أرى البُعْدَ لم يُخْطِرْ سواكم على بالي
وإن قَرّبَ الأخطارَ من جسدي البالي
فيا حبّذا الأسقامُ في جَنبِ طاعتي
أوامِرَ أشواقي وعصيانِ عُذّالي
ويا ما ألذّ الذلّ في عِزّ وَصْلِكُمْ
وإن عَزّ ما أحلى تقَطُّعَ أوصالي
نأيْتُمْ فحالي بَعدكُمْ ظَلّ عاطِلاً
وما هوَ مِمّا ساء بل سَرّكُمْ حالي
بَلَيْتُ بِهِ لمّا بُليتُ صَبابةً
أبَلّتْ فلي منها صُبَابَةُ إبلال
نَصَبْتُ على عيني بتَغْميضِ جَفْنِها
لِزَورَةِ زُورِ الطّيف حيلةَ مُحتال
فما أسعَفَتْ بالغُمضِ لكِن تعَسّفت
عليّ بدَمْعٍ دائمِ الصّوبِ هَطّال
فيا مُهْجَتي ذوبي على فَقْدِ بَهْجَتي
لِتَرْحَالِ آمالي ومَقْدَمِ أوجالي
وضِنّي بدَمْعٍ قد غَنَيْتُ بفَيْضِ ما
جرَى من دمي إذ طُلّ ما بينَ أطلال
ومَنْ لي بأن يرضى الحبيبُ وإن علا النْ
نَحِيبُ فإبْلالي بَلائي وبَلْبَالي
فما كَلَفِي في حُبّهِ كُلْفَةً لهُ
وإن جَلّ ما ألْقَى من القيل والقال
بقيتُ بهِ لمّا فَنيتُ بحُبّه
بِثَرْوَةِ إيثاري وكَثْرَةِ إقلالي
رعَى اللهُ مَغنىً لم أَزَلْ في ربوعِهِ
معنّىً وقُلْ إن شئتَ يا ناعِم البال
وحَيّا مُحَيّا عاذلٍ ليَ لم يزَلْ
يكرِّرُ من ذِكْرَى أحاديث ذي الخال
رَوَى سُنّة عندي فأرْوى من الصّدى
وأهدى الهُدى فاعجبْ وقد رام إضلالي
فأحببتُ لَوْمَ اللّؤمِ فيه لو انّني
مُنِحْتُ المُنى كانت علامةَ عُذّالي
جَهِلَتُ بأن قُلْتُ اقترحْ يا معذّبي عليّ
فأجْلى لي وقال اسْلُ سلسالي
وهيهاتِ أن أسلو وفي كلّ شعرةٍ
لِحَتْفِي غرامٌ مُقْبِلٌ ايّ إقبال
وقَالَ ليَ الاَحي مَرارةُ قصْدِهِ
تَحَلّى بِها دَعْ حُبّهُ قلتُ أحلى لي
بذَلْتُ له روحي لراحَةِ قُرْبِهِ
وغيرُ عجيبٍ بذْليَ الغالِ في الغالي
فجادَ ولكن بالبُعادِ لِشِقْوَتي
فيا خَيبَةَ المَسعى وضَيعَةَ آمالي
وحانَ لهُ حَيني على حِينِ غِرّةٍ
ولم أدرِ أنّ الآلَ يَذْهَبُ بالآل
تحكّمَ في جسمي النُّحولُ فلو أتَى
لِقَبْضِي رسولٌ ضَلَّ في موضع خال
فلو هَمّ باقي السقمِ بي لاستعانَ في
تَلافي بما حالَتْ له من ضنىً حالي
ولم يبقَ منّي ما يُناجي تَوَهُّمِي
سِوى عزِّ ذُلٍّ في مهانَةِ إجْلالِ