وصف النوع
للخنزير البرّي جسد ورأس ضخمان وقوائم قصيرة نسبيا، وفراء الخنزير ثخين يشتد سماكة في الشتاء ويتراوح لونه من الرمادي الداكن إلى الأسود والبنيّ، إلا أن هناك اختلافا بنمط الألوان بحسب اختلاف الموطن وقد أفادت بعض التقارير بوجود خنازير برّية بيضاء حتى في آسيا الوسطى.[3]
الهيكل العظمي للخنزير البرّي.
يختلف حجم الخنزير البرّي كذلك الأمر بناء على اختلاف الموطن،[4] فالإناث البالغة (5 سنوات أو أكثر) من أوروبة الوسطى يبلغ طولها 135 سنتيمترا وتزن بين 55 و 70 كيلوغراما بينما تصل الذكور البالغة في طولها إلى ما بين 140 و 150 سنتيمترا وتزن ما بين 80 و 90 كيلوغراما.[5] بينما تكون الخنازير من مناطق أخرى كالقوقاز أضخم حجما بكثير، حيث يصل طول الذكور منها إلى 200 سنتيمترا وتزن 200 كيلوغراما وحتى في بعض المناطق الأخرى كغرب فرنسا ولبنان فقد تم صيد خنازير برّية يصل وزنها إلى 100 كيلوغرام. وخلال أعوام الثلاثينات من القرن العشرين اصطيدت حيوانات تزن 260 كيلوغراما من دلتا الفولغا، وكذلك الأمر بالنسبة للشرق الأقصى الروسي حيث وردت تقارير عن ذكور يفوق وزنها 300 كيلوغرام. وقد أدّى الصيد المكثّف إلى تقليص عدد الحيوانات الضخمة، وأصبحت الخنازير البالغة 200 كيلوغراما تعد حاليا بأنها ضخمة جدّا.[3]
للخنزير البرّي زوج من الأنياب على كل فك، وتستخدم هذه الأنياب كوسيلة للدفاع عن النفس وتستمر بالنمو طيلة فترة حياة الحيوان. يبلغ طول الأنياب السفليّة في الذكور حوالي 20 سنتيمترا، لكن نادرا ما يظهر منها أكثر من 10 سنتيمترات خارج الفم، وقد تبلغ 30 سنتيمترا في حالات استثنائيّة، أما الأنياب العلويّة فهي تميل نحو الأعلى عند الذكور ويقوم الذكر على الدوام بشحذها على بعضها لإبقائها حادّة عند الأطراف. وبالنسبة للإناث فأنيابها أصغر حجما وتميل قليلا نحو الأعلى لدى الإناث الأكبر سنا.
[عدل]الموطن
خنزير برّي ناضج.
[عدل]الموطن الكامل
كان الموطن الأصليّ للخنزير البرّي يشمل شمال إفريقيا ومعظم أوراسيا من الجزر البريطانية إلى اليابان وجزر السوندا، وفي الشمال فقد امتد نطاق موطنه ليبلغ جنوب اسكندنافيا وجنوب سيبيريا.
و منذ بضعة قرون كانت هذه الخنازبر تتواجد على طول وادي النيل في شمال إفريقيا حتى تصل إلى الخرطوم وشمالي الصحراء الكبرى. وفي آسيا كان موطنها الأصلي يمتد من بحيرة لادوغا شمالا عبر منطقة نوفغورود وموسكو حتى يصل إلى جنوب الأورال ومن ثم يمتد شرقا حتى سهوب بارابا فجنوبا إلى جبال ألطاي فشرقا مجددا إلى جبال تانو أولا وبحيرة بايكال حتى يصل قريبا من بحر الصين. وفي بعض المناطق الأخرى تم تأكيد وجود خنازير بريّة فيها بالسابق عبر مستحثاتها التي وجدت فقط، ولا تتواجد الخنازير في المناطق الصحراويّة الجافّة وأعالي الجبال بشكل طبيعي، وهذا ما يفسّر عدم وجودها في المناطق الجافة من منغوليا وغربي سيشوان في الصين بالإضافة إلى شمالي الهيمالايا في الهند وشبه الجزيرة العربية.[3]
[عدل]الموطن الحالي
الموطن الحالي للخنزير البري.
لقد تغيّر نطاق موطن الخنزير البرّي بشكل كبير عبر القرون الماضية، ويعود السبب في ذلك إلى النشاط البشري بشكل رئيسيّ وربما لتغيّر المناخ أيضا. وقد انقرضت الخنازير البرّية في بريطانيا بحلول القرن الثالث عشر،[6] ويؤكد بأنها لم تستمر بالتواجد في جنوب إنكلترا بحلول عام 1610 عندما قام الملك جيمس الأول بإعادة إدخالها إلى منتزه ويندسور الكبير. وقد باءت هذه المحاولة وغيرها من المحاولات اللاحقة بالفشل بسبب القنص اللاشرعيّ، وبحلول عام 1700 لم يكن قد تبقى أي خنازير برّية في بريطانيا.
قتل آخر خنزير في الدنمارك في بداية القرن التاسع عشر، وفي عام 1900 لم تعد تشاهد الخنازير البرّية في تونس والسودان ومناطق عديدة في ألمانيا والنمسا وإيطاليا. وفي روسيا انقرضت هذه الحيوانات في مناطق متعددة بحلول الثلاثينات من القرن العشرين وتقلّصت حدود موطنها الشماليّة لتبلغ جبال ألطاي جنوبا.
وعلى العكس من ذلك فقد استمرت جمهرة الخنازير البرّية في فرنسا وبعض دول الشرق الأوسط بالنمو خصوصا في المناطق الريفيّة في وسط وجنوب فرنسا وفي سوريا وفلسطين والعراق ولبنان.
تعيش الخنازير في الأراضي السبخة العراقيّة على ضفاف نهريّ دجلة والفرات بالإضافة إلى شمال البلاد، وتعيش في مناطق الجبال الساحلية في سوريا بسبب قلّة صيدها من السكان المحليين ذوي الأغلبيّة المسلمة الذين لا يأكلون لحمها وتتواجد في منطقة الجزيرة السورية. وفي لبنان تنتشر الخنازير البرّية في جميع أنحاء البلد في المناطق الجبليّة والسهول، وقد ازداد عددها على الرغم من صيدها في بعض الأحيان بسبب قيام الإسرائليين بإطلاق سراح العشرات منها في جنوب لبنان بعد الانسحاب عام 2000. أما في فلسطين فإن الخنازير استمرت بالتواجد للسبب عينه الذي أدى إلى بقائها في الدول المجاورة أي قلّة صيدها من الأغلبيّة المسلمة واليهوديّة بعد قيام دولة إسرائيل.
قامت الخنازير البرّية مؤخرا بتوسيع نطاق موطنها الآسيوي ليصل إلى حدوده الشماليّة السابقة، وقد لوحظ ذلك في عام 1950. وفي عام 1960 وصل نطاق موطنها إلى حدود سانت بطرسبيرغ وموسكو ومن ثم توسعت أكثر في الإقليم الروسي، وخلال أعوام السبعينات أصبحت تتواجد مجددا في الدنمارك والسويد بسبب هرب العديد من الحيوانات المأسورة إلى البريّة، وخلال التسعينات هاجرت هذه الحيوانات إلى توسكانا وأصبحت تشاهد مجددا في شمال تونس.
[عدل]وضع النوع في بريطانيا
أُعيد إحضار الخنازير البرية إلى بريطانيا خلال السبعينات والثمانينات من القرن العشرين لتربيتها في المزارع من أجل الحصول على لحمها، ولأن هذه الحيوانات تعد من ضمن الأنواع التي عددها قانون الحياة البرية الخطرة لعام 1975، فإنه كان يجب على أي شخص القيام ببعض الإجراءات القانونية قبل إنشائه لمزرعة. ومن هذه الإجراءات حصول المرء على رخصة من المجلس البلدي المحلي، الذي يقوم بتعيين خبير للكشف على موقع المزرعة ومن ثم تقديم تقريره إلى المجلس. يتتطلّب إنشاء مزرعة أن تكون الحظائر المخصصة لتربية الخنازير آمنة ومتينة، كما يجب أن تكون الأرض مسيّجة وأن يكون كل من الري، الحرارة، الإضاءة، النظافة، التهوئة، والتأمين متوافرا بالقدر الصحيح. هرب الكثير من الخنازير البرية من المزارع منذ أن أحضرت لأول مرة في السبعينات، وقد حصلت أولى حالات الهرب من منتزهات الحياة البرية، ولكن نسبة الخنازير الهاربة من المزارع إزدادت منذ بداية التسعينات أي في الفترة التي إزداد فيها الطلب على لحم هذه الحيوانات، وخلال أوائل هذه الفترة زُعم بأن هناك جمهرة متناسلة في كل من مقاطعتي كنت وشرق ساسكس. قامت وزارة الزراعة وصيد الأسماك والغذاء (التي أصبحت اليوم تعرف بوزارة البيئة والغذاء والشؤون القروية) عام 1998 بإجراء دراسة على الخنازير البرية البريطانية، وأكدت وجود جمهرتين متناسلتين في البلاد، أحداها في كنت وشرق ساسكس، والأخرى في دورست.[6] وقد تم أيضا التبليغ عن جمهرات لخنازير برية في مناطق أخرى مثل هيرفوردشير وغلوسترشير. وقد أكدت دراسة أخرى أجريت في فبراير من عام 2008 ازدهار هاتين الجمهرتين وازدياد أعداد أفرادها.[7] وفي يناير من عام 2010 أبرزت هيئة الغابات إحصائية تبين فيها أن عدد الخنازير البرية وصل إلى 150 رأسا في غابة دين،[8] فأخذت الحكومة البريطانية على عاتقها إبادة 50 حيوانا منها كي لا يتجاوز العدد 100 خنزير على الدوام.[9] وتفيد تقارير أخرى أن الخنازير قاطنة غابة دين قد عبرت نهر واي الفاصل بين ويلز وإنكلترا وصولا إلى مقاطعة مونماوثشاير الوليزية.[10] كما وردت عدّة مشاهدات عينية تفيد برؤية أناس لخنازير برية في أنحاء مختلفة من المملكة المتحدة.[11]
[عدل]وضع النوع في ألمانيا
خنازير وحشيّة في رأس كانافيرال، فلوريدا، الولايات المتحدة.
أظهرت الدراسات في ألمانيا مؤخرا أن هناك فائضا في جمهرة الخنازير البرية، فقد ازدات أعدادها بنسبة 320% خلال عام 2007—أي أكثر من أي بلد أوروبي أخر—وقد أدّى هذا إلى بروز عدّة مشاكل، فقد أخذت الخنازير تدمر المحاصيل الزراعية وتقلعها، تفتك ببعض الحيوانات الأليفة، وتقتحم الحدائق المنزلية والمقابر وتنبش الأموات في بعض الأحيان حتّى. وقد صرّح العديد من القرويين الألمان بأنهم قلقون جرّاء هذا الانفجار الكبير في أعداد الخنازير الذي لم يشهدوا له نظير، ومما قد ينجم عنه من مشاكل متمثلة بزيادة نسبة الهجوم على البشر ونقل حمى الخنازير. أظهرت الدراسات أن عدد الخنانيص في البطن النمطي للخنزيرة البرية بألمانيا هو لب هذه المشكلة، ووفقا لأحدى هذه الدراسات فإن "البطن النمطي للخنزيرة البرية في ألمانيا يحوي ما بين 6 إلى 8 خنانيص كمعدل، أما في دول أخرى فإنه غالبا ما يحوي بين 4 إلى 5 صغار".[12]
[عدل]الخنازير المدخلة
تمّ إدخال الخنازير البرّية إلى الولايات المتحدة في بداية القرن العشرين كطرائد للصيد، حيث تزاوجت في بعض المناطق مع الخنازير المستأنسة الطليقة. كما أدخلت الخنازير البرّية إلى أميركا الجنوبية وغينيا الجديدة ونيوزيلندا وأستراليا وغيرها من الجزر حيث تزاوجت بشكل جزئي مع الخنازير المستأنسة الطليقة.[13]
[عدل]التفرقة بين الخنزير البري والخنزير الوحشي
الخنزير البرّي هو الخنزير ذو الجذور البرّية أما الوحشي فهو الخنزير المستأنس الذي أصبح طليقا وغدا وحشيّا. التفرقة بينهما لا تتم على أساس أنهما نوعين مختلفتين فكلاهما يعد نوعاً واحداً يسمى Sus scrofa، ويستخدم لفظ خنزير للدلالة على الذكر البالغ من أي نوع من فصيلة الخنزيريّات بما فيها الخنزير المستأنس، وفي حالة الخنزير البرّي فإن التعبير بلفظ خنزير برّي لايكفي للدلالة على الذكر لأنه يدل أصلا على النوع. وعوضا عن ذلك ينبغي قول "خنزير برّي ذكر" و"خنزيرة بريّة" و"خنّوص برّي" بمعنى صغير الخنزير البرّي.[14] وتتم التفرقة عبر النظر إلى المكان الذي تقطنه الحيوانات أو عبر معرفة تاريخها في تلك المنطقة أو البلد بالتحديد. ففي نيوزيلندا على سبيل المثال تعرف الخنازير البرّية باسم "القباطنة كوكر" أو "الكابتن كوكرز" (بالإنكليزية: Captain Cookers) نسبة إلى الاعتقاد بأنها تتحدر من الخنازير التي أهداها مكتشف الجزيرة القبطان جيمس كوك إلى شعب الماوري خلال أعوام السبعينات من القرن الثامن عشر.[15] كما تعرف خنازير نيوزيلندا "بذوات الأنياب" أو "التسكرز" (بالإنكليزية: Tuskers).
إحدى الخصائص التي يمكن بواسطتها تفرقة الخنازير البرّية عن السلالات المستأنسة هي لون الشعر. فالحيوانات البريّة تمتلك دوما معطفا سميكا وقصيرا يتراوح لونه من الرمادي إلى الأسود والبني، كما وتمتلك صفا من الشعر المنتصب على طول العمود الفقري وهذا ما أدى إلى تسميتها في جنوبي الولايات المتحدة وأستراليا "بالعرفيّة الظهر" أو "الرايزور باك" (بالإنكليزية: Razorback). يكون ذيل الخنازير قصير ومستقيم، وتميل الحيوانات البرّية إلى امتلاك قوائم أطول بالإضافة إلى رأس وخطم أضيق من الخنازير المستأنسة. يصل وزن الذكور البرّية الأوروبيّة البالغة إلى 200 كيلوغراما (في بعض الأحيان الاستثنائيّة قد يصل وزنها إلى 300 كيلوغراما، خصوصا في شرق أوروبة)، بينما تكون الإناث أصغر حجما من الذكور بحوالي الثلث.
رأس هجين بين خنزير بري ومستأنس في متحف روثتشايلد ببلدة ترينغ، إنكلترا.
وفي يونيو 2004 تم قتل خنزير وحشيّ ضخم جدّا أطلق عليه اسم هوغزيلا، في ولاية جورجيا في الولايات المتحدة.[16] وقد اعتقد في بادئ الأمر أن القصة غير حقيقية وأن الحيوان مزيّف ومن ثم انتشرت القصة بشكل كبير على الإنترنت وأصبحت هوساً لبعض العامّة، فأرسلت جمعيّة ناشونال جيوغرافيك بعض العلماء إلى موقع الحادثة حيث قاموا بإجراء فحص لجثة الحيوان ولحمضه النووي وتبيّنوا بعد ذلك أن هوغزيلا هجين بين خنزير برّي وخنزير مستأنس.[17]
أدخلت الخنازير البرية إلى عدد من الدول في بداية القرن العشرين لتشجيع رياضة الصيد، وما لبثت أن تكاترت وتناسلت بنجاح مع الخنازير المستأنسة الطليقة. ومن الدول التي أدخلت إليها هذه الحيوانات: الولايات المتحدة، عدد من دول أميركا الجنوبية، أستراليا، غينيا الجديدة، نيوزيلندة، وغيرها من الجزر. وفي أميركا الجنوبية، أدخلت هذه الحيوانات في بادئ الأمر إلى الأوروغواي حيث تكاثرت بشكل كبير وانتشرت عبر الحدود شمالا حتى وصلت إلى البرازيل في تسعينات القرن العشرين حيث أصبحت تعتبر نوعا دخيلا طفيليّا، وقد أصبحت الحكومة ترخّص صيد الخنازير البرية النقية بالإضافة للخنازير الهجينة (التي يُسميها العامة javaporcos) في ولاية ريو غراندي دو سول الجنوبية وذلك منذ أغسطس من عام 2005،[18] على الرغم من أن التأثير السلبي لهذه الخنازير على البيئة والحيوانات البلديّة لوحظ منذ عام 1994.[19] إلا أن إطلاق هذه الحيوانات عمدا في البرية أو هروبها من المزارع الغير مرخص لها (التي تأسست بسبب الطلب المتزايد على لحم الخنازير البرية عوضا عن لحم المستأنسة) يستمر برفع عددها في البرية، وبحلول منتصف عام 2008 كان على الحكومة السماح بصيد الخنازير في ولايتي سانتا كاتارينا وساو باولو المجاورتين.[20]
يخلط الكثير من العامّة بين الخنازير البرية المدخلة حديثا إلى البرازيل وبين الخنازير الوحشيّة التي أدخلت واستقرّت في البلاد بأراضي البنتنال المستنقعية منذ ما يزيد على مئة سنة، حيث عاشت جنبا إلى جنب مع البقري (حيوانات شبيهة جدا بالخنازير من حيث الشكل الخارجي). ولا تزال العلاقة بين الخنازير الوحشية ونوعيّ البقري الموجودين في تلك المستنقعات (البقري المطوّق والبقري الأبيض الشفة) وتأثير وجودها عليها غامضة وتتم دراستها حاليا. يفترض بعض العلماء أن وجود الخنازير في تلك المنطقة يخفف ضغط افتراس اليغور على جمهرات البقري، حيث يبدو أن اليغور يُفضل الخنازير على البقري بحال وجدت الفصيلتين في منطقته.[21]
تعتبر الخنازير الوحشية حيوانات مخربة تسبب الكثير من الأضرار للإنسان، حيث قدّرت إحدى الدراسات في عام 2008 أن جمهرة الخنازير الوحشية البالغ عددها 4 ملايين في الولايات المتحدة تسبب أضرارا سنوية بالملكيّات تبلغ قيمتها حوالي 800 دولار أمريكي.[22]
[عدل]العادات
خنانيص ترضع.
خنزير بري يافع.
تعيش الخنازير البرّية في مجموعات عائليّة يبلغ عدد أفرادها حوالي 20 حيوانا، إلا أنه من الممكن أن يصل عدد الأفراد إلى مافوق الخمسين في بعض الأحيان. تتكون المجموعة العائليّة في العادة من خنزيرتين وصغارهما، ولا تختلط الذكور بهذه المجموعات في خارج موسم التزاوج الذي يتكرر مرتين أو ثلاثة في السنة وغالبا ما تعيش منفردة. تضع الأنثى حملها في منطقة مختارة بعيدا عن المجموعة العائليّة ويتكوّن البطن في العادة من 4 إلى 6 خنانيص. تبدأ الصغار بنبش الأرض غريزيّاً منذ أيامها الأولى، وهي تُفطم بعد 3 أو 4 شهور من ولادتها، وتبدأ بأكل الأطعمة الصلبة مثل الديدان واليرقانات عندما تبلغ أسبوعين من العمر.[23]
تعتبر هذه الحيوانات ليليّة النشاط حيث تقوم بالبحث عن طعامها من الغسق وحتى الفجر، وهي تأكل أي شيء يقع في دربها بما في ذلك البندق والتوت والجيفة والجذور بالإضافة إلى البصلات والحشرات والزواحف الصغيرة وحتى صغار الأيائل والحملان.
الخنازير البرّية هي الحافريات الوحيدة التي يعرف عنها بأنها تحفر جحورا، ويمكن تفسير ذلك على أنها الثدييات الوحيدة التي لا يولد جسدها حرارة كافية لحمايتها من البرد ولذلك عليها أن تجد وسائل أخرى لتحمي نفسها، ومن هذه الوسائل قيام الخنانيص الصغيرة بالارتجاف لتوليد حرارة في جسدها.[24]
و بحال حوصر الخنزير أو فوجئ على حين غرّة فسوف يدافع عن نفسه بشراسة (خصوصا الأنثى مع صغارها). وعند الهجوم يقوم الذكر بخفض رأسه والعدو نحو الخطر ومن ثم يرفع رأسه للأعلى لجرح خصمه بأنيابه، أما الأنثى القصيرة أو العديمة الأنياب تقوم بالهجوم فاغرة فمها ورأسها مرفوع لعض ما يهددها. ونادرا ما تكون هذه الهجومات قاتلة للإنسان إلا أنها تؤدي إلى صدمات عنيفة وفقدان للدم.
[]المفترسات الطبيعيّة
للخنزير البري عدد كبير من الضواري التي تقتات عليه، من شاكلة الببور التي تصطاد هذه الحيوانات في المناطق التي تشاطرها إياها.[25] تعتبر الذئاب أيضا مفترسات رئيسيّة للخنزير البري في بعض المناطق، وهي غالبا ما تقتات على الخنانيص، إلا أنه تم توثيق حالات قتلت فيها الذئاب خنازير بالغة في شبه الجزيرة الأيبيرية وروسيا. نادرا ما تهاجم الذئاب الخنزير وجها لوجه، بل هي تُفضل أن تنقض عليها من الخلف حيث تقوم بقضم وتمزيق عجانها مما يفقد طريدتها حس الاتجاه ويتسبب بفقدان الكثير من الدماء. وفي بعض المناطق من الإتحاد السوفياتي السابق، كان القطيع الواحد من الذئاب يفترس ما بين 50 و 80 خنزيرا بريا في السنة.[] وقد ظهر في إيطاليا أنه في المناطق التي يتشاطرها النوعان أصبحت الخنازير أكثر عدائية تجاه الذئاب والكلاب المستأنسة وفقا لنسبة افتراس الأخيرة لها.5
تفترس الضباع المخططة الخنازير البرية بين الحين والأخر، إلا أنه يُعتقد بأن السلالات الثلاثة الكبيرة من شمال إفريقيا، الشرق الأوسط، والهند، هي وحدها القادرة على قتل خنزير بري بنجاح.[]
تعتبر الخنانيص طريدة مهمّة بالنسبة للعديد من أنواع المفترسات بما فيها الأفاعي الضخمة، من شاكلة الأصلة الشبكية، الجوارح الكبيرة، وأنواعا مختلفة من السنوريات. تتفادى معظم المفترسات الخنازير الناضجة بسبب حجمها وطبيعتها العدائية، فيما عدا الذئاب والببور، ألا أن خنازيرا ناضجة قتلت أيضا على يد مفترسات أخرى في بعض الأحيان مثل النمور، الدببة الكبيرة (الدببة البنية بشكل خاص)؛ والتماسيح الناضجة. تعتبر كل مفترسات الخنزير البري حيوانات انتهازية تفضّل افتراس الخنانيص متى ما تواجدت، بدلا من مهاجمة الخنازير البالغة. تقبع الخنازير البرية في الكثير من المناطق التي أدخلت إليها على رأس السلسة الغذائية، إلا أنها تُصاد في بعض الأحيان من قبل ضوار مشابهة للضواري في موطنها الأصلي في أوراسيا.[]
للخنزير البرّي جسد ورأس ضخمان وقوائم قصيرة نسبيا، وفراء الخنزير ثخين يشتد سماكة في الشتاء ويتراوح لونه من الرمادي الداكن إلى الأسود والبنيّ، إلا أن هناك اختلافا بنمط الألوان بحسب اختلاف الموطن وقد أفادت بعض التقارير بوجود خنازير برّية بيضاء حتى في آسيا الوسطى.[3]
الهيكل العظمي للخنزير البرّي.
يختلف حجم الخنزير البرّي كذلك الأمر بناء على اختلاف الموطن،[4] فالإناث البالغة (5 سنوات أو أكثر) من أوروبة الوسطى يبلغ طولها 135 سنتيمترا وتزن بين 55 و 70 كيلوغراما بينما تصل الذكور البالغة في طولها إلى ما بين 140 و 150 سنتيمترا وتزن ما بين 80 و 90 كيلوغراما.[5] بينما تكون الخنازير من مناطق أخرى كالقوقاز أضخم حجما بكثير، حيث يصل طول الذكور منها إلى 200 سنتيمترا وتزن 200 كيلوغراما وحتى في بعض المناطق الأخرى كغرب فرنسا ولبنان فقد تم صيد خنازير برّية يصل وزنها إلى 100 كيلوغرام. وخلال أعوام الثلاثينات من القرن العشرين اصطيدت حيوانات تزن 260 كيلوغراما من دلتا الفولغا، وكذلك الأمر بالنسبة للشرق الأقصى الروسي حيث وردت تقارير عن ذكور يفوق وزنها 300 كيلوغرام. وقد أدّى الصيد المكثّف إلى تقليص عدد الحيوانات الضخمة، وأصبحت الخنازير البالغة 200 كيلوغراما تعد حاليا بأنها ضخمة جدّا.[3]
للخنزير البرّي زوج من الأنياب على كل فك، وتستخدم هذه الأنياب كوسيلة للدفاع عن النفس وتستمر بالنمو طيلة فترة حياة الحيوان. يبلغ طول الأنياب السفليّة في الذكور حوالي 20 سنتيمترا، لكن نادرا ما يظهر منها أكثر من 10 سنتيمترات خارج الفم، وقد تبلغ 30 سنتيمترا في حالات استثنائيّة، أما الأنياب العلويّة فهي تميل نحو الأعلى عند الذكور ويقوم الذكر على الدوام بشحذها على بعضها لإبقائها حادّة عند الأطراف. وبالنسبة للإناث فأنيابها أصغر حجما وتميل قليلا نحو الأعلى لدى الإناث الأكبر سنا.
[عدل]الموطن
خنزير برّي ناضج.
[عدل]الموطن الكامل
كان الموطن الأصليّ للخنزير البرّي يشمل شمال إفريقيا ومعظم أوراسيا من الجزر البريطانية إلى اليابان وجزر السوندا، وفي الشمال فقد امتد نطاق موطنه ليبلغ جنوب اسكندنافيا وجنوب سيبيريا.
و منذ بضعة قرون كانت هذه الخنازبر تتواجد على طول وادي النيل في شمال إفريقيا حتى تصل إلى الخرطوم وشمالي الصحراء الكبرى. وفي آسيا كان موطنها الأصلي يمتد من بحيرة لادوغا شمالا عبر منطقة نوفغورود وموسكو حتى يصل إلى جنوب الأورال ومن ثم يمتد شرقا حتى سهوب بارابا فجنوبا إلى جبال ألطاي فشرقا مجددا إلى جبال تانو أولا وبحيرة بايكال حتى يصل قريبا من بحر الصين. وفي بعض المناطق الأخرى تم تأكيد وجود خنازير بريّة فيها بالسابق عبر مستحثاتها التي وجدت فقط، ولا تتواجد الخنازير في المناطق الصحراويّة الجافّة وأعالي الجبال بشكل طبيعي، وهذا ما يفسّر عدم وجودها في المناطق الجافة من منغوليا وغربي سيشوان في الصين بالإضافة إلى شمالي الهيمالايا في الهند وشبه الجزيرة العربية.[3]
[عدل]الموطن الحالي
الموطن الحالي للخنزير البري.
لقد تغيّر نطاق موطن الخنزير البرّي بشكل كبير عبر القرون الماضية، ويعود السبب في ذلك إلى النشاط البشري بشكل رئيسيّ وربما لتغيّر المناخ أيضا. وقد انقرضت الخنازير البرّية في بريطانيا بحلول القرن الثالث عشر،[6] ويؤكد بأنها لم تستمر بالتواجد في جنوب إنكلترا بحلول عام 1610 عندما قام الملك جيمس الأول بإعادة إدخالها إلى منتزه ويندسور الكبير. وقد باءت هذه المحاولة وغيرها من المحاولات اللاحقة بالفشل بسبب القنص اللاشرعيّ، وبحلول عام 1700 لم يكن قد تبقى أي خنازير برّية في بريطانيا.
قتل آخر خنزير في الدنمارك في بداية القرن التاسع عشر، وفي عام 1900 لم تعد تشاهد الخنازير البرّية في تونس والسودان ومناطق عديدة في ألمانيا والنمسا وإيطاليا. وفي روسيا انقرضت هذه الحيوانات في مناطق متعددة بحلول الثلاثينات من القرن العشرين وتقلّصت حدود موطنها الشماليّة لتبلغ جبال ألطاي جنوبا.
وعلى العكس من ذلك فقد استمرت جمهرة الخنازير البرّية في فرنسا وبعض دول الشرق الأوسط بالنمو خصوصا في المناطق الريفيّة في وسط وجنوب فرنسا وفي سوريا وفلسطين والعراق ولبنان.
تعيش الخنازير في الأراضي السبخة العراقيّة على ضفاف نهريّ دجلة والفرات بالإضافة إلى شمال البلاد، وتعيش في مناطق الجبال الساحلية في سوريا بسبب قلّة صيدها من السكان المحليين ذوي الأغلبيّة المسلمة الذين لا يأكلون لحمها وتتواجد في منطقة الجزيرة السورية. وفي لبنان تنتشر الخنازير البرّية في جميع أنحاء البلد في المناطق الجبليّة والسهول، وقد ازداد عددها على الرغم من صيدها في بعض الأحيان بسبب قيام الإسرائليين بإطلاق سراح العشرات منها في جنوب لبنان بعد الانسحاب عام 2000. أما في فلسطين فإن الخنازير استمرت بالتواجد للسبب عينه الذي أدى إلى بقائها في الدول المجاورة أي قلّة صيدها من الأغلبيّة المسلمة واليهوديّة بعد قيام دولة إسرائيل.
قامت الخنازير البرّية مؤخرا بتوسيع نطاق موطنها الآسيوي ليصل إلى حدوده الشماليّة السابقة، وقد لوحظ ذلك في عام 1950. وفي عام 1960 وصل نطاق موطنها إلى حدود سانت بطرسبيرغ وموسكو ومن ثم توسعت أكثر في الإقليم الروسي، وخلال أعوام السبعينات أصبحت تتواجد مجددا في الدنمارك والسويد بسبب هرب العديد من الحيوانات المأسورة إلى البريّة، وخلال التسعينات هاجرت هذه الحيوانات إلى توسكانا وأصبحت تشاهد مجددا في شمال تونس.
[عدل]وضع النوع في بريطانيا
أُعيد إحضار الخنازير البرية إلى بريطانيا خلال السبعينات والثمانينات من القرن العشرين لتربيتها في المزارع من أجل الحصول على لحمها، ولأن هذه الحيوانات تعد من ضمن الأنواع التي عددها قانون الحياة البرية الخطرة لعام 1975، فإنه كان يجب على أي شخص القيام ببعض الإجراءات القانونية قبل إنشائه لمزرعة. ومن هذه الإجراءات حصول المرء على رخصة من المجلس البلدي المحلي، الذي يقوم بتعيين خبير للكشف على موقع المزرعة ومن ثم تقديم تقريره إلى المجلس. يتتطلّب إنشاء مزرعة أن تكون الحظائر المخصصة لتربية الخنازير آمنة ومتينة، كما يجب أن تكون الأرض مسيّجة وأن يكون كل من الري، الحرارة، الإضاءة، النظافة، التهوئة، والتأمين متوافرا بالقدر الصحيح. هرب الكثير من الخنازير البرية من المزارع منذ أن أحضرت لأول مرة في السبعينات، وقد حصلت أولى حالات الهرب من منتزهات الحياة البرية، ولكن نسبة الخنازير الهاربة من المزارع إزدادت منذ بداية التسعينات أي في الفترة التي إزداد فيها الطلب على لحم هذه الحيوانات، وخلال أوائل هذه الفترة زُعم بأن هناك جمهرة متناسلة في كل من مقاطعتي كنت وشرق ساسكس. قامت وزارة الزراعة وصيد الأسماك والغذاء (التي أصبحت اليوم تعرف بوزارة البيئة والغذاء والشؤون القروية) عام 1998 بإجراء دراسة على الخنازير البرية البريطانية، وأكدت وجود جمهرتين متناسلتين في البلاد، أحداها في كنت وشرق ساسكس، والأخرى في دورست.[6] وقد تم أيضا التبليغ عن جمهرات لخنازير برية في مناطق أخرى مثل هيرفوردشير وغلوسترشير. وقد أكدت دراسة أخرى أجريت في فبراير من عام 2008 ازدهار هاتين الجمهرتين وازدياد أعداد أفرادها.[7] وفي يناير من عام 2010 أبرزت هيئة الغابات إحصائية تبين فيها أن عدد الخنازير البرية وصل إلى 150 رأسا في غابة دين،[8] فأخذت الحكومة البريطانية على عاتقها إبادة 50 حيوانا منها كي لا يتجاوز العدد 100 خنزير على الدوام.[9] وتفيد تقارير أخرى أن الخنازير قاطنة غابة دين قد عبرت نهر واي الفاصل بين ويلز وإنكلترا وصولا إلى مقاطعة مونماوثشاير الوليزية.[10] كما وردت عدّة مشاهدات عينية تفيد برؤية أناس لخنازير برية في أنحاء مختلفة من المملكة المتحدة.[11]
[عدل]وضع النوع في ألمانيا
خنازير وحشيّة في رأس كانافيرال، فلوريدا، الولايات المتحدة.
أظهرت الدراسات في ألمانيا مؤخرا أن هناك فائضا في جمهرة الخنازير البرية، فقد ازدات أعدادها بنسبة 320% خلال عام 2007—أي أكثر من أي بلد أوروبي أخر—وقد أدّى هذا إلى بروز عدّة مشاكل، فقد أخذت الخنازير تدمر المحاصيل الزراعية وتقلعها، تفتك ببعض الحيوانات الأليفة، وتقتحم الحدائق المنزلية والمقابر وتنبش الأموات في بعض الأحيان حتّى. وقد صرّح العديد من القرويين الألمان بأنهم قلقون جرّاء هذا الانفجار الكبير في أعداد الخنازير الذي لم يشهدوا له نظير، ومما قد ينجم عنه من مشاكل متمثلة بزيادة نسبة الهجوم على البشر ونقل حمى الخنازير. أظهرت الدراسات أن عدد الخنانيص في البطن النمطي للخنزيرة البرية بألمانيا هو لب هذه المشكلة، ووفقا لأحدى هذه الدراسات فإن "البطن النمطي للخنزيرة البرية في ألمانيا يحوي ما بين 6 إلى 8 خنانيص كمعدل، أما في دول أخرى فإنه غالبا ما يحوي بين 4 إلى 5 صغار".[12]
[عدل]الخنازير المدخلة
تمّ إدخال الخنازير البرّية إلى الولايات المتحدة في بداية القرن العشرين كطرائد للصيد، حيث تزاوجت في بعض المناطق مع الخنازير المستأنسة الطليقة. كما أدخلت الخنازير البرّية إلى أميركا الجنوبية وغينيا الجديدة ونيوزيلندا وأستراليا وغيرها من الجزر حيث تزاوجت بشكل جزئي مع الخنازير المستأنسة الطليقة.[13]
[عدل]التفرقة بين الخنزير البري والخنزير الوحشي
الخنزير البرّي هو الخنزير ذو الجذور البرّية أما الوحشي فهو الخنزير المستأنس الذي أصبح طليقا وغدا وحشيّا. التفرقة بينهما لا تتم على أساس أنهما نوعين مختلفتين فكلاهما يعد نوعاً واحداً يسمى Sus scrofa، ويستخدم لفظ خنزير للدلالة على الذكر البالغ من أي نوع من فصيلة الخنزيريّات بما فيها الخنزير المستأنس، وفي حالة الخنزير البرّي فإن التعبير بلفظ خنزير برّي لايكفي للدلالة على الذكر لأنه يدل أصلا على النوع. وعوضا عن ذلك ينبغي قول "خنزير برّي ذكر" و"خنزيرة بريّة" و"خنّوص برّي" بمعنى صغير الخنزير البرّي.[14] وتتم التفرقة عبر النظر إلى المكان الذي تقطنه الحيوانات أو عبر معرفة تاريخها في تلك المنطقة أو البلد بالتحديد. ففي نيوزيلندا على سبيل المثال تعرف الخنازير البرّية باسم "القباطنة كوكر" أو "الكابتن كوكرز" (بالإنكليزية: Captain Cookers) نسبة إلى الاعتقاد بأنها تتحدر من الخنازير التي أهداها مكتشف الجزيرة القبطان جيمس كوك إلى شعب الماوري خلال أعوام السبعينات من القرن الثامن عشر.[15] كما تعرف خنازير نيوزيلندا "بذوات الأنياب" أو "التسكرز" (بالإنكليزية: Tuskers).
إحدى الخصائص التي يمكن بواسطتها تفرقة الخنازير البرّية عن السلالات المستأنسة هي لون الشعر. فالحيوانات البريّة تمتلك دوما معطفا سميكا وقصيرا يتراوح لونه من الرمادي إلى الأسود والبني، كما وتمتلك صفا من الشعر المنتصب على طول العمود الفقري وهذا ما أدى إلى تسميتها في جنوبي الولايات المتحدة وأستراليا "بالعرفيّة الظهر" أو "الرايزور باك" (بالإنكليزية: Razorback). يكون ذيل الخنازير قصير ومستقيم، وتميل الحيوانات البرّية إلى امتلاك قوائم أطول بالإضافة إلى رأس وخطم أضيق من الخنازير المستأنسة. يصل وزن الذكور البرّية الأوروبيّة البالغة إلى 200 كيلوغراما (في بعض الأحيان الاستثنائيّة قد يصل وزنها إلى 300 كيلوغراما، خصوصا في شرق أوروبة)، بينما تكون الإناث أصغر حجما من الذكور بحوالي الثلث.
رأس هجين بين خنزير بري ومستأنس في متحف روثتشايلد ببلدة ترينغ، إنكلترا.
وفي يونيو 2004 تم قتل خنزير وحشيّ ضخم جدّا أطلق عليه اسم هوغزيلا، في ولاية جورجيا في الولايات المتحدة.[16] وقد اعتقد في بادئ الأمر أن القصة غير حقيقية وأن الحيوان مزيّف ومن ثم انتشرت القصة بشكل كبير على الإنترنت وأصبحت هوساً لبعض العامّة، فأرسلت جمعيّة ناشونال جيوغرافيك بعض العلماء إلى موقع الحادثة حيث قاموا بإجراء فحص لجثة الحيوان ولحمضه النووي وتبيّنوا بعد ذلك أن هوغزيلا هجين بين خنزير برّي وخنزير مستأنس.[17]
أدخلت الخنازير البرية إلى عدد من الدول في بداية القرن العشرين لتشجيع رياضة الصيد، وما لبثت أن تكاترت وتناسلت بنجاح مع الخنازير المستأنسة الطليقة. ومن الدول التي أدخلت إليها هذه الحيوانات: الولايات المتحدة، عدد من دول أميركا الجنوبية، أستراليا، غينيا الجديدة، نيوزيلندة، وغيرها من الجزر. وفي أميركا الجنوبية، أدخلت هذه الحيوانات في بادئ الأمر إلى الأوروغواي حيث تكاثرت بشكل كبير وانتشرت عبر الحدود شمالا حتى وصلت إلى البرازيل في تسعينات القرن العشرين حيث أصبحت تعتبر نوعا دخيلا طفيليّا، وقد أصبحت الحكومة ترخّص صيد الخنازير البرية النقية بالإضافة للخنازير الهجينة (التي يُسميها العامة javaporcos) في ولاية ريو غراندي دو سول الجنوبية وذلك منذ أغسطس من عام 2005،[18] على الرغم من أن التأثير السلبي لهذه الخنازير على البيئة والحيوانات البلديّة لوحظ منذ عام 1994.[19] إلا أن إطلاق هذه الحيوانات عمدا في البرية أو هروبها من المزارع الغير مرخص لها (التي تأسست بسبب الطلب المتزايد على لحم الخنازير البرية عوضا عن لحم المستأنسة) يستمر برفع عددها في البرية، وبحلول منتصف عام 2008 كان على الحكومة السماح بصيد الخنازير في ولايتي سانتا كاتارينا وساو باولو المجاورتين.[20]
يخلط الكثير من العامّة بين الخنازير البرية المدخلة حديثا إلى البرازيل وبين الخنازير الوحشيّة التي أدخلت واستقرّت في البلاد بأراضي البنتنال المستنقعية منذ ما يزيد على مئة سنة، حيث عاشت جنبا إلى جنب مع البقري (حيوانات شبيهة جدا بالخنازير من حيث الشكل الخارجي). ولا تزال العلاقة بين الخنازير الوحشية ونوعيّ البقري الموجودين في تلك المستنقعات (البقري المطوّق والبقري الأبيض الشفة) وتأثير وجودها عليها غامضة وتتم دراستها حاليا. يفترض بعض العلماء أن وجود الخنازير في تلك المنطقة يخفف ضغط افتراس اليغور على جمهرات البقري، حيث يبدو أن اليغور يُفضل الخنازير على البقري بحال وجدت الفصيلتين في منطقته.[21]
تعتبر الخنازير الوحشية حيوانات مخربة تسبب الكثير من الأضرار للإنسان، حيث قدّرت إحدى الدراسات في عام 2008 أن جمهرة الخنازير الوحشية البالغ عددها 4 ملايين في الولايات المتحدة تسبب أضرارا سنوية بالملكيّات تبلغ قيمتها حوالي 800 دولار أمريكي.[22]
[عدل]العادات
خنانيص ترضع.
خنزير بري يافع.
تعيش الخنازير البرّية في مجموعات عائليّة يبلغ عدد أفرادها حوالي 20 حيوانا، إلا أنه من الممكن أن يصل عدد الأفراد إلى مافوق الخمسين في بعض الأحيان. تتكون المجموعة العائليّة في العادة من خنزيرتين وصغارهما، ولا تختلط الذكور بهذه المجموعات في خارج موسم التزاوج الذي يتكرر مرتين أو ثلاثة في السنة وغالبا ما تعيش منفردة. تضع الأنثى حملها في منطقة مختارة بعيدا عن المجموعة العائليّة ويتكوّن البطن في العادة من 4 إلى 6 خنانيص. تبدأ الصغار بنبش الأرض غريزيّاً منذ أيامها الأولى، وهي تُفطم بعد 3 أو 4 شهور من ولادتها، وتبدأ بأكل الأطعمة الصلبة مثل الديدان واليرقانات عندما تبلغ أسبوعين من العمر.[23]
تعتبر هذه الحيوانات ليليّة النشاط حيث تقوم بالبحث عن طعامها من الغسق وحتى الفجر، وهي تأكل أي شيء يقع في دربها بما في ذلك البندق والتوت والجيفة والجذور بالإضافة إلى البصلات والحشرات والزواحف الصغيرة وحتى صغار الأيائل والحملان.
الخنازير البرّية هي الحافريات الوحيدة التي يعرف عنها بأنها تحفر جحورا، ويمكن تفسير ذلك على أنها الثدييات الوحيدة التي لا يولد جسدها حرارة كافية لحمايتها من البرد ولذلك عليها أن تجد وسائل أخرى لتحمي نفسها، ومن هذه الوسائل قيام الخنانيص الصغيرة بالارتجاف لتوليد حرارة في جسدها.[24]
و بحال حوصر الخنزير أو فوجئ على حين غرّة فسوف يدافع عن نفسه بشراسة (خصوصا الأنثى مع صغارها). وعند الهجوم يقوم الذكر بخفض رأسه والعدو نحو الخطر ومن ثم يرفع رأسه للأعلى لجرح خصمه بأنيابه، أما الأنثى القصيرة أو العديمة الأنياب تقوم بالهجوم فاغرة فمها ورأسها مرفوع لعض ما يهددها. ونادرا ما تكون هذه الهجومات قاتلة للإنسان إلا أنها تؤدي إلى صدمات عنيفة وفقدان للدم.
[]المفترسات الطبيعيّة
للخنزير البري عدد كبير من الضواري التي تقتات عليه، من شاكلة الببور التي تصطاد هذه الحيوانات في المناطق التي تشاطرها إياها.[25] تعتبر الذئاب أيضا مفترسات رئيسيّة للخنزير البري في بعض المناطق، وهي غالبا ما تقتات على الخنانيص، إلا أنه تم توثيق حالات قتلت فيها الذئاب خنازير بالغة في شبه الجزيرة الأيبيرية وروسيا. نادرا ما تهاجم الذئاب الخنزير وجها لوجه، بل هي تُفضل أن تنقض عليها من الخلف حيث تقوم بقضم وتمزيق عجانها مما يفقد طريدتها حس الاتجاه ويتسبب بفقدان الكثير من الدماء. وفي بعض المناطق من الإتحاد السوفياتي السابق، كان القطيع الواحد من الذئاب يفترس ما بين 50 و 80 خنزيرا بريا في السنة.[] وقد ظهر في إيطاليا أنه في المناطق التي يتشاطرها النوعان أصبحت الخنازير أكثر عدائية تجاه الذئاب والكلاب المستأنسة وفقا لنسبة افتراس الأخيرة لها.5
تفترس الضباع المخططة الخنازير البرية بين الحين والأخر، إلا أنه يُعتقد بأن السلالات الثلاثة الكبيرة من شمال إفريقيا، الشرق الأوسط، والهند، هي وحدها القادرة على قتل خنزير بري بنجاح.[]
تعتبر الخنانيص طريدة مهمّة بالنسبة للعديد من أنواع المفترسات بما فيها الأفاعي الضخمة، من شاكلة الأصلة الشبكية، الجوارح الكبيرة، وأنواعا مختلفة من السنوريات. تتفادى معظم المفترسات الخنازير الناضجة بسبب حجمها وطبيعتها العدائية، فيما عدا الذئاب والببور، ألا أن خنازيرا ناضجة قتلت أيضا على يد مفترسات أخرى في بعض الأحيان مثل النمور، الدببة الكبيرة (الدببة البنية بشكل خاص)؛ والتماسيح الناضجة. تعتبر كل مفترسات الخنزير البري حيوانات انتهازية تفضّل افتراس الخنانيص متى ما تواجدت، بدلا من مهاجمة الخنازير البالغة. تقبع الخنازير البرية في الكثير من المناطق التي أدخلت إليها على رأس السلسة الغذائية، إلا أنها تُصاد في بعض الأحيان من قبل ضوار مشابهة للضواري في موطنها الأصلي في أوراسيا.[]