ما طائر كان في بيداء موحشة | فساقه قدر نحو البساتين
|
فبات تسعده فيها بلابلها | حينا ، ويسعدها بعض الأحايين
|
مني بأسعد حظا مذ نزلت بكم | يا معشر السادة الغرّ الميامين
|
فررت من برد كانون فقابلني | في أرضكم بالأقاحي شهر كانون
|
أنسام ((أيار)) تسري في أصائلها | وفي عشياتها أنفاس ((تشرين))
|
توزّع السحر شطرا في مغارسها | ولآخر في لحاظ الخرّد العين
|
كلّ الشتاء ربيع في شواطئها | وكلّ أيامها عيد الشعانين
|
لكن ميامي وإن جلّت مفاتنها | لولا وجودكم ليست لتغريني
|
إني لأشهد دنيا من عواطفكم | أحبّ عندي من دنيا الرياحين
|
وكلما سمعت نجواكم أذني | ظننت أني في دنيا تلاحين
|
لأنتم النور لي والنور منطمس | وأنتم الماء إذ لا ماء يرويني
|
أحيبتكم حبّ إنسان لإخوته | إذ ليس بينكم فوقي ولا دوني
|
إن كان فيكم قوي لا يقاهرني | أو كان فيكم ضعيف لا يداجيني
|
قل لامرىء مثل قارون بثروته | إني امرؤ بصحابي فوق قارون
|
من يكتسب صاحبا تبق مودته | فهو الغنّي به لا ذو الملايين
|
فاختر صحابك وانظر في اختارهم | إلى الطبائع قبل اللون والدين
|
ليس الوداد الذي يبق إلى أبد | مثل الوداد الذي يبقى إلى حين
|
والمرء في هذه الدنيا عواطفه | إن تندرس فهو بيت غير مسكون
|
وإن عاطفة هذي مظاهرها | من عالم الروح لا من عالم الطين
|
لوفاتني كلّ ما في الأرض من ذهب | ولم تفتني فإني غير مغبون
|
لو القوافي تؤاتيني شكرتكم | كما أريد ، ولكن لا تؤاتيني
|
لا يمدح الورد إنسان يقول له | يا ورد إنك ذو عطر وتلوين
|
فاستنطقوا القلب عني فهو يخبركم | فالحبّ والقلب مكنون بمكنون
|
لولا المحبة صار الكون أجمعه | طوبى الأفاعي وفردوس السراحين
|
إني سأحفظ في قلبي جميلكم | وسوف أذكره في العسر واللين |