قالتْ وقد سَمِعتْ أني نسبتُ بها
في بعض ما قلتُه ما أحسنَ الأدبا
أليس يَسْمَعُ ما طارَ الوُشاةُ بنا
من الأحاديث إنْ صِدقاً وإنْ كَذِبَا
هبوهُ لم يخشَ عَتْبِي حين عرَّضني
لقالةٍ شعَّبوها بينهم شُعَبَا
أما يخافُ بني عمٍّ لنْا غُيُراً
يحمون بالقُضُبِ الهنديةِِ الحَسَبَا
فسكَّنتْها فتاةٌ من قرائِنها
بِرُقيةٍ من رُقاهَا تُطفِيءُ الغضَبَا
قالت لها أنصتي ثم اسمعي نتفاً
من قوله فهو مما يعجب العربا
وأنشدتها أُبَيَّاتاً عبثت بها
تكاد تبعث في قلب الصفا طربا
باللّهِ يا معشرَ العُذَّالِ ما لكُمُ
تَلحَوْنَ من هاجَهُ ريحُ الصَّبَا فَصبَا
فيمَ التعجُّبُ من قلبي وصبوتِه
كأنكم لم تَروْا من قبلِه عجَبَا
ذوقوا الهَوى ثم لوموا ما بَدا لكمُ
أو لا فخلُّوا ملامي واربحوا التَّعَبا
عذلتمونيَ فيمن لو بَدا لكمُ
وراءَ حُجْبٍ خرقتمْ نحَوهُ الحُجُبَا
وهبتُ للجِدِّ أيامي فعلَّمَنِي
تلاعبُ الدهرِ بي أن أُوثرَ اللَّعِبَا
وقد بُليتُ بقلبٍ لا يُطاوعنِي
إِذا بذلتُ له نُصْحاً أبى ونَبَا
يرى عذابَ الهَوى عَذْباً مذاقتُهُ
فهل سمعتم عذاباً قبلَهُ عَذُبَا
أرسلتُ صبري على وجدي ليُزعِجَهُ
عن الحَشا فأقاما فيه واحترَبَا
إنْ يغلُبِ الصبرُ فالعقبَى لمصطبِرٍ
أو يغلُبِ الوجدُ فالدنيا لمن غَلَبَا
فأعجبَتْ ثم قالتْ وهي ضاحكةٌ
بمثلِ ذا السحرِ نالَ المرءُ ما طلبَا
نَفْثٌ من السِحْرِ قد حُلَّتْ به عُقَدٌ
مما وجدتُ ولمَّا يُطْفِئِ اللَّهبَا