إثنان أعيا الدهر أن يبليهما | لبنان و لأمل الذي لذويه
|
نشتاقه و الصيف فوق هضابه | و نحبّه و الثلج في واديه
|
و إذا تمدّ له ذكاء حبالها | بقلائد العقيان تستغويه
|
و إذا تنقّطه السماء عشيّة | بالأنجم الزهراء تسترضيه
|
و إذا الصّبايا في الحقول كزهرها | يضحكن ضحكا لا تكلّف فيه
|
هنّ اللّواتي قد خلقن لي الهوى | و سقيتني السحر الذي أسقيه
|
هذا الذي صان الشّباب من البلى | و أبى على الأيّام أن تطويه
|
...
|
و لربّما جبل أشبّهه به | مسترسلا مع روعة التشبيه
|
فأقول يحكيه ، و أعلم أنّه | مهما سما هيهات أن يحكيه
|
يا لذّة مكذوبة يلهو بها | قلبي و يعرف أنّها تؤذيه
|
إنّي أذكّره بذيّاك الحمى | و جماله و إخالني أنسيه
|
و إذا الحقائق أحرجت صدر الفتى | ألقى مقالده إلى التمويه
|
وطني ستبقى الأرض عندي كلّها | حتّى أعوذ إليه أرض التيه
|
سألوه الجمال فقال : هذا هيكلي | و الشعر قال : بنيت عرشي فيه
|
الأرض تستجدّي الخضمّ مياهه | و كنوزه و البحر يستجديه
|
يمسي و يصبح و هو منطرح على | أقدامه طمعا بما يحويه
|
أعطاه بعض وقاره حتّى إذا | استجداه ثانية سخا ببنيه
|
لبنان صن كنز العزائم واقتصد | أخشى مع الإسراف أن تفنيه
|
...
|
غيري يراه سياسة وطوائفا | و يظلّ يزعم أنّه رائيه
|
و يروح من إشفاقه يبكي له | لبنان أنت أحقّ أن تبكيه
|
لا يسفر الحسن النزيه لناظر | ما دام منه الطّرف غير نزيه
|
...
|
قل للألى رفعوا التخوم | ضيّقتم الدّنيا على أهليه
|
و لمن يقولون الفرنج حماته | الله قبل سيوفهم حاميه
|
...
|
يا صاحبي ، يهنيك أنّك في غد | ستعانق الأحباب في ناديه
|
و تلذّ بالأرواح تعبق بالشّذى | و تهزّك الأنغام من شاديه
|
إن حدّثوك عن النعيم فأطنبوا | فاشتقته لا تنس أنّك فيه ! |