كلمة “سجن” تترك معان وأبعاد سلبية، تظهر
في مخيلتنا صورة لمكان مظلم وقذر، يسكن فيه اليأس والحزن، حيث يموت
الانسان يوما بعد يوم في عزلته التامة. ولكن هذا الوصف لا ينطبق ابدا على
سجن “باستوي” في نوروي، فلشدة الدهشة، يتواجد هذا السجن على جزيرة استوائية
ذات مناظر طبيعية خلابة، فيها يسكن السجناء مع حراسهم.
وفي
سابقة فريدة من نوعها اثارت ضجة عارمة في ارجاء اوروبا، اقيم سجن “باستوي”
بهدف دعم السجناء وحثهم على التغيير، مهما كانت قباحة جرائمهم، سواء كان
السجين قاتلا، او مغتصبا، او سارقا.. فكل واحد منهم يحظى بغرفة فخمة خاصة
مع تلفاز يصممها كما يحلو له، ويسكن في منزل ضخم فيه قاعة سينما، أحواض
سباحة، ملاعب غولف، مزرعة خيل، وكل ما يجده الانسان في منتجع بمستوى خمسة
نجوم او اكثر!
هذا
السجن لا يحتوي على قضبان من حديد او جدران عالية تمنع الهروب، لا يصرخ
الحراس فيه ولا يتشاجر السجناء فيما بينهم، بل على العكس تماما، يعيش
الجميع في فيلا ضخمة وسط الطبيعة المذهلة في احدى اجمل مدن العالم، في
تعاون وانسجام تام.
يقضي
السجناء يومهم اما في أحواض السباحة الكثيرة، او في اصطياد الاسماك من
البحيرة القريبة، او في لعب رياضة التنس او الغولف.. حتى انهم يتمتعون
بخدمات منتجعات صحية مثل المساجات واسرة التسفع تحت أشعة الشمس )sunbed).
ولكن
لهذا الجنون تفسير منطقي، اذ يقول مدير السجن: “انا اعتقد ان اعطاء
السجناء مثل هذه الملذات والثقة التامة من الممكن ان يحثهم على التغيير
واصلاح حياتهم، نحن نحاول العمل معهم بهدف منعهم من العودة الى السجن مرة
اخرى. السكن في مثل هذه الفيلا يعطي السجناء الشعور انهم جزء من المجتمع في
الخارج.”
ولكن
الى جانب الملذات التي لا تنتهي، هناك بعض الواجبات المفروضة على السجناء،
اذ على كل سجين الحفاظ على ترتيب ونظافة غرفته، كل سجين يتعلم الطهي،
التنظيف والاعتناء بنفسه.
يقول
احد السجناء: “في صباح كل يوم احد، اركب على متن حصاني وامشي على خط
الشاطيء وسط شروق الشمس، زقزقة العصافير وانكسار الامواج.. احيانا اقرص
نفسي لاتذكر انني في سجن وليس في عطلة من الاحلام.”