من المرمر المسنون صاغوا مثاله | و طافوا به من كلّ ناحية زمر
|
و قالوا – صنعناه لتخليد رسمه ، | فقلت – ألا يفنى كما فنى الأثر ؟
|
و قالوا – نصبناه اعترافا بفضله ، | فقلت إذن من يعرف الفضل للحجر ؟
|
و قالوا – غنيّ كان يسخو بماله | فقلت لهم هل كان أسخى من المطر ؟
|
و قالوا – قويّ عاش يحمي ذمارنا | فقلت لهم كان أقوى من القدر ؟
|
أكان غنيّا أو قويّا فإنّه | بمالكم استغنى و قوتكم ظفر
|
فلم يتعشّقكم و لا همتم به | كما خلتم لكنه النّفع و الضرر
|
و لم ترفعوا التّمثال للبأس و النّدى | و لكن لضعف في نفوسكم استتر
|
فلستم تحبّون الغنيّ إذا افتقر | و لستم تحبّون القويّ إذا اندحر
|
رأيتكم لا تعرجون بروضة | إذا لم يكن في الروض فيء و لا ثمر
|
و لا تعقلون الشاة إلاّ لتسمنوا ، | و لا تقتنون الخيل إلاّ على السفر
|
إذا كان حبّ الفضل للفضل شأنكم | و لم تخطئوا في الحسن و السّمع و البصر
|
فما بالكم تكرموا اللّيل و الضّحى | و لم تنصبوا التّمثال للشمس و لاقمر ؟ |