ألا أيّها الباكي فديتك باكيا | علام و فيما تستحثّ المآقيا ؟
|
رويدك ما أرضى لك الحزن خلّة | و هيهات أن أرضاك بالحزن راضيا
|
يعنّفني من كنت أدعوه صاحبا | فما انفكّ حتّى يتّ أدعوه لاحيا
|
دعوت لربّي أن دعاني لائم | و لم أعصه أن لا يجيب دعائيا
|
لقد أرخص العذّال عندي قولهم | إذا همّت العيان أرخصت غاليا
|
أأمنع ماء ما يروي أخا صدى | و قد كنت لا أحمي المناهل صاديا
|
عليّ و البكا و النوح ضربه لازب | و إنذي لأبكي أنّني لست باكيا
|
و كيف ارتياحي بعد هند و بيننا | مهامه لا تلقى بها الريح هاديا ؟
|
يظلّ بها السرحان يعوي من الطوى | نهارا ، و يطوي ليلة الخوف طاويا
|
لقد كنت أخشى أن يفرّق بيننا | فأصبحت أخشى اليوم أن لا تلاقيا
|
فيا من لقلب لا تنام همومه | و يا من لعين لا تنام اللّياليا
|
رأيت اللّيالي ما تزال تروعني | بأحداثها ، ما للّيالي و ما ليا
|
و ام يبق عند الدهر خطب أخافه | فكيف اعتذار الدّهر إن رحت شاكيا
|
إذا لم تكن لي آسيا أو مؤاسيا | فلا تك لوّاما وذرني و ما بيا
|
فإنّي رأيت اللّوم يذكي صبابتي | كذاك عهدت الزّند بالقدح واريا
|
ألا حبّذا من سالف العيش ما مضى | و يا حبّذا لو كان يرجع ثانيا
|
زمان كقلب الطّفل صاف و كالمنى | لذيذ ، و لكن كان كالحلم فانيا
|
أحنّ إليه في العشيّ و في الضحى | حنين جاءه الشّوق داعيا
|
و أذكره ذكرى العجوز شبابها | و أبكي لدى ذكراه أحمر قانيا
|
و لولا أمور في الفؤاد أسرّها | جعلت عليه الدهر وقفا لسانيا
|
خليليّ أعوام السرور دقائق | و أيّامه كادت تكون ثوانيا
|
و أجمل أيّام الفتى زمن الصبى | و خير الصّبا ما كان في الحبّ ناميا
|
رعى الله أيّامي التي قد أضعتها | فكنت كأنّي قد أضعت فؤاديا
|
ليالي لا هند تصدّق واشيا | و لا هي تخشى أن أصدّق واشيا
|
و يا طالما بتنا و لا ثالث لنا | سوى الرّاح ندنيها فتدني الأمانيا
|
و دار حديث الحبّ بيني و بينها | فطورا مناجاة و طورا تشاكيا
|
ألم تر أنّني قد نظمت حديثها | لآليء غنّاها الرواة قوافيا ؟
|
تولّى زمان اللّهو كالطيف في الكرى | فلست تراني بعده الدهر لاهيا
|
شئمت لذاذات الحياة جميعها | و لو رضيت هند سئمت شبابيا
|
سلام على هند و إن فات مسمعي | سلام التي أهدي إليها سلاميا
|
ترى عندها أنّي على العهد ثابت | و إن يك هذا البين أوهى عظاميا
|
فوالله ما أخشى الحمام على النّوى | و لكنّني خلودي نائيا |