يا نفس قد ذهب الرفيق الألمعي | فتجلّدي لفراقه أو فاجزعي
|
هذي النهاية ، لا نهاية غيرها، | للحي إن يسرع وإن لم يسرع
|
للموت من ملك البسيطة كلّها | أو حاز من دنياه بضعة أذرع
|
فازرع طريقك بالورود وبالسنا | لا يحصد الإنسان إن لم يزرع
|
واعمل لكي تمضي وتبقى رقة | في مبسم ، أو نغمة في مسمع
|
أو صورة مثل الربيع جميلة | في خاطر أو ناظر مستمتع
|
يا صحب يعقوب ، ويا عشراءه | من منكمو أبكي ولا يبكي معي
|
إنّا تساوينا فبين ضلوعكم | نار ومثل سعيرها في أضلعي
|
لبنان، هذا من روضك زهرة | ذهبت كأن في الأرض لم تتضوّع
|
لبنان هذا من سمائك كوكب | غرّبته حتى انطوى في بلقع
|
لبنان هذا من مروجك قطعة | فيه بشاشة كلّ مرج ممرع
|
قل للبنفسج في سفوحك والرّبى | ولّي شبيهك في الوداعة فاخشع
|
وأمر طيورك أن تنوح على فتى | قد كان يهواها وإن لم تسجع
|
قد عاش مثلك للمروءة والعلى | متعفّفا كالزاهد المتورّع
|
مترفّعا في قوله وفعاله | عمّن غوى وهوى ولم يترفّع
|
كم حرّضته النفس في نزواتها | ليكون صاحب حيلة أو مطمع
|
فأجابها: يا نفس لا تتوّرطي | صدأ النفوس هي المطامع فاقتعي
|
ليس المحارب في الوغى بأشدّ بأسا | من محارب نفسه أو أشحع
|
يا صاحبي أضنيت جسمك فاسترح | وأطلت ، يا يعقوب، سهدك فاهجع
|
حدّثت قومك حقبة فتسمّعوا | والآن دور حديثهم فتسّع
|
هجروا الكلام إلى الدموع لأنّهم | وجدوا البلاغة كلّها في الأدمع
|
كيف التفتّ وسرت لا ألقى سوى | متوجع يشكو إلى متوجّع
|
حتى الألى نفشوا عليك سمومهم | حزّ الأسى أكبادهم كالمبضع
|
عرفوا مكانك بعد ما فارقتهم | يا ليتهم عرفوه قبل المصرع
|
ولكم تمنّوا لو تعود إليهم | أنت الشباب إذا مضى لم يرجع
|
حنّوا إلى أرج الأزاهر بعدما | عبثت بها أيدي الرياح الأربع
|
واستعذبوا الماء المسلسل بعدما | نضب الغدير وجفّ ماء المشرع
|
يا لوعة الأحباب حين تساءلوا | عنه وعادوا بالجواب الموجع
|
إن الذي قد كان معكم قد مضى | من موضع أدنى لأرفع موضع
|
من عالم متكلّف متصنّع | تشقى نفوس فيه لم تتصنّع
|
للعالم الأسمى الطهور ، ومن مجاورة | الأنام إلى جوار المبدع |