أني سكتّ وما عدمت المنطقا | لولا أخوك سبقت فيك الأسبقا
|
وهززت أوتار القلوب بصامت | يشتاق كلّ مهذب أن ينطقا
|
فبعث في أفواههم مثل الطلى | ونفشت في أسماعهم شبة الرقى
|
وألنت قاسي الشعر حتى يبتغي | وشددت منه اللين حتى يتّقي
|
وجلوت للأبصار كلّ خريدة | عصماء تحسدها النجوم تألّقا
|
تبدو فتترك كلّ قلب شيّق | خلوا ، وتترك كلّ خال شيّقا
|
ولى أخوك فما أمضى النوى | ولقد قدمت فما هششت إلى اللقا
|
أقبلت والدنيا إلّي بغيضة | هلاّ سبقت إلّي أسباب الشّقا؟!
|
حنقت بلا سبب علّي وإنّه | سبب جدير عنده أن أحنقا
|
علقت أخي كفّ المنون وكدت أن | أسعى على آثاره لولا التّقى
|
ما أشفقت نفسي علّي وإنما | أشفقت أن أبكي الصديق المشفقا
|
ودّعته كالبدر عند تمامه | والبدر ليس بآمن أن يمحقا
|
ولقد رجوت له البقاء وإنما | يدنو الحمام لمن يحبّ له البقا
|
أصبحت مثل النسر قصّ جناحه | فهوى ، ولو سلم الجناح محلّقا
|
تائي الرجاء فلا أسير موثق | أرجو الفكاك ، ولست حرا مطلقا
|
ولقد لبست من السّواد شعائرا | حتى خضبت من الحداد المفرقا
|
وزجرت عيني أن تسرّ بمنظر | ومنعت قلبي بعده أن يخفقا
|
لا أظلم الأيام فيما قد جنت | لا تأمن الأيام أن تتفرّقا
|
كن كيف شئت فلست لأسكن للمنى | بعد الحبيب ، ولست أحذر موبقا
|
علم نسيت سعوده بنحوسه | قد يحجب الليل الهلال المشرقا
|
لم أنس طاغية الملوك وقد هوى | عن عرشه وأسيره لما ارتقى
|
والشاه منخلع الحشاشة واجف | أرأيت شاها قطّ أصبح بيدقا؟
|
ما زال يحتقر الظبى حتّى غدا | لا تذكر الأسياف حتى يصغا
|
بتنا إذا التركّي ضجّ مهلاّ | عبث الهوى بالفارسيّ فصفّقا
|
ذكرى تحرّك كلّ قلب ساكن | حتّى ليعشق بعدما أن يعشقا
|
فيم على النيل النحوس ولم يكن | دون الخليج ولا الفرات تدفّقا
|
إن لم أذّذ عن أرض مصر موفقا | أودى بآمالي الزمان موفقا
|
ما بآلها تشكو زوال بهائها | وهي التي كانت تزين المشرقا
|
قد أخلقت كفّ السياسة عهدها | إنّ السياسة لا تراعي موثقا
|
كذبوا على مصر وصدّق قولهم | والشرّ إن يجد الكذوب مصدّقا
|
وأبو علينا أننا لا ننتهي | من مأزق حتى نصادف
|
سلكوا بنا في كلّ ضيّق | حتّى قنطا أن يصيبوا ضيّقا
|
منعوا الصحافة أن تبثّ شكاتنا | منعوا الكواكب تبين وتشرقا
|
لو أنصفوا رفعوا القيود فإنّما | يشكو الأسير إما أرهقا
|
وسعوا إلى سلب القناة فأخفقوا | سعيا، وشاء اللّه أن لا تخفقا
|
عرض الحساب المستشار ولم يكن | لولا السياسة حاسبا ومدّققا
|
أيكون غاضبنا ويزعم أنّه | أمسى علينا محسنا متصدّقا
|
أبني الكنانة لستم أبناءها | حتى تقوا مصر البلاء المطبقا
|
إن تحفظوها تحفظوا في نسلكم | ذكرا يخلّد في الليالي رونقا |