشيزوفرينيا (فصام الشخصية) لم يتم تشخيصها وتوصيفها إلا في العصرالحالي (فرعون مصر – او الحاكم بامر الله الفاطمي)
ومن منطلق تأليههم للعقل – يستغل الملحدون خوف بعض المتدينين من أن يتهموا بالغيبية ونقص العقل إذا لم يوافقوهم على قياسية العقل وكماله – ويصمون من يخالفهم بشتى أوصاف التخلف والغباء وتغييب العقل وقلة الفهم – رغم أن الدين لا يدعو لإهمال العقل ولا لعدم التساؤل – بل يدعو لوضع كل شيء ضمن اطاره الطبيعي وإعطاء كل شيء حقه
العقل يشبه وعاء يتلقى المعلومات ويربطها ويفاعلها ثم يتخذ القرار – مهما بلغ هذا الوعاء من السعة فهو لا يستطيع أن يستوعب البحر – وإذا أردت ان تحشر فيه ما يفوق طاقته فسوف يتمزق – وما أكثر الأمثلة ممن فقدوا عقولهم وأصيبوا بالهذيان من ممارسة الفلسفة بغير اعتبار لهذا الأمر وقيامهم بتحليل أمور كثيرة بالعقل المجرد مع اهمال كل من يقول بالرسالات والأنبياء وافتراض كذبهم في كل حال
ماذا عن وجود الخالق – إين هو – متى وجد – من أوجده؟ هذه التساؤلات يطرحها الإنسان بخاصة في فترة الصبا والمراهقة – وهي تنشأ عن مقارنات عقلية ومقاربات مع ذاته ومع ما يمكن للإنسان أن يدركه بعقله واستخدام خاطئ للمقياس البشري ليقيس ما لا يقبل القياس بواسطته – فماذا يحصل إذا عكسنا هذا المقياس؟ لو كانت الطاولة التي أجلس إليها الآن قادرة على التفكيروالتعرف إلى ذاتها فماذا ستقول عن الإنسان الذي صنعها بالمقارنة مع ذاتها؟ كيف هوشكل هذا الإنسان وما نوعية الطلاء الذي يغطيه؟ كم درجاً له وكم قائمة؟ لا بد أن هذا الإنسان ظالم حيث صنعني من الحديد وعرضني لنار اللحام وآلام المطرقة والسندان بينما الطاولة الأخرى توجد مرفهة في مكتب وعليها الكمبيوتر – أين العدل؟ والآن – يرميني في المستودع بعد سنوات من العمل الشاق؟ ياله هذا لا يجوز في منطق الطاولات – لا بد أن هذا الإنسان غير موجود فليس من الممكن أن يتعمد هذا الظلم والتمييز وما هي غايته من هذا التمييز أصلاً؟
وبرغم أهمية هذه الأداة (العقل) – وأنها سبب ارتقاء الإنسان وتميزه وتقدمه – وأنها أداة لتفريقه بين الحق والباطل واختيار الصواب – وأن ديننا يأمر الإنسان بأن يحكم عقله وينظر في ملكوت السماوات والأرض بل ويتحدى ويتعلم ويبحث ويتطور بكل ما مكنه الله فيه من أدوات – ولكن لا أن يتبع الظن والتخيل ولا يفترض ما ليس له عليه دليل: "ولا تقف ما ليس لك به علم – إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا"
إن الفرق بيننا كمؤمنين وبين الملحدين – وهي محاولة الملحدين تحكيم العقل البشري في قضية تفوق طاقته، والاعتماد على الأحكام التي يصل إليها هذا العقل في هذه القضايا بغض النظر عن أهليته للحكم وصلاحية الطريقة التي اتبعها لذلك - ينطلق الملحدون من أن العقل البشري مع مدخلاته من الحواس الأخرى هو الأداة الوحيدة التي يمكن بواسطتها تقييم كافة الأمور والحكم عليها بما في ذلك قضية الألوهية والدين فيقولون:
ما دليل – أو مبرر وجود الإله وإذا وجد فما هو كنهه ومادته - كيف أراه وكيف أقيسه فيزيائياً؟ وما أهمية أحكام الدين وما مدى منطقيتها بمقياس العقل – هل هي مفرحة وعادلة وتوافق ما أرغب أم أنها لا تنطبق على مقياسي للسمو والعداله والخير، وما مدى ملائمتها للعصر الحالي وأسسه ومفاهيمه؟
يبنى التصور الإلحادي على إعطاء العقل – أوالنتائج التي يصل إليها صفة الحقيقة المطلقة التي تفوق أي دين – وهم لا يعترفون بمحدوديته وتقلبه والعوامل المؤثرة فيه، وهم بذلك ينطلقون من مرجعية كماله المطلق ونزاهته وهو ما لا نوافقهم عليه لأنهم لا يأخذون بالحسبان عوامل عدة تحول دون تأليه هذا العقل وإعطائه المرجعية المحضة – ومنها:
1- محدودية إمكانات هذا العقل – رغم كبرها واتساعها: مثال ذلك ما يسمى في الرياضيات بالعامل العقدي أو جذر ( -1) فلو أردنا أن ننظر كيف تطور الفهم البشري للرياضيات نرى أنه اعتمد على قياس وعد ّ الأشياء المحسوسة في البداية واعتمد وحدات عددية معينة هي الأرقام اللاتينية ثم تطورت إلى الأرقام العشرية – ثم افترض وجود الصفر مما سهل حل مسائل كثيرة – ثم تخيل الأعداد السالبة وأوجد لها تطبيقات في واقعه – ثم اخترع المعادلات والمتحولات – لقد وقف الإنسان عند عقد كثيرة أثناء تطور فهمه للرياضيات وحلها بالتخيل ولكن عقدة جذور الأعداد السالبة بقيت مشكلة بالنسبة له حتى قام بعزلها في ما يسميه (جذر -1) وتابع حل المعادلات مع وجود هذا العامل المعزول الذي اضطر لتجاوزه وابقائه في المعادلات رمزاً لتناقض العقل البشري ومحدوديته – هل يعني هذا أن هذه المعادلات هي نوع من الرفاهية الفكرية؟ لا.. أبداً .. بل هي معادلات أوجدتها ضرورات الفيزياء الموجودة في الواقع الخارجي واستخدمتفي العلوم التطبيقية الحديثة التي يوجد قسم منها لا يفسر إلا بتخيل وجود (جذر -1)
2- تأثره بنوازع كثيرة غير عقلية نابعة من هوى شخصي أو واقع معيشي: مثال ذلك كارل ماركس الذي قلب نظرية هيجل في الجدلية رأساً على عقب بجعل نتائجها مقدمات ومقدماتها نتائج، وصب كل أحداث الكون والعالم في قالب المادية الجدلية والتاريخية محاولاً أن يجد نظرية شمولية تقبل تفسيره للعدالة الإجتماعية والمساواة – وكان الأجدر به أن يطالب بحقه بقوة وأن يرفض الخرافة المرتبطة ببعض الممارسات والنظريات الدينية الخاطئة بدل أن يخترع قالباً آخر ويبني هيكلاً آخر امتطت ظهره الدكتاتورية الشمولية بأبشع صورها أكثر من 70 سنة (وحتى الآن في بعض أنحاء العالم) - وكان أول وأكبر ضحاياها هو الشعب الروسي وشعوب الدول الشيوعية التي أذلتها الدكتانورية وسحقت كرامتها بالقمع والمجازر الجماعية - حتى انهارت وسلمت زمامها للعالم الغربي بدون حرب
3- الارتباط الإجباري بين التفكير العقلي المجرد والعاطفة والغرائز الإنسانية الطبيعية التي توجد معه في وعاء واحد هوالدماغ البشري: مثالي هنا هو سيغموند فرويد الذي عجز ألا يستخدم مقياسه الذاتي ويتأثر أيما تأثر بجزء من واقعه لدى صياغته لنظريتة في علم النفس ودراسته للكبت والتابو (المحرّم) وفسر أنماطاً كثيرة من السلوك البشري من خلال هذا المنظار – بل وعمم ذلك المنظور على جميع البشر - حتى فسر مص الطفل لأصبعه بأنه يعود لرغبة جنسية
4- تأثر العقل بالعوامل المحيطة والظروف التي يعيشها الإنسان: فبيئته المحيطة ربما تلعب دوراً في أن يكون مسالماً لا يميل إلى استخدام عقله في مواجهة التحديات المفروضة، وربما تجعله عصبياً وعدوانياً لا يفلح في استخدام عقله للوصول إلى مصادر التحديات التي تواجهه فيسبق لسانه تفكيره ويسبق عدوانه على الآخر المختلف تقييمه لهذا الموقف وما يترتب عليه لاحقاً. والتوسط بين الأمرين هو السبيل الذي يجعله يتناول الأمور بروية واتزان – ولكن يندر بين الناس من يصل إلى هذه المنطقية الفعالة.
5- تأثره بالحواس الخمس ومحدوديتها وانعكاساتها، كونها المدخلات الوحيدة التي بإمكانه قراءتها، بالإضافة لأدوات القياس الفيزيائية التي استجدت في العصر الحديث والتي يعلم صانعوها بحدود إمكاناتها، بينما يتناسى كتير من منظري الإلحاد هذه الحدود ويفترضون أن التطور الحالي للبشرية قياساً بما قبل 100 أو 200 سنه يعني أن العلم التجريبي بهذه الأدوات امتلك ناصية المعرفة والحقيقة
6- اختلاف مقياس العقل وتغير ما يعتبره العقل مسلمات باختلاف الزمن والمكان واللغة والبشر (رغم تشابههم) فما كان من المسلمات لدى حكماء اليونان لم يعد كذلك الآن رغم بقاء كثير منه صالحاً لهذا الزمان. وكذلك ما رآه نيوتن تفسيراً فيزيائياً لحركة الأجسام لم ينطبق على كثير من الحالات التي فسرتها نظرية اينشتاين وفيزياء الكم فيما بعد – واقول أنا: الله أعلم بما يأتي بعد هذه النظريات مع تطور البشر ومفاهيمهم.
7- تعرض العقل للإرهاق والتعب والمرض – وربما الإختلال – بما لا يجعله مرجعية – وذلك صحيح حتى بالنسبة للقضايا التي يحصل فيها اجماع معين من قبل مجموعة بشرية معينة – ومثال ذلك قيام مجموعة بشرية بتاليه حاكمها رغم أنه مصاب بانواع من الجنون والشيزوفرينيا (فصام الشخصية) لم يتم تشخيصها وتوصيفها إلا في العصرالحالي (فرعون مصر – او الحاكم بامر الله الفاطمي)
ومن منطلق تأليههم للعقل – يستغل الملحدون خوف بعض المتدينين من أن يتهموا بالغيبية ونقص العقل إذا لم يوافقوهم على قياسية العقل وكماله – ويصمون من يخالفهم بشتى أوصاف التخلف والغباء وتغييب العقل وقلة الفهم – رغم أن الدين لا يدعو لإهمال العقل ولا لعدم التساؤل – بل يدعو لوضع كل شيء ضمن اطاره الطبيعي وإعطاء كل شيء حقه
العقل يشبه وعاء يتلقى المعلومات ويربطها ويفاعلها ثم يتخذ القرار – مهما بلغ هذا الوعاء من السعة فهو لا يستطيع أن يستوعب البحر – وإذا أردت ان تحشر فيه ما يفوق طاقته فسوف يتمزق – وما أكثر الأمثلة ممن فقدوا عقولهم وأصيبوا بالهذيان من ممارسة الفلسفة بغير اعتبار لهذا الأمر وقيامهم بتحليل أمور كثيرة بالعقل المجرد مع اهمال كل من يقول بالرسالات والأنبياء وافتراض كذبهم في كل حال
ماذا عن وجود الخالق – إين هو – متى وجد – من أوجده؟ هذه التساؤلات يطرحها الإنسان بخاصة في فترة الصبا والمراهقة – وهي تنشأ عن مقارنات عقلية ومقاربات مع ذاته ومع ما يمكن للإنسان أن يدركه بعقله واستخدام خاطئ للمقياس البشري ليقيس ما لا يقبل القياس بواسطته – فماذا يحصل إذا عكسنا هذا المقياس؟ لو كانت الطاولة التي أجلس إليها الآن قادرة على التفكيروالتعرف إلى ذاتها فماذا ستقول عن الإنسان الذي صنعها بالمقارنة مع ذاتها؟ كيف هوشكل هذا الإنسان وما نوعية الطلاء الذي يغطيه؟ كم درجاً له وكم قائمة؟ لا بد أن هذا الإنسان ظالم حيث صنعني من الحديد وعرضني لنار اللحام وآلام المطرقة والسندان بينما الطاولة الأخرى توجد مرفهة في مكتب وعليها الكمبيوتر – أين العدل؟ والآن – يرميني في المستودع بعد سنوات من العمل الشاق؟ ياله هذا لا يجوز في منطق الطاولات – لا بد أن هذا الإنسان غير موجود فليس من الممكن أن يتعمد هذا الظلم والتمييز وما هي غايته من هذا التمييز أصلاً؟
وبرغم أهمية هذه الأداة (العقل) – وأنها سبب ارتقاء الإنسان وتميزه وتقدمه – وأنها أداة لتفريقه بين الحق والباطل واختيار الصواب – وأن ديننا يأمر الإنسان بأن يحكم عقله وينظر في ملكوت السماوات والأرض بل ويتحدى ويتعلم ويبحث ويتطور بكل ما مكنه الله فيه من أدوات – ولكن لا أن يتبع الظن والتخيل ولا يفترض ما ليس له عليه دليل: "ولا تقف ما ليس لك به علم – إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا"