السحاب الطبقي يمتد عدة كيلومترات لأعلى ويكون مصحوب عادة بالبرق والرعد ونزول البرد مع المطر الغزير. |
الدكتور محمد دودح
الباحث في الهيئة العالمية للاعجاز العلمي في القرآن والسنة في مكة المكرمة
قوله تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ
بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ
خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ
فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا
بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ" (النور43).
الدلالة العلمية:
تتكون السحب الركامية Cumuliform clouds من ثلاث
طبقات: الطبقة العليا وتتكون من بللورات الثلج والبرد, والطبقة الوسطى
وتتكون من خليط من نقط الماء فوق المتبرد وبللورات الثلج, والطبقة السفلى
وتتكون من قطيرات الماء النامية, وتتكون السحب الركامية بالنمو الرأسي
بسمك يتراوح من 15 –20 كم، وقد يصل حجم قطع البرد النازل من السحاب
الركامي في بعض الأحيان إلى حجم قبضة اليد, وتتوفر في هذا النوع رطوبة
أكثر وتكون عوامل التكوين أكبر وأقوى ولذا تنمو السحابة رأسيا أكثر وتعطي
مطرا أغزر, ويصاحبها الرعد والبرق لاختلاف شحنة القمة عن القاع ومع
الارتفاع البالغ يتكون البرد, وحينما يتكثف بخار الماء المحمول تزداد سرعة
التيارات الهوائية الصاعدة فيزداد تدفق بخار الماء, وتخترق التيارات
الهوائية السحب ليتكثف بخار الماء على هيئة طبقات من أسفل إلى أعلى,
وتشتمل السحب الركامية على بللورات الثلج فى قممها, وعلى خليط من البرد
وقطرات من ماء شديدة البرودة فى وسطها, وعلى قطرات الماء البارد فى
قاعدتها؛ وتصاحبها ظواهر البرق والرعد وهطول المطر وسقوط حبات البرد
وبللورات الثلج, وعندما تضعف قوة الرياح الصاعدة أو عندما تزيد حمولة
التراكم على قدرة الحمل تتوقف وتبدأ المكونات فى الهبوط نحو سطح الأرض وأول
ما ينزل منها الماء وقد يصاحبه نزول البرد, ويتكثف بخار الماء فى قمم
السحاب الركامى وتنمو قطرات الماء إلى أحجام كبيرة نسبيا وتتجمد على هيئة
بللورات, وفى وسط السحابة الركامية يتحول بخار الماء إلى خليط من البرد
والماء الشديد البرودة, وحينما تسقط بلورات الثلج من قمم السحب الركامية
إلى أواسطها تتجمد قطرات الماء المتواجدة فى وسط السحاب وتتكون جبال
البرد, ويتولد فرق جهد كهربائى أثناء تجمد محلول مائى (ظاهرة وركمان
ورينولدز) وكذلك تتولد شحنات كهربائية أثناء ذوبان الجليد (دينجر وجون
وآخرون) ولذا يرجع البرق وما يلازمه من صوت الرعد إلى التفريغ الكهربائي
الناجم أساسا عن البرد.
التوافق مع العلوم الحديثة:
تصف الآية الكريمة بدقة بالغة مراحل تكون السحاب الركامي, فإزجاء السحاب
سوقه ودفعه برفق وسهولة فى البداية ثم تبسطه الرياح الأفقية ومع نموه
تجتمع القطع المتفرقة وتتلاحم وتسوق الرياح تلك القطع سوقا لطيفا وتستغرق
العمليات الأولى وقتا كبيرا نظرا للحجم الكبير للقطع المتناثرة, والحرف
"ثُمَّ" الذى يفيد في اللغة التعقيب مع التراخى يعبر عن طول تلك الفترة
الزمنية, والتأليف هو الجمع ليصبح السحاب كيانا واحدا, والتراكم فى اللغة
يأتى بمعنى إلقاء الشىء بعضه فوق بعض ليتضاعف, وتراكم السحاب يعنى نموه
رأسيا عن طريق كتل الهواء الصاعدة التى تجلب المزيد من بخار الماء إلى
داخل السحاب, وضمير (بَرْقِهِ) في قوله تعالى (يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ
يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) يرجع إلى كلمة (بَرَدٍ) في قوله تعالى
(وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ) مما يعني أنه
الأساس في تكوين تلك الظاهرة المتسمة باللمعان الشديد.