في رحلة العمر هناك الكثير الكثير من المحطات
نمر ببعضها مرور الكرام
والبعض الآخر تأخذ من العُمر عُمرا
وهي نفسها تلك المحطات
والتي لا تقبل الانتظار...
محطات انتظرنا فيها النجاح طويلا انتظرنا فيها ذلك الغريب المتألق
والقادم من بلاد الأحلام البعيدة
والذي سيقلب بؤسنا مرح وجوعنا شبع
وأحلامنا واقع وجهل الناس بنا شهرة ومكانة
وكل ذلك بحجة الفرصة
المناسبة في الوقت المناسب
فنمنا فيها في سُبات طويل
فضاعت كل الفرص ومعها كل الأوقات ضاعت...
محطات أخرى انتظرنا فيها الأحباب طويلا بحجة أنهم وعدونا بالعودة
القريبة فكل صباح هو صباح اللقاء وكل مساء هو أيضا مساء اللقاء
فرحل الشتاء ببردة
والصيف بِحرِّه
والخريف بجمال ألوانه
وتساقطت أجمل أوراق
العمر مع أوراق الربيع
فلا هم عادوا ولا نحن فارقنا تلك المقاعد ونسيناهم...
محطات نحن من يُعمِّرها نرسم على جدرانها أحلام هم أبطالها وفي كل
صباح ترحل كل قطاراتها إلى اللاعودة
نرفض مغادرتها والويل الويل لمن يعتب من بابها فكل المارين
منها
راحلين راحلين راحلين
إلا نحن وقلوب نسجتها الجراح وأعيُن لازمتها الدموع
وأيادي أتعبتنا وما تعبت هي يوما من التلويح لأولئك
المسافرين...
إلى اللقاء حتى القريب العاجل وما عاد المسافرين من سفرهم
ولا نحن سئمنا انتظار القريب العاجل...
محطات عُمِّرت من اجل الوداع
فقط الوداع لا غير
وما أقساها من محطات
وما أقسانا نحن على أنفسنا عندما جعلناها سجينة لتلك المحطات
فرفقا بها أيها المارين بها
فما أذنبت يوما غير
أنها أحبت وبإخلاص في زمن أصبح فيه الحب ارخص من علبة السجائر...
وهناك محطات نقف بها بآخر فصول
العمر ولسنا نقف بها برغبة أو باختيار منا
ولكن هي محطات جُبرنا
عليها هي محطات الحساب على ما فات
وهي ليست كتلك
المحطات فليس لها أبواب لنهرب منها
ولا جدران تسترنا عن
المارين ولا قطارات نستأنس بصفيرها
فقط نحن والندم
وأعمالنا الهالكات
ففي تلك المحطات كل
أب عاق يُجزى بابن عاق وكل خائن يُجزى بوحدة قاتلة
وكل ظالم مستبد يجني
فساد حصاده
والحياة مليئة بتلك
الوجوه وباذن الله لستم احد تلك الوجوه المغبرة...
في كل تلك المحطات اتَّبعنا نفس تلك السياسة والتي نتَّبعها دوما مع
اطفالنا (( إذا ضعت
يوما فألزم مكانك إلى أن يجدك من أضعته وهو يبحث عنك | أمك أبوك| .... )
ولكن نسينا أو بالأصح تناسينا انه ليس هناك من يبحث عنا
(فنحن من يسعى إلى النجاح ونحن من يسعى إلى النسيان ونحن من
يسعى إلى الضياع
وكذلك نحن من يسعى
إلى الهلاك)
فلزمنا تلك المحطات
تجنبا للضياع في ممرات الحياة
ولكن ما كنا ندري أنها هي كل الدروب إلى الضياع...
ولكل تلك المحطات مسافرين يائسين
ولكل اؤلئك المسافرين ظروف قاهرة وموجعه
ولكل تلك الظروف حلول نيِّرة وفوق كل ذلك رب رحيم ينتظر منا
فقط أن نرفع الأيادي إلى السماء
يا رب..
فيجيبنا حتى ولو بعد
حين فالله في كل شئ حكمة تعمينا حاجتنا عن إدراكها ...
فقط تذكروا أن تجعلوه
الهدف الأسمى للحياة فتطيب لكم الآخرة قبل الأولى...
وكلما اتامل في واقعية تلك المحطات أتخيلها محطات حقيقية
فعلا لها جدران من اسمنت ومسافرين بحقائب سفر
حقيقة مُكدسة بالجروح والذكريات
وقطار آتي وآخر ماضٍ فتمتلكني رغبة موجعه
إلى حد البؤس
بان
أحطمها واهدمها وامحيها من خارطة طُرقاتنا وشوارعنا
وارغب بترحيل كل المسافرين إلى أماكن
تُقدَّر فيها سنين انتظارهم أكثر
كذلك ارغب في أن أغير وأطيل كل ساعات
ومواقيت القطارات في العالم ففي تلك المحطات بالذات أن يصل المسافرين متأخرين خير
من أن لا يصلوا أبدا...
انتظار..
انتظار.. انتظار
فمتى تكون خطوة التمرد على الانتظار.. متى
تكون الخطوة الأولى؟؟
اختيار
الانتظار كخطوة أولى دائما
أعمى بصائرنا عن معاني أجمل للحياة كالإرادة
والإصرار...
دمتم قلوب متحررة دوما من قيود الانتظار
ودامت محطات حياتكم خالية من مقاعد
الانتظار وعامرة بذكريات العبرة والتعلم