عملية التربية ليست سهلة بالمرة، وتكون أصعب في حالة وجود أبناء في سن المراهقة، لأنهم يحتاجون لطريقة تعامل خاصة جدا، لذا يقع الآباء والأمهات غالبا في بعض الأخطاء التي قد تؤدي بالمراهق للابتعاد عنهما أكثر وأكثر والتقوقع داخل عالمه الخاص المليء برفاق من نفس السن يشاركونه تجاربا قد تضره. ومن أبرز هذه الاخطاء:
إلقاء الأوامر والمحاضرات بدلا من مناقشة الأبناء
يريد الوالدان أن يكبر الأبناء ويتجاوزوا مرحلة المراهقة سريعا حتى يصبحوا بالغين متحملين للمسئولية ويمكنهم اتخاذ قرارات مصيرية في حياتهم. ورغم هذا الهدف الجميل والنبيل، ينسى الأب والأم أن تحقيقه يحتاج لمنح بعض المساحة من الحرية للأبناء للتفكير والتعبير عن أرائهم، ويواصلان دائما إلقاء الأوامر غير القابلة للنقاش والمحاضرات المملة التي لا تخرج عن كونها سرد لخبراتهما السابقة في الحياة دون مراعاة لفارق العصر والزمن.
لا نقول أن الأبناء لا يحتاجون للتوجيه والمتابعة في هذه المرحلة، بل العكس تماما هو الصحيح، لكنهم بحاجة أيضا للتفهم وبعض الحرية في اتخاذ بعض قراراتهم بأنفسهم بعد مناقشتها بموضوعية وباستفاضة مع الوالدين. بمعنى ألا يصبح الابن متلقيا سلبيا للأفكار والأوامر، بل يشارك في صنع القرار الذي يتعلق بحياته.
تجاهل بعض الأمور الواضحة
قد يتجه المراهقون في مرحلة ما إلى النوم في أوقات متأخرة والتغيب عن المدرسة أو الجامعة ، بالإضافة للعودة للمنزل في أوقات تتجاوز الموعد المتفق عليه مع الوالدين، وكذلك اتخاذ أصدقاء جدد لا يعلم الأهل عنهم شيئا.
إذا اعتبر الأهل أن كل ما سبق هو "مجرد سلوكيات يقوم بها معظم الأبناء في هذه المرحلة السنية"، فهذا خطأ كبير لا يمكن تداركه إذا استمر الصمت والتجاهل لفترة طويلة لسلوكيات الأبناء غيرالسوية، أو بمعنى آخر يكون الوالدان يدفنان رأسيهما في الرمال ويغمضان العيون عن علامات واضحة تدل على وجود خطأ ما في التربية والمتابعة لابد من تداركه سريعا لأن السكوت عنه سيؤدي لنتائج وخيمة.
وليس المطلوب هنا هو الانفعال على الأبناء وتعنيفهم، وإنما الاقتراب منهم ومناقشتهم والتعرف أكثر على تفاصيل حياتهم بشكل غير مباشر وغير منفر، لأن العنف والقسوة سيقابلان بسلوك عدواني ومقاومة شديدة من جانب الأبناء.
عدم متابعة تنفيذ القواعد المتفق عليها
قلنا أن فرض الأوامر والقواعد دون مناقشتها والاتفاق عليها مع الأبناء أمر خاطيء يؤدي بالأبناء للعناد وشق عصا الطاعة متعمدين. ولكن من الخطأ أيضا أن أصل إلى اتفاق مناسب يرضي جميع الأطراف، ونقوم على أساسه بتحديد أسس وقواعد سلوكيات وتصرفات الأبناء والعقاب المقرر في حالة عدم الالتزام، ثم بعد ذلك نهمل متابعة مدى التزام الأبناء بهذه القواعد المتفق عليها ونتجاهل تطبيق العقوبات المنصوص عليها.
المبالغة في تحديد المتوقع من الأبناء
حينما تحدد هدفا لأبنائك، لا تبالغ، بل اجعل الأمر في متناول أيديهم وقدرتهم على الإنجاز. فإذا كنت تعلم أن أحد الأبناء يعاني من صعوبات في التعلم بالنسبة لإحدى المواد الدراسية، لا تأخذ في توبيخه والصراخ في وجهه إذا حصل على درجات ضعيفة في هذه المادة، بل تقبل الأمر بهدوء واستمع لشكوى الابن أو الابنة والصعوبات التي تمنعه من تحقيق التفوق، ثم اجتهد لتذليل العقبات وتوفير سبل النجاح للأبناء، وذلك بمساعدتهم في المذاكرة أو شراء كتب خارجية بها شرح مناسب أو أي حل آخر تجد في قدرتك عمله.
التركيز على الأخطاء وتجاهل الإنجازات
نضيف لأخطاء الأهل كذلك التركيز على أخطاء وعيوب الأبناء ومعايرتهم بها أمام الآخرين في كل مناسبة وعقابهم عليها كذلك، بينما لا يهتمون في كثير من الأحيان بتشجيع الصغار ورفع معنوياتهم والإشادة بأي نجاح أو إنجاز يحققونه، وهذا بالطبع يصيب الأبناء بالإحباط ويجعل الصواب في أعينهم يتساوى بالخطأ، فهم في كل الأحوال سيتم توبيخهم.