كم ، قبل هذا الجيل، ولّى جيل | هيهات ، ليس إلى البقاء سبيل
|
ضحك الشّباب من الكهول فإغرقوا | واستيقظوا، فإذا الشّباب كهول
|
نأتي ونمضي والزّمان مخلّد | الصّبح صبح والأصيل أصيل
|
حرّ وقرّ يبلسان جسومنا | ليت الزّمان ، كما نحول، يحول
|
إنّ التّحول في الجماد تقلّص | في الحي موت؛ في النّبات ذبول
|
قف بالمقابر صامتا متأملا | كم غاب فيها صامت وسؤول
|
وسل الكواكب كم رأت من قبلنا | أمما، وكم شهد النّجوم قبيل
|
تتبدّل الدّنيا تبدّل أهلها | واللّه ليس لأمره تبديل
|
يا طالعا لفت العيون طلوعه | بعد الطّلوع ، وإن جهلت ، أفول
|
عطفا ورفقا بالقلوب فإنما | حقد القلوب على أخيك طويل
|
أنظر فوجه الأرض أغير شاحب | واسمع ! فأضوات الرّياح عويل
|
ومن الحديد صواعق ، ومن العجاج | غمائم، ومن الدّماء سهول
|
ما كنت أعلم قبلما حمس الوغى | أنّ الضّواري والأنام شكول
|
يا أرض أوربّا ويا أبناءها | في عنق من هذا الدّم المطلول؟
|
في كلّ يوم منكم أو عنكم | نبأ تجيء به الرّواة مهول
|
مزّقتم أقسامكم وعهودكم | ولقد تكون كأنّها التّنزيل
|
وبعثتم الأطماع فهي جحافل | من خلفهن جحافل وخيول
|
ونشرتم الأحقاد فهي مدافع | وقذائف وأسنّة ونصول
|
لو لم تكن أضغانكم أسيافكم | أمسى بها، مّما تسام، فلول
|
علّمتم((عزريل)) في هذي الوغى | ما كان يجهل علمه عزريل
|
إن كان هذا ما يسمى عندكم | علما، فأين الجهل والتّضليل
|
إن كان هذا ما يسمى عندكم | دنيا فأين الكفر والتّعطيل
|
عودا إلى عصر البداوة ، إنّه | عصر جميل أن يقال جميل
|
قابيل، يا جدّ الورى ، نم هانئا | كلّ امرىء في ثوبه قابيل
|
لا تفخروا بعقولكم ونتاجها | كانت لكم، قبل القتال ، عقول
|
لا أنتم أنتم ولا أرباضكم | تلك التي فيها الهناء يقيل
|
لا تطلبوا بالمرهفات ذحولكم | في نيلها بالمرهفات ذحول
|
إنّ الأنام على اختلاف لغاتهم | وصفاتهم ، لو تذكرون ، قبيل
|
يا عامنا! هل فيك ثّمة مطمع | بالسّلم هذا الشقاء يطول
|
مرّت عليها حجتّان ولم تزل | تتلو الفصول مشاهد وفصول
|
لم يعشق النّاس الفناء وإنّما | فوق البصائر والعقول سدول
|
أنا إن بسمت ، وقد رأيتك مقبلا | فكما يهشّ لعائديه عليل
|
وإذا سكنت إلى الهموم فمثلما | رضي القيود الموثق المكبول
|
لا يستوي الرّجلان ، هذا قلبه | خال وهذا قلبه ( لجهول)
|
لا يخدعنّ العارفون نفوسهم | إنّ المخادع نفسه لجهول
|
في الشّرق قوم لم يسلّوا صارما | والسّيف فوق رؤوسهم مسلول
|
جهلوا ولم تجهل نفوسهم الأسى | أشقى الأنام العارف المجهول
|
أكبادهم مقروحة كجفونهم | وزفيرهم بأنينهم موصول
|
أمّا الرّجاء، وطالما عاشوا به | فالدّمع يشهد أنّه مقتول
|
واليأس موت غير أن صريعه | يبقى، وأمّا نفسه فتزول
|
ربّاه، قد بلغ الشّقاء أشدّه | رحماك إنّ الرّاجعين قليل
|
في اللّه والوطن العزيز عصابة | نكبوا ، فذا عان وذاك قتيل
|
لو لم يمت شمم النّفوس بموتهم | ثار الشآم ، لموتهم ، والنّيل
|
يا نازحين عن الشآم تذكروا | من في الشّآم وما يليه نزول
|
همّ الممالك في الجهاد ، وهمّكم | قال تسير به الطّروس وقيل
|
هبّوا؛ اعملوا لبلادكم ولنسلكم | بئس الحياة سكينة وخمول
|
لا تقبطوا الأيدي فهذا يومكم | شرّ الورى جعد البنان بخيل
|
وعد الاله المحسنين ببرّه | وكما علمتم ، وعده تنويل |