القول في البسملة
روي عن الزهري في تفسير المراد من قوله تعالى: {وألزمهم كلمة التقوى} (الفتح:26)، قال: هي {بسم الله الرحمن الرحيم} (النمل:30)، ولنا وقفة مع هذه الآية الكريمة :
ما موقع {بسم} إعرابياً؟
بدأت الآية بقوله تعالى: {بسم}، والقاعدة في العربية تقول: إن حروف الجر لا بد أن تتعلق بفعل، والفعل إما أن يكون ظاهراً، وإما أن يكون مضمراً، والمضمر إما أن يكون على سبيل الخبر، وإما أن يكون على سبيل الأمر، والفعل في هذه الآية مضمر، فإذا كان الضمير (خبراً) كان معناه: أبدأ {بسم الله}، فحذف هذا الخبر وأضمر؛ لأن القارئ مبتدئ، فالحال المشاهدة منبئة عنه، مغنية عن ذكره. وإذا كان (أمراً) كان معناه: ابدؤوا {بسم الله}، وكلا الأمرين محتملان في الآية.
وقد ورد (الأمر) بذلك في مواضع من القرآن مصرحاً به، من ذلك قوله تعالى: {اقرأ باسم ربك} (العلق:1)، فأمر في افتتاح القراءة بالتسمية، كما أمر عند البدء بقراءة القرآن بتقديم الاستعاذة في قوله سبحانه: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} (النحل:98). وهو إذا كان (خبراً) فإنه يتضمن معنى الأمر؛ لأنه لما كان معلوماً أنه خبر من الله بأنه يبدأ {باسم الله} ففيه أمر لنا بالابتداء به، والتبرك بافتتاحه.
هل البسملة من القرآن؟
اتفقت كلمة المسلمين على أن {بسم الله الرحمن الرحيم} من القرآن في قوله تعالى: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} (النمل:30). وقد روى أبو داود عن الشعبي، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب {بسم الله الرحمن الرحيم} حتى نزلت سورة النمل.
هل البسملة من الفاتحة؟
للعلماء في الإجابة على هذا السؤال على قولين:
الأول: أن البسملة آية من سورة الفاتحة، وإلى هذا ذهب قراء الكوفة ومن تابعهم، وبه قال الشافعي، قال: "هي آية منها، وإن تركها أعاد الصلاة".
الثاني: أن البسملة ليست من الفاتحة، وإلى هذا ذهب البصريون ومن تابعهم، وهو مذهب الحنفية.
هل البسملة من أوائل السور؟
والعلماء هنا أيضاً على قولين في الجواب عن هذا السؤال:
الأول: أنها آية من كل سورة من سور القرآن، وهو ما ذهب إليه الشافعي.
الثاني: أنها ليست بآية من أوائل السور؛ لترك الجهر بها؛ ولأنها إذا لم تكن من فاتحة الكتاب فكذلك حكمها في غيرها. وهو ما ذهب إليه الحنفية.
واستدل الحنفية لمذهبهم بأدلة، أهمها: أنه لو كانت البسملة من السور ومن فاتحة الكتاب لعرفته الكافة بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم أنها منها، كما عرفت مواضع سائر الآي من سورها، ولم يُختلف فيها؛ وذلك أن سبيل العلم بمواضع الآي، إنما هو النقل الثابت المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان طريق إثبات القرآن نَقْلَ الكافة دون نَقْلِ الآحاد، وجب أن تكون كذلك حكم مواضعه وترتيبه.
هل البسملة آية تامة؟
لا خلاف بين علماء المسلمين، أن البسملة ليست بآية تامة في سورة النمل، وأنها هناك بعض آية، وأن ابتداء الآية من قوله تعالى: {إنه من سليمان}، وإذا كان ذلك كذلك، احتمل أن تكون بعض آية في تضاعيف السور، كقوله تعالى: {وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها} (هود:41)، وقوله سبحانه: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} (البقرة:163)، واحتمل أن تكون آية من القرآن، والأولى أن تكون آية تامة من القرآن من غير سورة النمل؛ لأن التي في سورة النمل ليست بآية تامة.
ما حكم قراءة البسملة في الصلاة؟
للعلماء في الجواب عن هذا السؤال ثلاثة أقوال:
الأول: أنها تقرأ مع بداية كل سورة؛ لأنها آية من كل سورة من سور القرآن، وهذا مذهب الشافعي.
الثاني: أنها تقرأ مع بداية الفاتحة، ولا يجب قراءتها مع كل سورة، وهو مذهب الحنفية.
الثالث: أنها لا تقرأ في المكتوبة سراً ولا جهراً، وفي النافلة إن شاء قرأ، وإن شاء ترك، وهو مذهب مالك.
هل يجهر بالبسملة أو يُسرُّ؟
الذين قالوا بقراءة البسملة في الصلاة، اختلفوا في حكم الجهر بها في صلاة يجهر فيها الإمام بالقراءة على قولين:
فالشافعي ذهب إلى الجهر بها.
والحنفية قالوا بقراءتها سراً، ورووا عن أنس رضي الله عنه، قوله: (صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يسرون {بسم الله الرحمن الرحيم}، وقال في بعضها: يخفون، وفي بعضها: كانوا لا يجهرون)، رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، ومعلوم أن ذلك كان في الفرض؛ لأنهم إنما كانوا يصلون خلفه صلى الله عليه وسلم في الفرائض لا في التطوع. وقد روي عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي عليه السلام (كان يفتتح القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين}، وهذا يدل على ترك الجهر بها، ولا دلالة فيه على تركها رأساً.
هل يجب تكرارها في أوائل السور في الصلاة؟
الفقهاء في هذه المسألة على قولين اثنين:
الأول: أن البسملة آية من أول كل سورة، فيقرؤها عند ابتداء كل سورة، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه: أنها تقرأ في كل ركعة. وهذا هو قول الشافعي.
الثاني: أنها تقرأ في كل ركعة مرة واحدة، عند ابتداء قراءة فاتحة الكتاب، بعد الاستعاذة، ولا يعيدها مع السورة. وقد روي عن إبراهيم النخعي، قوله: إذا قرأتها في أول كل ركعة، أجزأك فيما بقي.
ما هي الفوائد التي تتضمنها البسملة؟
تتضمن البسملة جملة من الفوائد، منها:
- الأمر باستفتاح الأمور بها تبركاً. وفي الحديث: (يا غلام! سم الله...) رواه البخاري ومسلم.
- التعظيم لله عز وجل به.
- ذكرها على الذبيحة شعار المسلمين، وعلم من أعلام الدين، وطرد للشياطين، وفيها إظهار مخالفة المشركين الذين يفتتحون أمورهم بذكر الأصنام أو غيرها من المخلوقين، الذين كانوا يعبدونهم.
- وهي مفزع للخائفين.
- وهي دلالة من قائلها على انقطاعه إلى الله تعالى ولجوئه إليه.
- وهي أنس للسامع، وإقرار بالألوهية، واعتراف بالنعمة، واستعانة بالله تعالى، وعياذ به.
- وفيها اسمان من أسماء الله تعالى المخصوصة به، لا يسمى بهما غيره، وهما: {الله} و{الرحمن}.
روي عن الزهري في تفسير المراد من قوله تعالى: {وألزمهم كلمة التقوى} (الفتح:26)، قال: هي {بسم الله الرحمن الرحيم} (النمل:30)، ولنا وقفة مع هذه الآية الكريمة :
ما موقع {بسم} إعرابياً؟
بدأت الآية بقوله تعالى: {بسم}، والقاعدة في العربية تقول: إن حروف الجر لا بد أن تتعلق بفعل، والفعل إما أن يكون ظاهراً، وإما أن يكون مضمراً، والمضمر إما أن يكون على سبيل الخبر، وإما أن يكون على سبيل الأمر، والفعل في هذه الآية مضمر، فإذا كان الضمير (خبراً) كان معناه: أبدأ {بسم الله}، فحذف هذا الخبر وأضمر؛ لأن القارئ مبتدئ، فالحال المشاهدة منبئة عنه، مغنية عن ذكره. وإذا كان (أمراً) كان معناه: ابدؤوا {بسم الله}، وكلا الأمرين محتملان في الآية.
وقد ورد (الأمر) بذلك في مواضع من القرآن مصرحاً به، من ذلك قوله تعالى: {اقرأ باسم ربك} (العلق:1)، فأمر في افتتاح القراءة بالتسمية، كما أمر عند البدء بقراءة القرآن بتقديم الاستعاذة في قوله سبحانه: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} (النحل:98). وهو إذا كان (خبراً) فإنه يتضمن معنى الأمر؛ لأنه لما كان معلوماً أنه خبر من الله بأنه يبدأ {باسم الله} ففيه أمر لنا بالابتداء به، والتبرك بافتتاحه.
هل البسملة من القرآن؟
اتفقت كلمة المسلمين على أن {بسم الله الرحمن الرحيم} من القرآن في قوله تعالى: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} (النمل:30). وقد روى أبو داود عن الشعبي، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب {بسم الله الرحمن الرحيم} حتى نزلت سورة النمل.
هل البسملة من الفاتحة؟
للعلماء في الإجابة على هذا السؤال على قولين:
الأول: أن البسملة آية من سورة الفاتحة، وإلى هذا ذهب قراء الكوفة ومن تابعهم، وبه قال الشافعي، قال: "هي آية منها، وإن تركها أعاد الصلاة".
الثاني: أن البسملة ليست من الفاتحة، وإلى هذا ذهب البصريون ومن تابعهم، وهو مذهب الحنفية.
هل البسملة من أوائل السور؟
والعلماء هنا أيضاً على قولين في الجواب عن هذا السؤال:
الأول: أنها آية من كل سورة من سور القرآن، وهو ما ذهب إليه الشافعي.
الثاني: أنها ليست بآية من أوائل السور؛ لترك الجهر بها؛ ولأنها إذا لم تكن من فاتحة الكتاب فكذلك حكمها في غيرها. وهو ما ذهب إليه الحنفية.
واستدل الحنفية لمذهبهم بأدلة، أهمها: أنه لو كانت البسملة من السور ومن فاتحة الكتاب لعرفته الكافة بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم أنها منها، كما عرفت مواضع سائر الآي من سورها، ولم يُختلف فيها؛ وذلك أن سبيل العلم بمواضع الآي، إنما هو النقل الثابت المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان طريق إثبات القرآن نَقْلَ الكافة دون نَقْلِ الآحاد، وجب أن تكون كذلك حكم مواضعه وترتيبه.
هل البسملة آية تامة؟
لا خلاف بين علماء المسلمين، أن البسملة ليست بآية تامة في سورة النمل، وأنها هناك بعض آية، وأن ابتداء الآية من قوله تعالى: {إنه من سليمان}، وإذا كان ذلك كذلك، احتمل أن تكون بعض آية في تضاعيف السور، كقوله تعالى: {وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها} (هود:41)، وقوله سبحانه: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} (البقرة:163)، واحتمل أن تكون آية من القرآن، والأولى أن تكون آية تامة من القرآن من غير سورة النمل؛ لأن التي في سورة النمل ليست بآية تامة.
ما حكم قراءة البسملة في الصلاة؟
للعلماء في الجواب عن هذا السؤال ثلاثة أقوال:
الأول: أنها تقرأ مع بداية كل سورة؛ لأنها آية من كل سورة من سور القرآن، وهذا مذهب الشافعي.
الثاني: أنها تقرأ مع بداية الفاتحة، ولا يجب قراءتها مع كل سورة، وهو مذهب الحنفية.
الثالث: أنها لا تقرأ في المكتوبة سراً ولا جهراً، وفي النافلة إن شاء قرأ، وإن شاء ترك، وهو مذهب مالك.
هل يجهر بالبسملة أو يُسرُّ؟
الذين قالوا بقراءة البسملة في الصلاة، اختلفوا في حكم الجهر بها في صلاة يجهر فيها الإمام بالقراءة على قولين:
فالشافعي ذهب إلى الجهر بها.
والحنفية قالوا بقراءتها سراً، ورووا عن أنس رضي الله عنه، قوله: (صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يسرون {بسم الله الرحمن الرحيم}، وقال في بعضها: يخفون، وفي بعضها: كانوا لا يجهرون)، رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، ومعلوم أن ذلك كان في الفرض؛ لأنهم إنما كانوا يصلون خلفه صلى الله عليه وسلم في الفرائض لا في التطوع. وقد روي عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي عليه السلام (كان يفتتح القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين}، وهذا يدل على ترك الجهر بها، ولا دلالة فيه على تركها رأساً.
هل يجب تكرارها في أوائل السور في الصلاة؟
الفقهاء في هذه المسألة على قولين اثنين:
الأول: أن البسملة آية من أول كل سورة، فيقرؤها عند ابتداء كل سورة، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه: أنها تقرأ في كل ركعة. وهذا هو قول الشافعي.
الثاني: أنها تقرأ في كل ركعة مرة واحدة، عند ابتداء قراءة فاتحة الكتاب، بعد الاستعاذة، ولا يعيدها مع السورة. وقد روي عن إبراهيم النخعي، قوله: إذا قرأتها في أول كل ركعة، أجزأك فيما بقي.
ما هي الفوائد التي تتضمنها البسملة؟
تتضمن البسملة جملة من الفوائد، منها:
- الأمر باستفتاح الأمور بها تبركاً. وفي الحديث: (يا غلام! سم الله...) رواه البخاري ومسلم.
- التعظيم لله عز وجل به.
- ذكرها على الذبيحة شعار المسلمين، وعلم من أعلام الدين، وطرد للشياطين، وفيها إظهار مخالفة المشركين الذين يفتتحون أمورهم بذكر الأصنام أو غيرها من المخلوقين، الذين كانوا يعبدونهم.
- وهي مفزع للخائفين.
- وهي دلالة من قائلها على انقطاعه إلى الله تعالى ولجوئه إليه.
- وهي أنس للسامع، وإقرار بالألوهية، واعتراف بالنعمة، واستعانة بالله تعالى، وعياذ به.
- وفيها اسمان من أسماء الله تعالى المخصوصة به، لا يسمى بهما غيره، وهما: {الله} و{الرحمن}.