ما لقلبي يلجّ في الخفقان | لا أنا عاشق و لا أنا جان
|
أبتغي أن أقول شيءا فيعصاني | لساني ، و السحر تحت لساني
|
أنا كالطائر الذي اندفق السحر | عليه فغصّ بالألحان
|
أو كفلك في البحر أوفى عليها | عارض بعد عارض هتّان
|
غلبتني عواطف الصّحب حتّى | صرت في حاجة إلى ترجمان
|
أين في موكب القريض لوائي | قد طواه بيانهم و طواني
|
أيّها المادحون خمري رويدا | منكم الخمرة التي في دناني
|
من أنا ؟ ما صنعت ؟ كي تعصبوا بالتاج | رأسي و أيّ شأن شأني ؟
|
لا افتخار لنحلة حقلا | فعادت من زهرة بالمجّاني
|
أنا من روضكم قطفت أزاهيري ، | و من بحركم غرفت جماني
|
إن أكن فرقدا فأنتم سمائي | أو هزارا فأنتم بستاني
|
أيّ بدع إن أخرج الحقل للناس | صنوف النبات في نيسان ؟
|
ليس لي من قصائدي غير أوزان ، | و ليست أصيلة أوزاني
|
أصدق الشعر في الحياة و فيكم | ليس غير الأظلال في ديواني
|
...
|
ما هو الشعر ؟ . إنّني ما رأيت | اثنين إلاّ وفيه يختصمان
|
قال قوم " وحيّ ينزّله الله | " و قوم " نفث من الشيطان "
|
ضلّ هذا وذا ، فما حفز الانسان | شيء للشعر كالإنسان
|
يعشق المرء ذاته في سواه | و يحبّ " الإنسان " في الأكوان
|
أنا من أجله بنيت قصوري | و فرشت الدروب بالرّيحان
|
أنا من أجله سكبت خموري | وشددت الأوتار في عيداني
|
أنا من أجله رجعت من الروضة | في راحتيّ بالألوان
|
و استعرت التهليل من جدول | الوادي ، و ضحك الرضى من الغدران
|
و من الشمس في الأئل | و الإصباح ذوب اللّجين و العقيان
|
و حملت الجلال من أرض ( سوريا ) | إليه و السحر من لبنان )
|
نحن أهل الخيال أسعد خلق | الله في حالة الحرمان
|
كم زهدنا بثروة من نضار | قنعنا بثروة من أماني
|
وانطوينا موكب من ضياء | و سطعنا في غمرة من دخان
|
نتراءى على الصعيد صعاليك | و لكن أرواحنا في العنان
|
إن ظمئنا وعزّ أن نرد الماء | روانا تصوّر الغدران
|
و إذا غابت النجوم اهتدينا | بالرؤى ، بالرجاء ، بالإيمان
|
لا يعدّ الورى علينا اللّيالي | نحن قوم نعيش في الأزمان
|
...
|
ردّ عنّي الكؤوس ، يا أيّها السّاقي ، | فروحي نشوى بخمر المعاني
|
بالقوافي ( جداولا ) من وفاء | و الأغاني ( خمائلا ) من حنان
|
زهد الناس حين دارت عليهم | بالتي في كؤوسهم و القناني
|
...
|
أيّها اللّيل أنت أبهى من الفجر | و إن كنت أسود الطيلسان
|
بالوجوه الزهراء ، بالأنفس السمحاء ، | من يعرب و من غسّان
|
بملوك البيان ، بالأدب الرائع ، | بالمنشدين ، بالألحان
|
بالغواني ، فديتهنّ ، فأسمي الشعر | و الفنّ في الحياة الغواني
|
هذه الشمس هل رأى الناس | وجها مثلما في البهاء و اللّمعان
|
تتجلّى لنا على اليسر و العسر | و نمشي في نورها الفتّان
|
قد نسينا شعاعها و سناها | عندما أشرقت وجوه الحسان
|
قسّم الدهر - أنت ، يا ليل ، شطر | من حياتي ، و العسر شطر ثان
|
أنت عصر مستجمع في سويعات ، | ودنيا رحيبة في مكان
|
قد تلاقت فيك القلوب على الحبّ | تلاقي الأجفان بالأجفان
|
لا تقولوا دقائق و ثوان | ذاهيات فالعمر هذي الثّواني
|
...
|
أنا ما عشت سوف أذكر بالشّكر | جميل الرّفاق و الأخوان
|
و إذا متّ في غد فسيأتيكم | ثنائي من ظلمة الأكفان |