غربة
يا ربُّ هل من عوْدةٍ ورجوعِ
بعد الشتاتِ و غربتي و دموعي
باتت طيورُ الروضِ في وُكُناتِها
و طيورُ وجدي لم تَعُدْ لربُوعي
فتأجَّجَت شمسُ الهجيرِ بمُهْجَتي
وتَضَرَّمَتْ نارُ الأسى بضلوعي
أمشي على شَوْكِ القتادِ ، تقودني
قدماىَ صوْبَ الأحمرِ الممنوعِ
أجتازُ حَدَّ الإنهزامِ ، وأعتلي
موجَ التحدِّي ، سابحاً بقلوعي
أطوي دياجي حيْرتي و تغَرُّبي
وأُضيئُ رغم الإنكسارِ شموعي
لأُطِلَّ بالأملِ الذي يحيا هُنا
مُتَلألئاً بفؤاديَ الموجوعِ
إطلالةَ الملهوفِ شوقاً للثرى
في موطني بين الجوى ونزوعي
و صبابتي للنيلِ يروي خافقي
حُبّاً ، و رفضي ذِلّتي وخضوعي
وطني الذي خبَّأتُ بينَ جوانحي
و عشقتُهُ في يقظتي و هجوعي
و جهرتُ بالحبِّ الذي أسمو بِهِ
فشَهَرْتُهُ كالبيْرَقِ المرفوعِ
وطني الذي في مُقلَتَيْكِ رأيتُهُ
كالطيرِ يلثُمُ صَفحَةَ الينبوعِ
و رأيتُهُ في وجنتيْكِ ، فَخِلْتُهُ
وردا يتيهُ بسهلِكِ المزروعِ
و رأيتُهُ فوقَ الجبينِ مُزَيِّناً
تاجَ العلاءِ بروعةٍ و نصُوعِ
حطَّمتُ كُلَّ سلاسلي و تَغَرُّبِي
و حَزَمْتُ أمتعتي ، رَبَطْتُ نُسوعي
و عَبَرْتُ خطَّ الإرتياحِ ، ولهفتي
تجتاحُ مابي من صدىً أو جوعِ
و مَشَيْتُ في كلِّ الدروبِ ، حَسِبْتُني
كالفاتحِ المغوارِ يومَ رجوعِ
و ظننتُ أنِّي بعدَ ( عشرٍ ) أُرتَجى
فَوَجَدْتُني كالقائدِ المخلوعِ
والكُلُّ يلوي رأسَهُ إن أبْصَرَتْ
عيناهُ وجهَ العاشِقِ المخدوعِ
هيَّأْتُ نفسي للرجوعِ مُهَلْهَلاً
و دَفَنْتُ طَيَّ حقائبي مشروعي
و عزمتُ أن أبقى هناكَ بغُربتي
ما بين أشعاري و بين دموعي