يا أيّها الشعر أسعفني فأرثيه | و يا دموع أعينيني فأبكيه
|
بحثت لي عن معزّ يوم مصرعه | فلم أجد غير محزون أعزّيه
|
و ما سألت امرءا فيما تفجّعه | إلاّ و جاوب – " إنّي من محبّيه "
|
كأنّما كلّ إنسان أضاع أخا | أو انطوت فجأة دنيا أمانيه
|
فذا أساه لهيب في أضالعه | و ذا أساه دموع في مآقيه
|
فهل درى أيّ سهم في قلوب رمى | لما نعاه إلى الأسماع ناعيه ؟
|
***
|
يا شاعر الحسن هذا الروض قد طلعت | فيه الرياحين و افترّت أقاحيه
|
و شاع " أيّار " عطرا في جوانبه | و نضرة و اخضرارا في روابيه
|
فأين شعرك يسري من نسائمه ؟ | و أين سحرك يجري في سواقيه ؟
|
هجرته فامّحت منه بشاشته | مات الهوى فيه لمّا مات شادية
|
أغنى عن الدّرّ في القيعان مختبئا | درّ يساقطه الحدّدا من فيه
|
و كان للسحر تأثيره فأبطله | بالسحر يجري حلالا في قوافيه
|
بلاغة " المتنبّي " في مدائحه ، | و دمع " خنساء صخر " في مراثيه
|
لا يعذّب الشعر إلاّ حين ينظمه ، | أو حين ينشده ، أو حين يرونه
|
و يا طبيبا يداوي الناس مع علل | داء الأسى اليوم فيهم من يداويه ؟
|
أمسى الذي كان يشجينا و يطربنا | لا شيء يطربه ، لا شيء يشجيه
|
لقد تساوى لديه شدو ساجعة | و صوت نائحة في الحيّ تبكيه
|
صارت لياليه نوما غير منقطع | و لم تكن هكذا قبلا لياليه
|
قد كان نبراسنا في المعضلات إذا | ما ليلها جنّ واربدّت نواصيه
|
فمن لنا في غد إن أزمة عرضت | و ليس فينا أخو حزم يضاهيه
|
من للحزين يواسيه و يسعده | و للمريض يداويه فيشفيه
|
يا قائد القوم إن تسأل فإنّهم | باتوا حيارى كإسرائيل في التيه
|
لمّا رأوك مسجّى بينهم علموا | ما العيش غير أخاييل و تمويه
|
يا رزق ، قلبي عليك اليوم منفطر | و كلّ قلب كقلبي في تشطّيه
|
لم يحو نعشك جسما لا حراك به | بل أنت آمالنا موضوعة فيه
|
غدا يواريك عن أبصارنا جدث | لكنّ فضلك لا شيء يواريه |