تتزايد ضغوط الدراسة والعمل ويتواصل ظهور الأعباء والمهام التي تسفر عن تباعد أفراد الأسرة وتعذر التفاهم بين أفرادها، خاصة مع تنوع توجهاتهم الحياتية واختلاف وظائفهم وطبيعة دراستهم، ولا شك في أن ظاهرة التفكك الأسري التي باتت تهدد المجتمعات نتجت عن مثل تلك الأعراض السلبية وأسهم تجاهلها والانصراف عن إيجاد حلول لها في تفاقمها وانتشارها على مستوى عالمي.
يفقد مفهوم الأسرة بريقه تدريجيا بضعف الروابط التي تجمع أفراد الأسرة، ولا سبب في ذلك سوى أنانية البعض في الإصرار على تحقيق ذاته على حساب المحيطين. يقع على الوالدين العبء الأكبر في دعم روح التفاهم بين الأبناء وتقويم السلوكيات السلبية عندهم، لاسيما تفضيل المصالح الشخصية والإساءة إلى الأشقاء بالقول أو الفعل وتجاهل معاناتهم والتقاعس عن دعمهم في الأزمات، وكلها سلوكيات ضارة لا تثمر سوى التباعد والجفاء العاطفي إن لم يشملها الأبوان بالاهتمام المطلوب.
يرجع علماء الاجتماع توتر العلاقة بين الأبوين والأبناء إلى الفجوة العمرية وانتماء الطرفين إلى جيلين مختلفين، واللذين ينتج عنهما اختلاف طرق التفكير وأساليب ممارسة المهام الحياتية المتنوعة. يسهم التباعد الجغرافي أيضا في اتساع الفجوة بين الطرفين، وإن كان لجفاء العاطفة وفتور المشاعر الأبوية التأثير الأكبر على مضاعفة التوتر. ومع سعي المراهقين من الأبناء إلى الاستقلال بحياتهم الشخصية، فهم يغفلون عن أهمية الأبوين بما يوفرانه من دعم مادي ونفسي، ظانين أن بإمكانهم الاستغناء عن ذلك الدعم بفضل مجهوداتهم واعتمادا على اختياراتهم دون الشعور بضرورة استشارة الأبوين، ومن هنا يبدأ الصراع.
قد تسهم مبادرة الأبوين لرأب الصدع والسيطرة على صعوبة التواصل في إنهاء الصراع مع الأبناء المراهقين في هذه المرحلة الحساسة، وهنا يأتي دورنا في ترشيح بعض النصائح التي قد تسهم في خلق مناخ من التفاهم وفتح صفحة جديدة للتواصل:1- قضاء أطول الفترات معا
احرص دائما على تناول الوجبات مع الأبناء، وإن لم يكن الوقت مناسبا للمشاورة وتبادل الآراء، فهو على الأقل مناسب لتجاذب أطراف الحديث والتندر. امنح أبناءك الفرصة للتعبير عما بداخلهم واغلق جوالك كي تتجنب الانشغال، واسألهم عن مجريات حياتهم وما يؤرقهم في الدراسة كي لا تتفاجأ في المستقبل بوقوع أزمات لم تكن في حسبانك يوما ما.2- اغتنام جميع الفرص للتواصل
لا تدع فرصة للتواصل مع الأبناء وقضاء وقت ممتع معهم تفوتك، فإذا ما توافرت فرصة للسفر في نزهة فلا تتردد في استغلالها.3- التأكيد على حب الأبناء
اجعل ابناءك يشعرون دائما بحبك وودك كي لا يحجموا عن إشراكك في شؤونهم، فلا تنسَ أنك ستحتاج يوما ما إلى مودتهم وعطفهم عند بلوغ الكبر وانصراف الرفاق، ولن يبقى حولك إلا من تربطهم بك علاقة حب وود لم تحكمها المصالح يوما.4- الاشتراك معهم في النشاطات المحببة إليهم
إذا كان أبناؤك من هواة لعب كرة القدم أو الشطرنج أو السباحة، فلا حرج في الاشتراك معهم في نشاطاتهم، وشجعهم، إذا ما توافر لديك الوقت والقدرة المادية، على تنمية مواهبهم.
على الأمهات اجتذاب بناتهم إلى عالم المطبخ لتعلم مهارات إعداد الأطعمة والحلوى وإتقان المهارات اليدوية.5- احترام اختياراتهم ورغباتهم
لا تفرض آراءك على الأبناء وامنحهم فرصة الاختيار، فعند شراء الملابس مثلا لا مانع من اختيارها على ذوقهم الشخصي. ومع ذلك، فلك كامل الحق في منعهم عن التصرفات الطائشة التي قد تؤذيهم وتؤثر على مستقبلهم.6- منحهم الأولوية عند اتخاذ القرارات
اجعل مصلحة أبنائك هو الأولى دائما بالاهتمام ولا تتوانى في تحقيق ما يمنحهم فرصا أفضل في الحياة على قدر استطاعتك، وتذكر دائما أن الإحسان إليهم هو استثمار ستجني فوائده في المستقبل.