لا يُحْزِنِ الله الأميرَ فإنّني | لآخُذُ مِن حَالاتِهِ بِنَصِيبِ
|
وَمَن سَرّ أهْلَ الأرْضِ ثمّ بكَى أسًى | بكَى بعُيُونٍ سَرّهَا وَقُلُوبِ
|
وَإنّي وَإنْ كانَ الدّفينُ حَبيبَهُ | حَبيبٌ إلى قَلْبي حَبيبُ حَبيبي
|
وَقَدْ فارَقَ النّاسَ الأحِبّةُ قَبْلَنَا | وَأعْيَا دَوَاءُ المَوْتِ كُلَّ طَبيبِ
|
سُبِقْنَا إلى الدّنْيَا فَلَوْ عاشَ أهْلُها | مُنِعْنَا بهَا مِنْ جَيْئَةٍ وَذُهُوبِ
|
تَمَلّكَهَا الآتي تَمَلُّكَ سَالِبٍ | وَفارَقَهَا المَاضِي فِراقَ سَليبِ
|
وَلا فَضْلَ فيها للشّجاعَةِ وَالنّدَى | وَصَبْرِ الفَتى لَوْلا لِقاءُ شَعُوبِ
|
وَأوْفَى حَيَاةِ الغَابِرِينَ لِصاحِبٍ | حَياةُ امرِىءٍ خَانَتْهُ بَعدَ مَشيبِ
|
لأبْقَى يَمَاكٌ في حَشَايَ صَبَابَةً | إلى كُلّ تُرْكيّ النّجارِ جَليبِ
|
وَمَا كُلّ وَجْهٍ أبْيَضٍ بِمُبَارَكٍ | وَلا كُلّ جَفْنٍ ضَيّقٍ بنَجِيبِ
|
لَئِنْ ظَهَرَتْ فِينَا عَلَيْهِ كآبَةٌ | لقَدْ ظَهَرَتْ في حَدّ كُلّ قَضِيبِ
|
وَفي كُلِّ قَوْسٍ كلَّ يَوْمِ تَنَاضُلٍ | وَفي كلِّ طِرْفٍ كلَّ يَوْمِ رُكوبِ
|
يَعِزّ عَلَيْهِ أنْ يُخِلّ بِعادَةٍ | وَتَدْعُو لأمْرٍ وَهْوَ غَيرُ مُجيبِ
|
وَكنتَ إذا أبْصَرْتَهُ لكَ قَائِماً | نَظَرْتَ إلى ذي لِبْدَتَينِ أديبِ
|
فإنْ يَكُنِ العِلْقَ النّفيسَ فَقَدْتَهُ | فَمِنْ كَفّ مِتْلافٍ أغَرّ وَهُوبِ
|
كَأنّ الرّدَى عادٍ عَلى كُلّ مَاجِدٍ | إذا لمْ يُعَوِّذْ مَجْدَهُ بِعُيُوبِ
|
وَلَوْلا أيادي الدّهْرِ في الجَمْعِ بَينَنا | غَفَلْنَا فَلَمْ نَشْعُرْ لَهُ بذُنُوبِ
|
وَلَلتّرْكُ للإحْسَانِ خَيْرٌ لمُحْسِنٍ | إذا جَعَلَ الإحسانَ غَيرَ رَبيبِ
|
وَإنّ الذي أمْسَتْ نِزارُ عَبِيدَهُ | غَنيٌّ عَنِ اسْتِعْبَادِهِ لِغَرِيبِ
|
كَفَى بصَفَاءِ الوُدّ رِقّاً لمِثْلِهِ | وَبالقُرْبِ مِنْهُ مَفْخَراً للَبيبِ
|
فَعُوّضَ سَيْفُ الدّوْلَةِ الأجْرَ إنّهُ | أجَلُّ مُثَابٍ من أجَلّ مُثِيبِ
|
فَتى الخَيلِ قَدْ بَلّ النّجيعُ نحورَها | يُطاعِنُ في ضَنْكِ المَقامِ عَصِيبِ
|
يَعَافُ خِيَامَ الرَّيْطِ في غَزَواتِهِ | فَمَا خَيْمُهُ إلاّ غُبَارُ حُرُوبِ
|
عَلَيْنَا لَكَ الإسْعادُ إنْ كانَ نَافِعاً | بِشَقِّ قُلُوبٍ لا بِشَقّ جُيُوبِ
|
فَرُبّ كَئيبٍ لَيسَ تَنْدَى جُفُونُهُ | وَرُبّ نَدِيِّ الجَفْنِ غَيرُ كَئيبِ
|
تَسَلَّ بفِكْرٍ في أبَيْكَ فإنّمَا | بكَيْتَ فكانَ الضّحكُ بعدَ قَريبِ
|
إذا استَقبَلَتْ نَفسُ الكريمِ مُصابَها | بخُبْثٍ ثَنَتْ فاسْتَدْبَرَتْهُ بطيبِ
|
وَللواجِدِ المَكْرُوبِ مِن زَفَراتِهِ | سُكُونُ عَزاءٍ أوْ سُكونُ لُغُوبِ
|
وَكَمْ لَكَ جَدّاً لمْ تَرَ العَينُ وَجهَهُ | فَلَمْ تَجْرِ في آثَارِهِ بغُرُوبِ
|
فَدَتْكَ نُفُوسُ الحاسِدينَ فإنّها | مُعَذَّبَةٌ في حَضْرَةٍ ومَغِيبِ
|
وَفي تَعَبٍ مَن يحسُدُ الشمسَ نورَها | وَيَجْهَدُ أنْ يأتي لهَا بضَرِيبِ |