فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ ، اللُّهُمّ صلِّ على سيدِّنا مُحَمَّدٍ ، وعلى
آلهِ ، وأزواجهِ ، وذُريَّتهِ ، وأصحابهِ ، وإخوانهِ ، منْ الأنبياءِ
والمُرسلينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالحينَ ، وعلى أهلِ
الجنَّةِ ، وباركْ عليهِ وعليهمْ وسَلِّمْ ، كما تُحبهُ وترضاهُ يا اللهُ
آمين ، أخي القارئ الكريم ، أعزَّكم الله تعالى ، قد ثبََتَ في
الصَّحيح ( صحيحُ مُسلمٍ ) - عنْ سيدِّنا رسولِ اللهِ ، صلِّ ياربِّ
عليهِ وعلى آلهِ وباركْ وسلِّمْ ، الصَّادقِ الأمينِ الذي ، لا يَنْطِقُ
عنْ الهوى ، انه ، قال :[ بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ ،
فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ ، اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ!!! ، فَتَنَحَّى
ذَلِكَ السَّحَابُ ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ ، فَإِذَا شَرْجَةٌ
مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ ، قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ ،
فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ ،
يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا
اسْمُكَ ؟ ، قَالَ : فُلاَنٌ ، لِلاِسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ
، فَقَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ ،
فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ ، الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ
، يَقُولُ : اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ لاِسْمِكَ ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا ؟
، قَالَ : أَمَّا إِذَا قُلْتَ هَذَا ـ فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا
يَخْرُجُ مِنْهَا ـ فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي
ثُلُثًا ، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ ]0
إيضاح: -[ الحرة = أرض بها حجارة سوداء كثيرة ، المسحاة = أداة القشر والجرف المصنوعة من الحديد ، الشرجة = مسيل الماء ]0
الدروسُ والعبر
1- قال تعالى : {... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ
يُسْراً }الطلاق4 ، أنظروا أحبتي في اللهِ تعالى ، كيف سخَّر اللهُ تعالى ،
السَّحابة المُحَمَّلة بالماءِ ، وكيف جُمع الماء بأمره تعالى ، داخل تلك
الأرضِ الصَّخرية ، ومن ثَمَّ جرى ، في شقٍّ ، حتى أوصله الشقِّ ، إلى
مزرعة هذا العبدِ الصَّالحِ ، الذي عرفَ حقّ اللهِ تعالى ، في زرعهِ ، ولم
ينسى زكاة زرعهِ ، ولم ينسى حقّ أرضهِ وعيالهِ ، فقد وفقَّهُ اللهُ تعالى ،
لإعطاءِ كلِّ ذي حقٍّ حقَّهُ0
2- يبُينُ الحديث الشَّريف ِ، منزلة هذا العبد عند الله تعالى ، فقد ذُكر
اسمه ، في السَّحابة ِ، وأسمعهُ الله ُتعالى إلى غيرهِ ، فسبحان الله
القائل: {.. وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }آل عمران134
3- يبُينُ الحديث الشَّريفِ ، التوزيعِ الأمثلِ للتصدُّقِ ، بما خرج ، من
الأرضِ المزروعةِ ، وكما قال هذا العبد الصَّالح ،[ فَأَتَصَدَّقُ
بِثُلُثِهِ ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا ، وَأَرُدُّ فِيهَا
ثُلُثَهُ ]0
4- ولا يفوتنا أن نذكر ، ما جاءَ في سورةِ القلمِ ، من قصةِ ، أصحاب
البستانِ ، الذين ، مَنعوا ، حقَّ اللهِ تعالى منه ُ، وطمعوا بما هو فانٍ ،
واجتهدوا للعملِ على عدمِ أعطاءِ الفقراءِ نصيبهم ، فبيَّتوا نوايا سيئة ،
فماذا كانَ العقاب ؟ ، فلنقرأ قول العظيمِ تعالى فيهم : [ إِنَّا
بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا
لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ{17} وَلَا يَسْتَثْنُونَ{18} فَطَافَ
عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ{19} فَأَصْبَحَتْ
كَالصَّرِيمِ{20} فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ{21} أَنِ اغْدُوا عَلَى
حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ{22} فَانطَلَقُوا وَهُمْ
يَتَخَافَتُونَ{23} أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم
مِّسْكِينٌ{24} وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ{25} فَلَمَّا رَأَوْهَا
قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ{26} بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ{27} قَالَ
أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ{28} قَالُوا
سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ{29} فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ
عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ{30} قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا
طَاغِينَ{31} عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَا إِنَّا
إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ{32} كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ
أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ{33}] سورةُ القلم ِ ، فنتيجة ظلمهم ،
وشِدَّة بخلهم ، وعلوِ طمعهم ، أتاهم ما لم تحُمدُ عُقباهُ : {18} فَطَافَ
عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ{19} فَأَصْبَحَتْ
كَالصَّرِيمِ{20} ، جاء في التفسير المُيسَّرِ:[ فأنزل الله عليها نارًا
أحرقتها ليلا وهم نائمون ، فأصبحت محترقة سوداء كالليل المظلم ]0
5- على المسلمِ ، أنْ يرقب الله تعالى ، في كلِّ أعمالهِ وأقواله ِ، وأنْ
يسأل الله تعالى ، الثبات وحسن الخاتمة ، وان يستعين به ِتعالى ، على عمل
الخير، وأن لا يأمن مكر الله تعالى ، فقد قال عزَّ وجلَّ : {
أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ
الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }الأعراف99
اللَّهمَُّ لا تأمنا مكرك ، ولا تكشف عنا سترك ، ولا تنسينا ذكرك ، آمين
يا أرحم الراحمين ، والحمد لله ربّ العالمين ، اللُّهُمّ صلِّ على
سيدِّنا مُحَمَّدٍ ، وعلى آلهِ ، وأزواجهِ ، وذُريَّتهِ ، وباركْ
وسَلِّمْ ، كما تُحبهُ وترضاهُ آمين ]0
{... ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا
وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }آل
عمران147 ، آمين