و تلاقينا
مِنْ زمانٍ ..
حينما كُنا صِغارا
نسبقُ الريحَ ، ونطوي الأرضَ
ليلاً.. ونهارا
في ثيابٍٍ
من سناالضـوءِ
وأحلامٍ لها حجمُ صِبانا
وعيونٍ
سـافرت عبر السماواتِ
فعادت ..
تحملُ الأنجمَ أهـدابا
وعادت
تحملُ الشمسَ دِثارا
حينما جُبنا قُرىً كنا رسمناها سوياً
بقلوبٍ
في اخضرارِ الريفِ
حين تُهديهِ السحاباتُ الجميلاتُ
اخضرارا
لم يكن للوقـتِ سلطانٌ علينا
وكأنَّا
قد غرسنا في ضـلوعِ الوقتِ نصـلا
وصلبنـاهُ على جذعٍ ،
وهِمْنا
نقطفُ الحُلمَ جِهارا
***
وكبُرنا
في عيونِ الناسِ
أجساداً وأفعالاً ـ كما قالوا ـ
و لكنْ
في عيونِ الحُلمِ
ما زلنا صِغارا
نُمسكُ الظِلَّ
ونجـري خلفَ أطيـافِ الفراشاتِ
( التي أعيت خُطانا )
ثم نستلقي
على شـاطئِ بحـرٍ
( لونهُ من لونِ عينيكِ )
عميقٍ
يُبحر الرُّبَّانُ فيهِ
( فوق عمرِ البحرِ عمراً )
ثُمَّ يرتدُّ
ولم يبْلغْ قرارا
كنتُ أبني لكِ قصراً من رمالٍ
لونها كالتبرِ
من إشعاعِ مغرورٍ تدلّى
فوق وجه الرملِ
أحلى
من جبينِ الشمسِ نوراً وازدهارا.
فاسكنيهِ
أنتِ يا كلَّ مُنايا
ربَّةُ القصـرِ فتيهي
بدِّلي ما شئتِ فيهِ من أثاثٍ
بدلي غُـرفـةَ نومٍ
فاجعليها من عبيرٍ
واجعلي البهـوَ منارا
غيِّري الحُرَّاسَ من بابٍ لبابٍ
وأْمري كلَّ الوصيفاتِ
لكي يُسـرجنَ
ـ من نورِكِ يا عمري ـ
قناديلَ حياتي
غيِّري لحنَ العصافيرِ التي نامت
على شُباكِ قلبي
بابتهالاتِ العذارى
***
كم لعِبنا في مروجٍ
سلَّمت للعطرِ( في أنفاسكِ العذراءِ) نفسا
ولفُرشاتِكِ
ودياناً و نخلا
كي تصـوغيها ـ كما تبغينَ ـ لحناً
وزهـوراً ، وعطـوراً
وتُحيليها لُجيناً ونُضـارا
ثُمَّ هبَّت ـ يا ملاكي ـ ريحُهُم
تعصفُ بالقلبينِ ، حقداً
من لدُنْ من حسدوا الليلَ
على بدرٍ
أضاءَ العمرَ لم يشكُ الدياجي
كي يكونَ الأُنسَ
في ليلِ السهارى
فافترقنا
كلُّ قلبٍ في طريقٍ
وشربنا كأسَ هجرٍ
أضرمَ الوجدانَ نارا .
حِقبةٌ من عمرنا مرَّت ولا ندري مداها
كلُّ ما ندريهِ عنها
أنها حلمٌ مريعٌ
كم تمنينا ـ لكي ننساهُ ـ موتاً
أو فِرارا
***
وتلاقينا
كأنَّ الميْت يصحو( يا ملاكي )
فاسكبي ثلجاً علي رأسي
لكي أشْعرَ
أنِّي لستُ في أضغاثِ حلمٍ
و اجعليني
ألمسُ الشَّعرَ
وأجني زهرةَ الخدِّ
وأروي عطشَ العمرِ
من العينينِ و الثغرِ مِـرارا
ابسُمي كي تضحكَ الدنيا
وتأتي
بعد أن ولَّت
وخلَّتنا حيارى
غرِّدي كي يرجعَ الشدوُ
لعصفورِ الكناري
بعد أن كاد الجوى يُفنيهِ حزناً
و وجيباً و انهيارا
***
يا لقلبي
إنهُ أنتِ أخيراً
إنهُ وجهكِ
لم تعبثْ بِهِِ كفُّ الليالي
إنّهُ نفسُ السنا
قـد زادهُ العمرُ وقـارا
ليتني أسطيعُ أن أقطفَ أزهارَ الروابي
ليتني في نزقِ الأمسِ
لكي أجني الثمارا
إنه أنتِ أخيراً
و مسافاتٌ بطولِ الأفْقِ
قد أرخت على الأمسِ ستارا
فافترقنا
:
:
: