أرض في المريخ... وقرض من زحل
منقـــــــــــــول
نشر بجريدة الحياه فى 29.12.2008
لا أعرف لماذا لديّ إحساس بأننا في مسألة مشاريع الاسكان، واقعين في «حيص بيص» وهذا مثل عربي
يقال حينما تكون المسائل متشابكة، انظر معي، حينما تريد أرض منحة، لتبني عليها منزلاً، تتقدم الى البلدية،
وتبقى سنوات طويلة حتى تتوافر لدى الأمانات أراضٍ كافية حتى توزعها على الناس، وإن كنت محظوظاً
ستكون الأسبقية لك، او انتظر سنوات أخرى، وإذا منّ الله عليك بنعمة الأرض، ستتقدم وأنت منشرح الصدر
مسرور بهذه الأرض الى صندوق التنمية العقاري لتحصل على قرض، لاحظوا المهمة انتقلت من الأمانة
الى ادارة حكومية أخرى، وفي الصندوق العقاري، ستقضي بقية عمرك تنتظر الى ان يأتي دورك، وتُفاجَأ
أخيراً أن المبلغ الذي قدمه الصندوق لا يكفي لبناء «عظم»، والسبب أن اسعار الحديد وكلفة البناء قد ارتفعت،
والآن مع الازمة المالية العالمية، وانتكاسة قطاع المقاولات في كثير من الدول، يبقى الأمل محدوداً في ان
تستطيع ان تبني شيئاً، هذه جهة وجهات اخرى إنسانية وشخصية أسهمت في مشروع الاسكان، فظهر
مشروع الملك عبدالله لوالديه للاسكان الخيري، ومشروع الامير سلطان بن عبدالعزيز من خلال جمعيته
الإنسانية، وجمعية الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ومشروع الامير الوليد بن طلال لبناء 10 آلاف وحدة سكنية،
وظهرت أخيراً مبادرة من القطاع الخاص وهي مشروع تمويل المساكن، وهذه الشركة لا تختلف عن البنوك في
أسلوب تقديم القروض. وربما جهات أخرى أيضاً تقدم الخدمة نفسها. إذاً اليوم أنت محتاج إلى سكن فإلى أين تتقدم؟
سؤال محيّر ويحتاج الى إجابة من أكثر من جهة.
لهذا حينما يتقدم أحدهم بطلب منحة ارض، فمن الطبيعي ستجد اسمه موجوداً في أكثر من جهة، وبطريقة مختلفة،
فهو إما يطلب سكناً من مؤسسات خيرية إسكانية، أو تمويلاً من بنك لشراء منزل، وفي الأخير هو يبحث عن الأسرع
في تنفيذ طلبه، فلماذا كل هذه «الحوسة» من أجل توفير مسكن إما قرضاً أو تمويلاً وكأنّ «الطاسة ضائعة».
استبشرنا خيراً بتأسيس هيئة للإسكان، وعوّلنا عليها أملاً كبيراً في ان تعالج المشكلة وتتوحد كل الطلبات تحت
مظلتها، إلا أننا فوجئنا أنها هي أيضاً تبحث عن ارض لإقامة مشاريع إسكانية لها في المناطق والمدن، فأخْبِروني
الآن بالله عليكم، أمانات المدن ستبحث عن أراضٍ لمنح المواطنين أو أماكن لإقامة مشاريع الهيئة...
أليس العمل مزدوجاً وجميعه يصب في خانة واحدة؟
من الضروري جداً ان تتوحد الجهود وتكون المرجعية لجهة واحدة وتذلل الصعاب، حتى الآن لا أعرف
ما دور الهيئة العامة للاسكان؟ هل هو إشرافي أم تنفيذي؟ إن كان اشرافياً... فما الجهات التي تشرف
عليها وما دورها؟ ولا نريد للهيئة تكملة عدد للجهات الحكومية، فالموجود يكفي، ولا يريد المراجع ان يتحمل
أعباء جهات حكومية أخرى إذا كانت لن تقدم أو تؤخر شيئاً، وان كان دور الهيئة تنفيذياً، فأخبروني من أين
ستمول الهيئة هذه المشاريع؟ وهل لها صندوق مالي وكيف ستوزع؟ وما مساحة المساكن؟ في الحقيقة معلومات
كثيرة غائبة عن الهيئة، وإن كان صحيحاً انها ستبني... فما مصير الناس الذين حصلوا على منح أو لديهم أراض
وتقدموا بطلب قرض من البنك العقاري؟ لدي اعتقاد بأن الموضوع سيتشابك اكثر إن لم يتم وضع آلية او خطة
لمشاريع الاسكان في السعودية وضمها تحت مظلة واحدة، حتى منح الأراضي أقترح ان تُضَمّ للهيئة بحيث تكون
الجهة المعنية بتقديم الطلب من المواطنين، بدلاً من الأمانات، والشيء نفسه لتقديم الطلب للصندوق العقاري،
ومشاريع الاسكان الأخرى وحتى الخيرية، من شأن توحيد الجهة المعنية بتقديم خدمات الاسكان، هو معالجة
المشكلات وايجاد الحلول، والوقوف عليها، بدلاً من أن تبقى كل جهة تعمل بمفردها بعيدة عن الأخرى،
ونحن نعلم كيف أن الجهات الحكومية لدينا غير منسجمة ومتعاونة في ما بينها وبخاصة في ما يتعلق
بقضايا المواطنين، وهي أيضاً فرصة لنكفي المواطن من اللف ومراجعة جهات حكومية متعددة من أجل
هـــدف واحــــد.
كنتُ قرأتُ الأسبوع الماضي في صحيفة «الشرق الاوسط» تصريحاً للدكتور شويش المطيري محافظ هيئة
الاسكان العامة، في ندوة اقامتها الجمعية الوطنية لحقوق الانسان، وقد أفزعني الخبر، أن الهيئة تعتزم بناء 4
مشاريع إسكانية لذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة، وسبب هذا الفزع أو الخوف، هو ان جهات أخرى سابقة
ولها تجربة طويلة، لم تتمكن من تحقيق رقم يمكن إضافته إلى خانة الإنجاز! هل ستعيد الهيئة التجربة نفسها،
الأمر سيحتاج الى سنوات. وكم ستغــــطي مــن الاحتيــــاجات الســـكنية.
نحن نبحث عن حل جذري وتعاون ملموس بين كل الجهات، يعالج المشكلة ويحد من الظاهرة ، بالله عليكم كم
ستحتاج الهيئة من وقت لتنفيذ مشاريعها الأربعة، إن لم تتعثر مالياً، وإن سارت في خطى الصندوق العقاري،
فهذا يعني اننا سندخل في غيبوبة طويلة إلى أن نفيق. من الضروري جداً ان تُمنح الهيئة صلاحيات وتُعطى
دوراً أكبر لمتارس دورها وتحقق النجاح او خططها. بلا شك أمام المسؤولين تحدٍّ كبير لمعالجة مشكلة توفير
مساكن، والملك عبدالله بن عبدالعزيز، قدّم الكثير الكثير من اجل ان يحقق أمنيات المواطنين بتملك منازل لهم،
وأسهم في هذا برفع رأسمال الصندوق العقاري، وزاد على ذلك ان أعفى المقترضين المتوفّين من الصندوق،
نحن اليوم بحاجة الى أكثر من 4 ملايين مسكن، ومبلغ يزيد على تريلــيوني دولار متــــوقع
الإنــــفاق عليه. من المهم جداً أن تتوحد الجهود والجهات المعنية بمشروع الاسكان العام تحت
مظلة واحدة وهي الهيئة العامة للاسكان، وتبقى هي المحرك الرئيسي، وهذا سيحل المشكلة ويخفف
من التوتر وتشتت الطلبات، وإن أردتموها «عويصة» فليغنِّي كل على ليلاه.
منقـــــــــــــول
نشر بجريدة الحياه فى 29.12.2008
لا أعرف لماذا لديّ إحساس بأننا في مسألة مشاريع الاسكان، واقعين في «حيص بيص» وهذا مثل عربي
يقال حينما تكون المسائل متشابكة، انظر معي، حينما تريد أرض منحة، لتبني عليها منزلاً، تتقدم الى البلدية،
وتبقى سنوات طويلة حتى تتوافر لدى الأمانات أراضٍ كافية حتى توزعها على الناس، وإن كنت محظوظاً
ستكون الأسبقية لك، او انتظر سنوات أخرى، وإذا منّ الله عليك بنعمة الأرض، ستتقدم وأنت منشرح الصدر
مسرور بهذه الأرض الى صندوق التنمية العقاري لتحصل على قرض، لاحظوا المهمة انتقلت من الأمانة
الى ادارة حكومية أخرى، وفي الصندوق العقاري، ستقضي بقية عمرك تنتظر الى ان يأتي دورك، وتُفاجَأ
أخيراً أن المبلغ الذي قدمه الصندوق لا يكفي لبناء «عظم»، والسبب أن اسعار الحديد وكلفة البناء قد ارتفعت،
والآن مع الازمة المالية العالمية، وانتكاسة قطاع المقاولات في كثير من الدول، يبقى الأمل محدوداً في ان
تستطيع ان تبني شيئاً، هذه جهة وجهات اخرى إنسانية وشخصية أسهمت في مشروع الاسكان، فظهر
مشروع الملك عبدالله لوالديه للاسكان الخيري، ومشروع الامير سلطان بن عبدالعزيز من خلال جمعيته
الإنسانية، وجمعية الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ومشروع الامير الوليد بن طلال لبناء 10 آلاف وحدة سكنية،
وظهرت أخيراً مبادرة من القطاع الخاص وهي مشروع تمويل المساكن، وهذه الشركة لا تختلف عن البنوك في
أسلوب تقديم القروض. وربما جهات أخرى أيضاً تقدم الخدمة نفسها. إذاً اليوم أنت محتاج إلى سكن فإلى أين تتقدم؟
سؤال محيّر ويحتاج الى إجابة من أكثر من جهة.
لهذا حينما يتقدم أحدهم بطلب منحة ارض، فمن الطبيعي ستجد اسمه موجوداً في أكثر من جهة، وبطريقة مختلفة،
فهو إما يطلب سكناً من مؤسسات خيرية إسكانية، أو تمويلاً من بنك لشراء منزل، وفي الأخير هو يبحث عن الأسرع
في تنفيذ طلبه، فلماذا كل هذه «الحوسة» من أجل توفير مسكن إما قرضاً أو تمويلاً وكأنّ «الطاسة ضائعة».
استبشرنا خيراً بتأسيس هيئة للإسكان، وعوّلنا عليها أملاً كبيراً في ان تعالج المشكلة وتتوحد كل الطلبات تحت
مظلتها، إلا أننا فوجئنا أنها هي أيضاً تبحث عن ارض لإقامة مشاريع إسكانية لها في المناطق والمدن، فأخْبِروني
الآن بالله عليكم، أمانات المدن ستبحث عن أراضٍ لمنح المواطنين أو أماكن لإقامة مشاريع الهيئة...
أليس العمل مزدوجاً وجميعه يصب في خانة واحدة؟
من الضروري جداً ان تتوحد الجهود وتكون المرجعية لجهة واحدة وتذلل الصعاب، حتى الآن لا أعرف
ما دور الهيئة العامة للاسكان؟ هل هو إشرافي أم تنفيذي؟ إن كان اشرافياً... فما الجهات التي تشرف
عليها وما دورها؟ ولا نريد للهيئة تكملة عدد للجهات الحكومية، فالموجود يكفي، ولا يريد المراجع ان يتحمل
أعباء جهات حكومية أخرى إذا كانت لن تقدم أو تؤخر شيئاً، وان كان دور الهيئة تنفيذياً، فأخبروني من أين
ستمول الهيئة هذه المشاريع؟ وهل لها صندوق مالي وكيف ستوزع؟ وما مساحة المساكن؟ في الحقيقة معلومات
كثيرة غائبة عن الهيئة، وإن كان صحيحاً انها ستبني... فما مصير الناس الذين حصلوا على منح أو لديهم أراض
وتقدموا بطلب قرض من البنك العقاري؟ لدي اعتقاد بأن الموضوع سيتشابك اكثر إن لم يتم وضع آلية او خطة
لمشاريع الاسكان في السعودية وضمها تحت مظلة واحدة، حتى منح الأراضي أقترح ان تُضَمّ للهيئة بحيث تكون
الجهة المعنية بتقديم الطلب من المواطنين، بدلاً من الأمانات، والشيء نفسه لتقديم الطلب للصندوق العقاري،
ومشاريع الاسكان الأخرى وحتى الخيرية، من شأن توحيد الجهة المعنية بتقديم خدمات الاسكان، هو معالجة
المشكلات وايجاد الحلول، والوقوف عليها، بدلاً من أن تبقى كل جهة تعمل بمفردها بعيدة عن الأخرى،
ونحن نعلم كيف أن الجهات الحكومية لدينا غير منسجمة ومتعاونة في ما بينها وبخاصة في ما يتعلق
بقضايا المواطنين، وهي أيضاً فرصة لنكفي المواطن من اللف ومراجعة جهات حكومية متعددة من أجل
هـــدف واحــــد.
كنتُ قرأتُ الأسبوع الماضي في صحيفة «الشرق الاوسط» تصريحاً للدكتور شويش المطيري محافظ هيئة
الاسكان العامة، في ندوة اقامتها الجمعية الوطنية لحقوق الانسان، وقد أفزعني الخبر، أن الهيئة تعتزم بناء 4
مشاريع إسكانية لذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة، وسبب هذا الفزع أو الخوف، هو ان جهات أخرى سابقة
ولها تجربة طويلة، لم تتمكن من تحقيق رقم يمكن إضافته إلى خانة الإنجاز! هل ستعيد الهيئة التجربة نفسها،
الأمر سيحتاج الى سنوات. وكم ستغــــطي مــن الاحتيــــاجات الســـكنية.
نحن نبحث عن حل جذري وتعاون ملموس بين كل الجهات، يعالج المشكلة ويحد من الظاهرة ، بالله عليكم كم
ستحتاج الهيئة من وقت لتنفيذ مشاريعها الأربعة، إن لم تتعثر مالياً، وإن سارت في خطى الصندوق العقاري،
فهذا يعني اننا سندخل في غيبوبة طويلة إلى أن نفيق. من الضروري جداً ان تُمنح الهيئة صلاحيات وتُعطى
دوراً أكبر لمتارس دورها وتحقق النجاح او خططها. بلا شك أمام المسؤولين تحدٍّ كبير لمعالجة مشكلة توفير
مساكن، والملك عبدالله بن عبدالعزيز، قدّم الكثير الكثير من اجل ان يحقق أمنيات المواطنين بتملك منازل لهم،
وأسهم في هذا برفع رأسمال الصندوق العقاري، وزاد على ذلك ان أعفى المقترضين المتوفّين من الصندوق،
نحن اليوم بحاجة الى أكثر من 4 ملايين مسكن، ومبلغ يزيد على تريلــيوني دولار متــــوقع
الإنــــفاق عليه. من المهم جداً أن تتوحد الجهود والجهات المعنية بمشروع الاسكان العام تحت
مظلة واحدة وهي الهيئة العامة للاسكان، وتبقى هي المحرك الرئيسي، وهذا سيحل المشكلة ويخفف
من التوتر وتشتت الطلبات، وإن أردتموها «عويصة» فليغنِّي كل على ليلاه.