النبأ: مازالت المعابد الوثنية, التي سبقت عصر الرسالات السماوية, تغذي
الكيانات الدولية المتجبرة بالتنبؤات المستقبلية السخيفة..
ومازالت القوى الظلامية ترتكز, في رسم مخططاتها التوسعية الهمجية, على الوصايا الكهنوتية النابعة من مستنقع العصور الحجرية..
ومازالت الأفكار الصهيونية, المتعفنة بقذارة الخرافات البدائية, تشكل البعد الديني المنحرف في السياسة الأمريكية المتهورة..
وما
زالت الأساطير الخنفشارية البليدة, وخزعبلات الساحرات, وثرثرة الحاخامات,
تعشعش في عقول ساسة البيت الأمريكي الأسود.. ولهذا نجد خرافة (الهرمجدون
Armageddon) تحتل موقع الصدارة في الأجندة السرية الأمريكية..
والهرمجدون
معركة منتظرة. خطط لها أعداء الإسلام منذ زمن بعيد. واستعدوا لخوض غمارها
في فلسطين. ويعتبرونها من المعارك الحتمية الفاصلة..
فسفهاء
البنتاغون, الذين امتلأت قلوبهم بالحقد والكراهية, ضد الإسلام والمسلمين.
وشحنت صدورهم بروح الانتقام, يجهدون أنفسهم بمراجعة الكتب السماوية
المحرفة. ويستمعون إلى هذيان الحاخامات والقساوسة والمنجمين. فتراهم
منكبين على تفسير النصوص الإنجيلية والتوراتية المزيفة. يساندهم في هذه
المهمة الغبية فريق متكامل من السحرة والمشعوذين والمختلين عقليا.
ويستنبطون سيناريوهات حروبهم الاستعلائية والاستباحية من شخبطات سفر
حزقيال, وسفر الرؤيا, وسفر دانيال, وسفر زكريا, وسفر اشعيا, وسفر يوحنا,
وإنجيل لوقا, والتلمود والزوهار والطاروط. ويستشهدون بها في خطاباتهم
وحملاتهم الإعلامية. ويعتمدون عليها في صياغة بيانات معركة (الهرمجدون
Armageddon) قبل وقوعها, لا قدّر الله.. فهي إذن حرب كارثية مفزعة, ومعركة
نووية مدمرة. أنها اعنف وأشرس الحروب, واخطر المواجهات السياسية الدينية..
و(الهرمجدون)
كلمة عبرية مكوّنة من مقطعين. (هر) أو (هار) بمعنى جبل.. و(مجدون): اسم
واد في فلسطين. يقع في مرج ابن عامر.. وكلمة (هرمجدون) تعني: جبل مجدون..
وبصرف النظر عن مدلول الكلمة, فأنها ترمز إلى الحرب التحالفية العدائية
التي تخطط لها أمريكا وزبانيتها. فنحن نقف اليوم على أعتاب اندلاع حرب
صليبية جديدة تستهدف تدمير الشرق الأوسط برمته..
والهرمجدون
عقيدة فكرية شاذة, ولدت من ترهات الأساطير الغابرة, وانبعثت من رماد
النبوءات الضالة.. فهي عقيدة شريرة خطيرة ومعدية. تغلغلت في قلب أكثر من
1200 كنيسة انجليكانية..
والهرمجدون
أكذوبة كبرى رسّخها أعداء الإسلام في وجدان الأمة الأمريكية. حتى أصبح من
المألوف جدا سماع هذه الكلمة تتردد في تصريحات الرؤساء, والقادة في
القارتين الأوربية والأمريكية. . فقد قال الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد
ريجان عام 1980: أننا قد نكون من الجيل الذي سيشهد معركة هرمجدون.. وصرح
خمس مرات باعتقاده بقرب حلول معركة هرمجدون.. وقال جيمي سواجرت: كنت أتمنى
أن استطيع القول, أننا سنحصل على السلام. ولكني أومن بأن هرمجدون قادمة,
وسيخاض غمارها في وادي (مجدون). أنهم يستطيعون أن يوقعوا على اتفاقيات
السلام التي يريدون. أن ذلك لن يحقق شيئا. فهناك أيام سوداء تلوح في الأفق.
وقال
زعيم الأصوليين المسحيين جيري فلويل: أن هرمجدون حقيقة. إنها حقيقة مركبة.
ولكن نشكر الرب إنها ستكون المنازلة النهائية.. وقال القس المسيحي الأصولي
كين بوغ: أن المليارات من البشر سوف يموتون في هرمجدون.. وقال سكوفيلد: أن
المسيحيين المخلصين يجب أن يرحبوا بهذه الواقعة. فبمجرد ما تبدأ معركة
هرمجدون. فان المسيح سوف يرفعهم فوق السحاب. وأنهم لن يصابوا بأي ضرر من
هذه الحرب الساحقة الماحقة, التي تجري تحتهم.. ولـ سكوفيلد إنجيل خاص به.
شحنه بكل الخرافات والسفسطات الفاسدة, والمنحازة لليهود والصهيونية.. وقالت
الكاتبة الأمريكية جريس هالسال: (أننا نؤمن تماما أن تاريخ الإنسانية سوف
ينتهي بمعركة تدعى هرمجدون).. وذكرت جريس في كتابها (النبوءة والسياسة),
الذي نشرته لها مؤسسة سن لنسن عام 1985: أن 61 مليون أمريكي. يستمعون
بانتظام إلى مذيعين يبشرون على شاشات التلفزيون بقرب وقوع معركة (هرمجدون),
وبأنها ستكون معركة نووية فاصلة.
فالكاهن
(جاك فان ايمب) يقدم برنامجا أسبوعيا تبثه 90 قناة تلفزيونية, و 43 محطة
إذاعية. بينما يصل برنامج (جيمس دوبسن) التلفزيوني إلى أكثر من 28 مليون
مشاهد. أما شبكة البث المسيحية (C.B.N.), التي يديرها الكاهن المتعصب بات
روبرتسون, فهي الأوسع نفوذا وتأثيرا في أمريكا. . وجندت المنظمات الظلامية
الشيطانية (80) ألف قسيس, و (20) ألف مدرسة لاهوتية, و (200) كلية لاهوت,
ومئات المحطات التلفزيونية. لنشر عقيدة (الهرمجدون), وإقناع الناس وتلاميذ
المدارس الابتدائية بحتمية وقوع المنازلة الكبرى في فلسطين..
ومما
يثير الفزع أن تلك القوى الشيطانية تمتلك السلطة والنفوذ وصناعة القرار في
أمريكا. ولها القدرة على فرض سيطرتها على الحكومتين البريطانية,
والاسترالية.. وحذرت مجلة (لونوفيل اوبسرفاتور), الفرنسية, من تنامي عقيدة
مسيحية جديدة في العالم بسرعة مذهلة. وذكرت أن الرئيس بوش, المؤمن بهذه
العقيدة الشاذة, اتصل بالرئيس الفرنسي شيراك لحثه على مؤازرته في غزو
العراق. قائلا له: اسمع يا صديقي شيراك. لقد أخذت على عاتقي تخليص العالم
من الدول المارقة والشريرة. وسأسعى لخوض معركة هرمجدون بكل ما أوتيت من
قوة..
وهذه
الحقائق تؤكد بما لا يقبل الشك. أن القوى الظلامية, الممعنة في عدائها
وكراهيتها للإسلام والمسلمين, استنفرت كل طاقاتها العدائية. واستعدت لخوض
المنازلة الصليبية المرتقبة في قلب فلسطين. وفي المكان الذي اختارته منظمات
عبيد الشيطان. وأنها صعّدت, منذ عام 1948 حملاتها الإعلامية والتبشيرية
لتشويه صورة الإسلام, وتحريض اليهود والمسيحيين ضد المسلمين. فهرمجدون في
نظرهم حرب تعبوية شاملة.
ومن
المؤكد أنهم استنفذوا الآن كل أساليب المكر والدهاء اللازمة لتمزيق صفوف
المسلمين واختراقهم من الداخل. ولابد أنهم قطعوا الآن شوطا كبيرا في بث
الفرقة بين المذاهب الإسلامية, وأثاروا النزاعات والصراعات الطائفية.
فالتحريض, والتفرقة, وزرع الفتن, وافتعال الأزمات, وتأجيج الصراعات, وتدبير
الدسائس والمؤامرات, وشراء الذمم , وغيرها من الفنون, التي تتقنها وتجيدها
الدوائر الأمريكية المبدعة في هذا المضمار التخريبي..
ومما
يؤسف له. أن بعض رجالات الدين والسياسة في العالم الإسلامي, من هواة
التمزيق والتفرقة, تطوعوا للقيام بهذه المهمة, من دون أن تجندهم أمريكا.
ووصل الغباء ببعضهم إلى الاعتقاد بان معركة (هرمجدون) سوف تقع بين أمريكا
وإيران. أو أنها ستستهدف جنوب لبنان, القريب من وادي (مجدون). بمعنى أن
(الشيعة) هم وحدهم الذين سيواجهون هذه المعركة الصاروخية الطاحنة. وهذا
يفسر قيام القناة الثانية, في مجموعة MBC بعرض فلم (هرمجدون ARMAGEDDON) في
الساعات الأولى للغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان. ويبدو أن تلك القناة
تبرعت بعرض الفلم, من دون أن تعير أية أهمية لحجم مسئوليتها التاريخية,
والأخلاقية, والدينية لعرض ذلك الفلم في تلك الليلة الدامية, التي شنت فيها
إسرائيل حربها العدوانية الواسعة على لبنان..
وهناك
فريق آخر من المغفلين يعتقد, بأن معركة هرمجدون تعبر عن الصراع الفلسطيني
بين (فتح) و (حماس). وظهرت في عالمنا الإسلامي فرق متخصصة بالتفجير
والتفخيخ والنسف والتدمير والاغتيالات واشاعت العنف والفوضى. بينما راحت
أمريكا تواصل إبحارها نحو مستنقعات المفاهيم الدينية الملفقة. ففقدت
احترامها على الصعيد العالمي. ولم تعد لديها أية أسس سليمة تستند عليها في
تبرير تدخلاتها الخارجية السافرة, سوى تكهنات العرافين, ونبوءات المجانين.
فاهتزت صورتها أمام الرأي العام العالمي. لكنها مازالت مستمرة في لعب دور
المهرج المتدين, والدرويش المخبول في المسارح السياسية المبتذلة.. ولم يعد
لديها ما تقوله في الشأن الدولي, سوى ترديد ما حملته إليها التيارات
المسيحية الأصولية المتشددة من نفايات المعابد الوثنية, وفي مقدمتها
العقيدة الهرمجدونية الهمجية..
ولذا
ننصح المسلمين بفهم كتاب ربهم وسنة نبيهم من الأئمة الأعلام والعلماء
الكرام الذين اشتهروا في الأمة بالعلم والثقة، حتى يتعرفوا على حقيقة
الأمور فلا يقعوا ضحية لتضليل المضللين، وتزوير المزورين.. ينبغي علينا
التصدي لهذه العقيدة المبنية على التنبؤات الكهنوتية الكاذبة, وبيان زيفها, وسفاهتها, وبطلانها.