أباعثة المطايا من حديد | كأسراب القطا للعالمينا
|
ركائب في فجاج الأرض تسري | تقلّ الذاهبين الأيبينا
|
تقصّ على المدائن و القرايا | حكاية قومك المستنبطينا
|
و كيف العقل يخلق من زريّ | مهين لا زريّ و لا مهينا
|
و ينفخ في الجماد قوى وحسّا | فيركش تارة و يطير حينا
|
و يهتف بالقصائد و الأغاني | و قد ذهب الردى بالمنشدينا
|
لقد حسدتك أمّ الفنّ " روما " | كما حسدتك ضرّتها " أثينا "
|
فمجدك فوق مجدها علاء | و حسنك فوق حسنها فتونا
|
نزلنا في حماك فقرّبينا | و باركنا ثراك قباركينا
|
فما لطماعة بنضار " فورد " | و فضّته إليك اليوم جينا
|
فما هو في سماحته " كمعن " | و ليست نوقه للذابحينا
|
و لكن فيك إخوان هوينا | لأجلهم جميع الساكنينا
|
أحبّونا كأنّهم ذوونا | و أنسونا بلطفهم ذوينا
|
و عاهدناهم إذ عاهدونا | فلم ننكث و لا نكثوا يمينا
|
إذا غضبوا على الدنيا غضبنا | و إن رضوا على الدنيا رضينا
|
دعاهم للعلى و الخير داع | من " الوادي " فلبّوا أجمعينا
|
أيخذل " جارة الوادي " بنوها ؟ | معاذ الله هذا لن يكونا
|
فما لاقيت " زحليّا " جبانا | و لا لاقيت " زحليّا " ضنينا
|
تأمّل كيف أضحى " تلّ شيحا " | يحاكي في الجلالة " طورسينا "
|
فعن هذا تحدذرت الوصايا | و في هذا وجدنا المحسنينا
|
على جنباته و على ذراه | جمال يبهر المتأمّلينا
|
فلم مثله للخير دنيا | و لم أر مثله فتحا مبينا
|
فيا أشبال " لبنان " المفدّى | و يا إخواننا و بني أبينا
|
ترنّح عصركم فخرا و هشّت | لصنعكم عظام المائتينا
|
تبارى الناس في طلب المعالي | فكنتم في المجال السابقينا
|
بنى الأهرام " فرعون " فدامت | لتخبر كيف كان الظالمونا
|
و كم أشقى الجموع الفرد منهم | و كم طمس الألوف لكي يبينا
|
وشدتم معهدا في " تلّ شيحا " | سيبقى ملجأ للبائسينا
|
يطلّ الفجر مبتسما عليه | و يرجع مطمئنّا مستكينا
|
و يمضي يملأ الوادي ثناء | عليكم ، و الأباطح و الحزونا
|
أرى غيثين يستبقان جودا | هما مطر السّما و الغائثونا
|
لئن حجب الغمام الشّمس عنّا | فلم يطمس ضياء الله فينا
|
و لم يستر سبيل الخير عنكم | و لم يقبض أكفّ الباذلينا
|
وجدت المرء حبّ الخير فيه | فإن يفقده صار المرء طينا
|
تكمّش في الحقول الشوك بخلا | فذلّ و عاش مكتئبا حزينا
|
و أسنى الورد ، إذ أعطى شذاه | مكانته فكن في الواهبينا
|
سألت الشعر أن يثني عليكم | فقالت لي القوافي : قد عيينا
|
سيجزيهم عم البؤساء ربّ | يكافيء بالجميل المحسنينا |