بسم الله الرحماآن الرحيمم كيفكم..
المهم جاآي ومعياآ موضوع مميّز عن الحج بقلم..: (الدكتور عويض بن حمود العطوي)
الصيام
الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم أمَّا بعد:
يقول ربنا سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 183].
لا يشكُ شاك أنَّ الصيامَ تكليف شاق، ولذا لما أوجب الله سبحانه وتعالى علينا الصيام جاء ذلك على نظمٍ مختلف، كما في الآية الكريمة المذكورة، ولا عجب في ذلك إذا علمنا أن الصوم قد فُرض على هذه الأمة في السنة الثانية من الهجرة، أي قبل فرض الجهاد، ومعلومٌ ما في الجهاد من المشقة، وبذل النفس والمال، وكأنَّ التكليف بالصوم جاء ليجهز النفوس، ويربيها على تحمُّل ما هو أشق كالجهاد، وقد اشتملت آية الإيجاب المذكورة وما بعدها على ما يشعر بتيسير هذه الفريضة على الأمة، وهذا ما يدل عليه قوله تعالى في شأن الصوم: ﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، ولبيان هذا اليسر سنذكر هذه اللطائف وهذه الدلالات على النحو التالي:
أولاً: البدء بالنداء مع ذكر صفة الإيمان في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ فيه فوق التنبيه شحذٌ للهمة لتلقي مشقة هذا الفرض، بكل صبرٍ واحتساب وقوة، مثل المناداة في قوله تعالى: (يا أهلَ الشجرةِ) (يا أهلَ بيعة الرضوان)، ففي هذا من استنهاض الهمم، وتقوية العزائم مالا يخفى.
ثانياً: مجيء الإيجاب بفعل الكتابة، مع البناء للمجهول (كُتب) في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾، دون (قُضي)، أو (حُكم به) مثلاً، لما في مادة الكتابة من دلالة الضبط المناسبة لطبيعة الصيام في وقته، وما يهدف إليه من ضبط السلوك القولي والفعلي، إضافة إلى سلامة كُتب من ثقل (قُضي) و (حُكم)، وما تشعر به من الإلزام العظيم.
ثالثاً: مجيء الفعل مبنياً للمجهول ﴿كُتِبَ﴾ مع أنه معلومٌ فاعله، وهو الله سبحانه وتعالى؛ وذلك لتخفيف مشقة التكليف، ولذلك ما قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كَتب الله عليكم الصيام، ولذلك ما في لفظ الجلالة ﴿الله﴾ من التعظيم والمهابة.
رابعاً: ذكر أننا مسبوقون في هذا التكليف، كما في قوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾، وجاء ذلك على صورة التشبيه، وكل هذا من أجل التخفيف، لأنه من طبع الإنسان أنه إذا عَمِل عملاً شاركه فيه غيره سهل عليه، وإذا كُلِّفَ بعملٍ وحده صَعُبَ عليه، ويكون الأمر أكثر سهولة إذا كان الإنسان مسبوقاً بذلك التكليف، وهذا فيه أيضاً تحفيز وتنشيط، فإذا كان الذين من قبلكم قد صاموا، فكونوا مثلهم أو أحسن منهم في تلقي هذا التكليف.
خامساً: ذكر النتيجة المرغوبة في قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ فيه تهوينٌ للتكليف، وتشويق إليه، وذلك أنك إذا كلفت إنساناً بعمل شاق، ولكنك قلت له: افعل كذا، أو كذا، لعلك تربح وتنجح، تجده عند ذلك يتشجع ويتقدم، والتقوى أمرٌ يسعى إليه كل مؤمن، لما لها من العواقب الحميدة في الدنيا والآخرة.
سادساً: التعبير عنه بالأيام في أول ذكره، وتأخير ذكر الشهر المشعر بالطول، مما يسهل صيام هذا الشهر، فقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ﴾، إضافة إلى ما في جمع الأيام على أفعال من كونه دالاً على القلة.
سابعاً: وصف الأيام بأنها معدودات ﴿أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ﴾ يدل أيضاً على التخفيف والتسهيل لأن الشيء القليل يُعَد، والكثير يُحَد، أي: يُعرَّف، فكان هذا الوصف مشعراً بأنها قليلة معدودة، وهذا مما يخفف على النفس كُلفة الصيام.
ثامناً: التخفيف عن المريض والمسافر في الصيام، مع إيجاد فرصة موسعة للقضاء، كما في قوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾، وهذا من التيسير والتسهيل.
تاسعا: في وصف أيام القضاء بـ(أُخَر) في قوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ تسهيل آخر، يتمثل في توسيع مدة القضاء لأنها من اختيار الإنسان.
ولو كان القضاء محدوداً بأيام، أو بأشهر، أو بزمن لا يتعداه؛ لشَق ذلك على النفس، يضاف إلى ذلك مجيء الإيجاب على التخيير، مع الترغيب في الصوم في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، كل ذلك يتناسب مع بداية التكليف، ونلحظ في بيان الفدية كيف كانت بالإفراد ﴿ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾، ولم تكن (مساكين) بالجمع، ثم نلحظ قوة الحضِّ والحث على الصوم بذكر الخيرية ﴿خَيْرٌ﴾ ثلاث مرات، مع التعليق لحصول ذلك الخير بعلمهم ﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، كأنّه قيل: لو كنتم تعلمون حجم الخير في الصيام لَصمتم.
عاشراً: في قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ نجد أن شهر القرآن ذُكر هنا بعد تأخره بعد ذكر الأيام، أي بعدما تهيأت النفوس لتلقي هذا التكليف الشاق، ومع هذا ذُكر معهم ما يخفف ثقل الزمن؛ المتمثل في الشهر، وهو نزول القرآن موصوفاً بصفات الخير ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾، وبعد هذه التهيئة التي بينا صورها يأتي التكليف بوضوح وقوة في قوله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، فهنا ذكرٌ للشهر، وإيجابٌ صريحٌ واضح للأمر ﴿فَلْيَصُمْهُ﴾، إلاَّ مَنْ كان معذوراً فما زال التيسير سارياً معه كما في قوله تعالى ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، الأمر اختلف هنا، الآن فيه عزيمة للذي يشهدُ الشهر فعليه أن يصومه كما قال سبحانه وتعالى: ﴿فَلْيَصُمْهُ﴾، أما من قبل فكان الأمر مختلفاً كما في اللمحات الماضية، ونلحظ هنا كلمة (مريض) أو على (سفر)، فما زالت على نفس الأمر، فلم يقل الله عز وَجلَّ: (مريضاً) أو (مسافراً)، فما زال التيسير معه جارياً كما في قوله تعالى: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، نجد الأمر هنا قد اختلف، فالعزيمة واضحة في قوله تعالى: ﴿فَلْيَصُمْهُ﴾ ، أما ما يخص المريض فما يزال الأمر ميسراً ومسهلاً معه، وهذا دليلٌ على أنَّ العزيمة تعلقت بما لم يكن مريضاً أو مسافراً أو معذوراً، وأما مَنْ كان مريضاً أو مسافراً أو معذوراً؛ فقد استمر التيسير والتسهيل معه، ومن هنا نلحظ كيف أن هذه التسهيلات التي أشرنا إليها جاءت ملخصة في قوله تعالى في ختام هذه الآيات: ﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾.
المهم جاآي ومعياآ موضوع مميّز عن الحج بقلم..: (الدكتور عويض بن حمود العطوي)
الصيام
الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم أمَّا بعد:
يقول ربنا سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 183].
لا يشكُ شاك أنَّ الصيامَ تكليف شاق، ولذا لما أوجب الله سبحانه وتعالى علينا الصيام جاء ذلك على نظمٍ مختلف، كما في الآية الكريمة المذكورة، ولا عجب في ذلك إذا علمنا أن الصوم قد فُرض على هذه الأمة في السنة الثانية من الهجرة، أي قبل فرض الجهاد، ومعلومٌ ما في الجهاد من المشقة، وبذل النفس والمال، وكأنَّ التكليف بالصوم جاء ليجهز النفوس، ويربيها على تحمُّل ما هو أشق كالجهاد، وقد اشتملت آية الإيجاب المذكورة وما بعدها على ما يشعر بتيسير هذه الفريضة على الأمة، وهذا ما يدل عليه قوله تعالى في شأن الصوم: ﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، ولبيان هذا اليسر سنذكر هذه اللطائف وهذه الدلالات على النحو التالي:
أولاً: البدء بالنداء مع ذكر صفة الإيمان في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ فيه فوق التنبيه شحذٌ للهمة لتلقي مشقة هذا الفرض، بكل صبرٍ واحتساب وقوة، مثل المناداة في قوله تعالى: (يا أهلَ الشجرةِ) (يا أهلَ بيعة الرضوان)، ففي هذا من استنهاض الهمم، وتقوية العزائم مالا يخفى.
ثانياً: مجيء الإيجاب بفعل الكتابة، مع البناء للمجهول (كُتب) في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾، دون (قُضي)، أو (حُكم به) مثلاً، لما في مادة الكتابة من دلالة الضبط المناسبة لطبيعة الصيام في وقته، وما يهدف إليه من ضبط السلوك القولي والفعلي، إضافة إلى سلامة كُتب من ثقل (قُضي) و (حُكم)، وما تشعر به من الإلزام العظيم.
ثالثاً: مجيء الفعل مبنياً للمجهول ﴿كُتِبَ﴾ مع أنه معلومٌ فاعله، وهو الله سبحانه وتعالى؛ وذلك لتخفيف مشقة التكليف، ولذلك ما قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كَتب الله عليكم الصيام، ولذلك ما في لفظ الجلالة ﴿الله﴾ من التعظيم والمهابة.
رابعاً: ذكر أننا مسبوقون في هذا التكليف، كما في قوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾، وجاء ذلك على صورة التشبيه، وكل هذا من أجل التخفيف، لأنه من طبع الإنسان أنه إذا عَمِل عملاً شاركه فيه غيره سهل عليه، وإذا كُلِّفَ بعملٍ وحده صَعُبَ عليه، ويكون الأمر أكثر سهولة إذا كان الإنسان مسبوقاً بذلك التكليف، وهذا فيه أيضاً تحفيز وتنشيط، فإذا كان الذين من قبلكم قد صاموا، فكونوا مثلهم أو أحسن منهم في تلقي هذا التكليف.
خامساً: ذكر النتيجة المرغوبة في قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ فيه تهوينٌ للتكليف، وتشويق إليه، وذلك أنك إذا كلفت إنساناً بعمل شاق، ولكنك قلت له: افعل كذا، أو كذا، لعلك تربح وتنجح، تجده عند ذلك يتشجع ويتقدم، والتقوى أمرٌ يسعى إليه كل مؤمن، لما لها من العواقب الحميدة في الدنيا والآخرة.
سادساً: التعبير عنه بالأيام في أول ذكره، وتأخير ذكر الشهر المشعر بالطول، مما يسهل صيام هذا الشهر، فقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ﴾، إضافة إلى ما في جمع الأيام على أفعال من كونه دالاً على القلة.
سابعاً: وصف الأيام بأنها معدودات ﴿أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ﴾ يدل أيضاً على التخفيف والتسهيل لأن الشيء القليل يُعَد، والكثير يُحَد، أي: يُعرَّف، فكان هذا الوصف مشعراً بأنها قليلة معدودة، وهذا مما يخفف على النفس كُلفة الصيام.
ثامناً: التخفيف عن المريض والمسافر في الصيام، مع إيجاد فرصة موسعة للقضاء، كما في قوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾، وهذا من التيسير والتسهيل.
تاسعا: في وصف أيام القضاء بـ(أُخَر) في قوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ تسهيل آخر، يتمثل في توسيع مدة القضاء لأنها من اختيار الإنسان.
ولو كان القضاء محدوداً بأيام، أو بأشهر، أو بزمن لا يتعداه؛ لشَق ذلك على النفس، يضاف إلى ذلك مجيء الإيجاب على التخيير، مع الترغيب في الصوم في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، كل ذلك يتناسب مع بداية التكليف، ونلحظ في بيان الفدية كيف كانت بالإفراد ﴿ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾، ولم تكن (مساكين) بالجمع، ثم نلحظ قوة الحضِّ والحث على الصوم بذكر الخيرية ﴿خَيْرٌ﴾ ثلاث مرات، مع التعليق لحصول ذلك الخير بعلمهم ﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، كأنّه قيل: لو كنتم تعلمون حجم الخير في الصيام لَصمتم.
عاشراً: في قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ نجد أن شهر القرآن ذُكر هنا بعد تأخره بعد ذكر الأيام، أي بعدما تهيأت النفوس لتلقي هذا التكليف الشاق، ومع هذا ذُكر معهم ما يخفف ثقل الزمن؛ المتمثل في الشهر، وهو نزول القرآن موصوفاً بصفات الخير ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾، وبعد هذه التهيئة التي بينا صورها يأتي التكليف بوضوح وقوة في قوله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، فهنا ذكرٌ للشهر، وإيجابٌ صريحٌ واضح للأمر ﴿فَلْيَصُمْهُ﴾، إلاَّ مَنْ كان معذوراً فما زال التيسير سارياً معه كما في قوله تعالى ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، الأمر اختلف هنا، الآن فيه عزيمة للذي يشهدُ الشهر فعليه أن يصومه كما قال سبحانه وتعالى: ﴿فَلْيَصُمْهُ﴾، أما من قبل فكان الأمر مختلفاً كما في اللمحات الماضية، ونلحظ هنا كلمة (مريض) أو على (سفر)، فما زالت على نفس الأمر، فلم يقل الله عز وَجلَّ: (مريضاً) أو (مسافراً)، فما زال التيسير معه جارياً كما في قوله تعالى: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، نجد الأمر هنا قد اختلف، فالعزيمة واضحة في قوله تعالى: ﴿فَلْيَصُمْهُ﴾ ، أما ما يخص المريض فما يزال الأمر ميسراً ومسهلاً معه، وهذا دليلٌ على أنَّ العزيمة تعلقت بما لم يكن مريضاً أو مسافراً أو معذوراً، وأما مَنْ كان مريضاً أو مسافراً أو معذوراً؛ فقد استمر التيسير والتسهيل معه، ومن هنا نلحظ كيف أن هذه التسهيلات التي أشرنا إليها جاءت ملخصة في قوله تعالى في ختام هذه الآيات: ﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾.