بسم الله الرحمان الرحيم .
لا أحد سوى المجيب إذن فوعده قريب .
في غزة العزيزة وعلى ضفاف شاطئها
الخلاب وقف يفكر على غير عادته وأنا أرقب فيه من على بعد أمتار فدنوت منه ثم همست
في أذنيه : أفق يا مراد ...فيما أنت تفكر ..؟؟
فالتفت إلي وعلى محياه البسمة التي لا تفارق
وجهه وقال : حبذا لو تركتني أنسى قليلا ما نحن فيه من هموم ،قد كنت أسبح في حلم
عميق ..!
فقلت : وما هو أخي مراد حلمك الذي
راودك اليوم ؟ قال : أحلم وكأني في بلدي حرا طليقا أعبد الله في أمان وأتحرك حيثما
شئت ليل نهار في اطمئنان وأزور أهلي في حيفة والخليل بلا خوف ،،وأصلي في الأقصى
وقت ما شئت ،،لا أرى في ذلك كله يهودي فوق تربة بلادي يقتل ويشرد أهلي وأولادي
..؟؟
وبدأت عيناه تذرفان دموعا ما أصفاها
تخرج نقية طاهرة من قلب صاف كدرت صفوه الفتن وعكرت بياضه المحن ..؟ دموعا ليست
دموع الغدر والخيانة التي تتهاطل أحيانا على خدود المارقين ..!!
آه :بلاد تحترق بما فيها ...يصب من فوق
الرؤوس الحميم يمزق العظام تمزيقا ، الحطب
يستورد من هنا وهناك ، كل يد تقذف بما تملك من شعلات تنبعث منها شرارات حاقدة قلوب
أصحابها حجر كلا ومن الحجارة يتفجر الأنهار ، يرمونها صوب بلادي بلا هوادة ليحتضنها
الصغار والكبار رغم ما تفعله في الأجساد من حرق ودمار ..!والماسك على دينه كالماسك
على النار ..؟
مخلفات القذائف يبقى مصدرها مكتوب لا
يمحى ليكشف عن حقيقة الأعداء الذين يستترون من وراء الجدر ألسنتهم أحلى من العسل
وقلوبهم وحوش ضواري .
يا للعجب : بين أنظار كل الأقطار يفعل
هذا الدمار ويقتل الصغار والكبار ..؟ حتى الحجارة الصماء لم تنج من بطش الفجار
...!
يقول مراد :
لا نعيب من سكت ولم يتكلم ولكن العيب فيمن تكلم وليته سكت ..!!
السكوت أحيانا رسالة يقدمها العاجز أو
الخائف من عواقب الأمور ليقول : عذرا فلا أستطيع ؟؟..
لكن أرأيت ذلك الذي نطق وهو ممن يحسنون
الكلام ( المعسول..!!) قال : إن الذي يقتل ويحرق ويدمر هو الفلسطيني ذاته ..! حاشا
وألف حاشا : اليهود مسالمون مدافعون عن أنفسهم ..!!
ثم يهمس في أذن صاحبه قائلا :قلها
لتنال منهم الود وتدافع عن مصالحك وتحمي ثرواتك التي هي بين أيديهم ..؟؟
تعقيب ..!!: بل بين مخالبهم التي لا ترحم أحدا
..!!فعمّا قريب ..؟!
قلها وإلا فلا ماء ولادواء ولا هواء .
سيموت شعبك جوعا وفقرا وشرا إن قلت
غيرها... وإن خالفت فالنار ..!
نعم ،الكل يهتف : نخشى أن تصيبنا دائرة
..! ولكن القليل من يقول عسى ..؟
لذلك القيد مضروب على هؤلاء بل سلاسل
قيودهم درعها سبعون .
ماذا ينتظر أهل بلادي من سجناء قيدتهم
الملذات والشهوات ولأجلها باعوا دينهم بعرض منها ..؟
أخي مراد :
العبد من كثرة الهموم ربما ينسى والنسيان مجبول عليه بنو الإنسان والواجب علينا
الذكرى فإنها تنفع أهل الإيمان ، فلنذكر قول بارينا سبحانه وتعالى :" {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ
يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ
أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ
}المائدة52، يخبر الله تعالى عن جماعة من المنافقين أنهم كانوا يبادرون
في موادة اليهود لما في قلوبهم من الشكِّ والنفاق, ويقولون: إنما نوادُّهم خشية أن
يظفروا بالمسلمين فيصيبونا معهم, قال الله تعالى ذكره: فعسى الله أن يأتي بالفتح ،
وينصر أولياءه, ويُظْهِر الإسلام والمسلمين على الكفار, أو يُهيِّئ من الأمور ما تذهب
به قوةُ اليهود والنَّصارى, فيخضعوا للمسلمين, فحينئذٍ يندم المنافقون على ما أضمروا
في أنفسهم من موالاتهم.
فأبشر أخي مراد بهذه الآية فإن الله
تعالى يواسي غربتك ويؤانس وحشتك وهو مددك وحصنك ، فحينما ترى الناس قد انفضوا من
حولك وتركوك تصارع شدائد ومصائب الحياة لوحدك فاعلم علم يقين أن الله تعالى يريد
أن يمد يده العزيزة المنيعة ليعينك وينقذك مما أنت فيه ، وسوف يأتي بالفتح من عنده
ويهيئ من الأمور ما يذهب به قوة الأعداء
ويقطع دابرهم ،حتى إذا جاء وعده بالنصر المبين فتصرف الشكر له وحده دونما أحد سواه
ولا تقل لولا ولولا ..؟؟
وبهذا النصر يشفي صدور المؤمنين ويكوي
صدور الخائفين والخائنين .
فبنص هذه الآية الفتح والنصر قريب
مادام الدفاع هو الله والمدد هو الله والمعين هو الله ولا أحد سوى الله ..!!" {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا
يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ }الحج38، أين أنتم يا
خونة ويا كفرة من هذه الآية التي بينت ثمن غدركم ومكركم بالمستضعفين من المؤمنين ،
إن نهاية السكوت وترك هؤلاء يمكرون بالبرآء نهايته هو تدخل عناية الله ودفاع الله
الذي لا يقهر " وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ
وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ "الأنفال30،خالق الحيل لا تنفع معه
حيلة ولا يضره مكر الماكرين بل المكر السيئ يحيق بأهله .
فهذا مراد الله أخي مراد فاصبروا
وصابروا ورابطوا فإن وعد الله قريب .