إنّي مررت على الرياض الحالية | و سمعت أنغام الطيور الشادية
|
فطربت ، لكن لم يحبّ فؤادية | كطيور أرضي أو زهور بلادي
|
و شربت ماء النيل شيخ الأنهر | فكأنّني قد ذقت ماء الكوثر
|
نهر تبارك من قديم الأعصر | عذب ، و لكن لا كماء بلادي
|
و قرأت أوصاف المروءة في السير | فظننتها شيئا تلاشى و اندثر
|
أو أنّها كالغول ليس لها أثر | فإذا المروءة في رجال بلادي
|
ورسمت يوماً صورة في خاطري | للحسن ، إنّ الحسن ربّ الشاعر
|
و ذهبت أنشدها فأعيا خاطري | حتّى نظرت إلى بنات بلادي
|
قالوا : أليس الحسن في كلّ الدنى | فعلام لم تمدح سواها موطنا
|
فأجبتهم إنّي أحبّ الأحسنا | أبدا ، و أحسن ما رأيت بلادي
|
قالوا : رأيناها فلم نر طيّبا | و لّى صباها و الجمال مع الصّبا
|
فأجبتهم : لتكن بلادي سبسبا | قفرا ، فلست أحبّ غير بلادي
|
قالوا : تأمّل أيّ حال حالها | صدع القضاء صروحها فأمالها
|
ستموت ... إنّ الدهر شاء زوالها | أتموت ؟ كلّا ، لن تموت بلادي
|
هي كالغدير إذا أتى فصل الشتا | فقد الخرير و صار يحكي الميتا
|
أو كالهزار حبسته ... لكن متى | يعد الربيع يعد إلى الإنشاد
|
ألكوكب الوضّاح يبقى كوكبا | و لئن تستّر بالدجى و تنقّبا
|
ليس الضباب بسالب حسن الرّبى | و البؤس لا يمحو جمال بلادي
|
لا عزّ إلاّ بالشباب الراقي | ألناهض العزمات و الأخلاق
|
ألثائر المتفجّر الدفّاق | لولاه لم تشمخ جبال بلادي |