السلام عليكم ورحمة الله
بدعة ليلة الإسراء والمعراج
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:
هناك بدعة تحدث على مستوًى عالميّ في شهر رجب؛ ألا وهي بدعة ليلة المعراج.
ليلة المعراج: هي الليلة التي عُرِجَ فيها برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى السَّماواتِ العُلى، أُسرِيَ به أولاً من مكة إلى بيت المقدس: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾
[الإسراء: 1] والتقى بالرُّسِل هناك، وصلَّى بهم إمامًا؛ ثمَّ عَرَج به
جبريل -بصحبته- إلى السَّماوات فاستفتحها سماءً بعد سماء؛ حتى وصل إلى
السَّماء السَّابعة؛ بل وصل إلى موضع سمع فيه صريف الأقلام وهي تكتب أقضية
الله وأقداره، ووصل إلى سدرة الْمُنتهَى، وخاطب الله -عزَّ وجلَّ-. وفرض
الله عليه الصَّلوات الخمس خمسين صلاةً ثم خُفِّفَت إلى خمس. هذه الليلة أي
ليلة كانت؟ وفي أي شهر؟
لا يستطيع أحدٌ أنْ يُعيِّنها؛ ولهذا اختلف المؤرخون فيها على أقوالٍ متعدِّدة، لم يتَّفقوا على شيء؟
لماذا؟ لا لأنَّه حدثٌ سهلٌ يسير؛ بل هو -والله- حدثٌ عظيم؛ لكن تعرفون
أنَّ العرب كانوا أمِّيين لا يقرءون ولا يكتبون، ولا يؤرِّخون إلا بسنة
الفيل وما أشبه ذلك، فهم لم يحدِّدوا تلك الليلة بليلة معيَّنة. وما اشتهر
مِن أنَّها ليلة سبع وعشرين من رجب فإنَّه لا أصل له في التاريخ.
ثم على فرض أنَّه ثبت أنَّه أُسرِيَ بِهِ في تلك الليلة -أعني: ليلة سبعٍ وعشرين- هل لنا أن نحدث فيها شيئًا من العبادات، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدث ذلك، ولا الخلفاء الراشدون، ولا الصحابة، ولا الأئمة؟ هل لنا أن نجعلها عيدًا؟
ليس لنا أن نجعلها عيدًا نعطِّل فيها المدارس، نعطِّل فيها الدوائر، نعتبرها عيدًا يتكرر، ليس لنا ذلك، لنا سلف في دين الله، من هم؟ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن فعلوا ذلك فعلى العين والرأس، وإذا لم يفعلوا ذلك فتركه سُنَّة؛ لأنَّهم تركوه
ولهذا نقول: السُّنَّة إمَّا إيجادٌ وإمَّا تركٌ،
فما وُجِدَ سببه في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يفعله كان ذلك
دليلاً على أنَّ تركه هو السُّنَّة، فالنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم
يُقِمْ لهذه الليلة صلوات ولا أدعية، ولا جعلها عيدًا.
وللأسف الشَّدِيد أنَّ كثيرًا من المسلمين يتمسَّكون في هذه الأشياء البدعيِّة التي ما أنزل الله بها من سُلطان، وتجدهم في أمور ثَبتتْ فيها السُّنَّة غير نُشطَاء فيها؛ بل متهاونون بها؛ بل لو فعلها الإنسان لقالوا: هذا مبتدع، وهذا
هو الذي أوجب للمسلمين التَّأخُر والنُّكوص على الوراء؛ لأنَّهم ما نظروا
إلى أسلافهم. نظروا نظرةً قاصرة لا تتجاوز القرن الذي هم فيه إلى المدى
البعيد إلى زمن السَّلف الصَّالح، وهذا -والله- ضررٌ عظيم.
إذن: ما موقفنا من ليلة سبع وعشرين من رجب إذا مرَّت علينا؟
الجواب: أنْ تمرَّ كغيرها من الليالي،
ويومها كغيره من الأيام، ولا نرفع بها رأسًا، ولا نرى في عدم إقامة
الاحتفالات بها بأسًا؛ لأنها ليست بِسُنَّة، وخيرُ الهَدْي هديُ محمَّدٍ
صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا -يا إخواني!- كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه
وسلَّم يكرِّرُ في كلِّ خطبة يوم الجمعة يقول: (أمَّا بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها).
لماذا؟ لأنَّه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (إنَّه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا)
اختلف النَّاس وابتدعوا في دين الله ما ليس منه؛ حتى حصل هذا التَّأخُر
الذي نشاهده اليوم، نسأل الله أن يعيد للأمَّة الإسلاميِّة مجدها وعزَّها.
المصدر: سلسلة اللقاء الشهري [الجزء: 2- الصفحة: 468، 469]
بدعة ليلة الإسراء والمعراج
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:
هناك بدعة تحدث على مستوًى عالميّ في شهر رجب؛ ألا وهي بدعة ليلة المعراج.
ليلة المعراج: هي الليلة التي عُرِجَ فيها برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى السَّماواتِ العُلى، أُسرِيَ به أولاً من مكة إلى بيت المقدس: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾
[الإسراء: 1] والتقى بالرُّسِل هناك، وصلَّى بهم إمامًا؛ ثمَّ عَرَج به
جبريل -بصحبته- إلى السَّماوات فاستفتحها سماءً بعد سماء؛ حتى وصل إلى
السَّماء السَّابعة؛ بل وصل إلى موضع سمع فيه صريف الأقلام وهي تكتب أقضية
الله وأقداره، ووصل إلى سدرة الْمُنتهَى، وخاطب الله -عزَّ وجلَّ-. وفرض
الله عليه الصَّلوات الخمس خمسين صلاةً ثم خُفِّفَت إلى خمس. هذه الليلة أي
ليلة كانت؟ وفي أي شهر؟
لا يستطيع أحدٌ أنْ يُعيِّنها؛ ولهذا اختلف المؤرخون فيها على أقوالٍ متعدِّدة، لم يتَّفقوا على شيء؟
لماذا؟ لا لأنَّه حدثٌ سهلٌ يسير؛ بل هو -والله- حدثٌ عظيم؛ لكن تعرفون
أنَّ العرب كانوا أمِّيين لا يقرءون ولا يكتبون، ولا يؤرِّخون إلا بسنة
الفيل وما أشبه ذلك، فهم لم يحدِّدوا تلك الليلة بليلة معيَّنة. وما اشتهر
مِن أنَّها ليلة سبع وعشرين من رجب فإنَّه لا أصل له في التاريخ.
ثم على فرض أنَّه ثبت أنَّه أُسرِيَ بِهِ في تلك الليلة -أعني: ليلة سبعٍ وعشرين- هل لنا أن نحدث فيها شيئًا من العبادات، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدث ذلك، ولا الخلفاء الراشدون، ولا الصحابة، ولا الأئمة؟ هل لنا أن نجعلها عيدًا؟
ليس لنا أن نجعلها عيدًا نعطِّل فيها المدارس، نعطِّل فيها الدوائر، نعتبرها عيدًا يتكرر، ليس لنا ذلك، لنا سلف في دين الله، من هم؟ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن فعلوا ذلك فعلى العين والرأس، وإذا لم يفعلوا ذلك فتركه سُنَّة؛ لأنَّهم تركوه
ولهذا نقول: السُّنَّة إمَّا إيجادٌ وإمَّا تركٌ،
فما وُجِدَ سببه في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يفعله كان ذلك
دليلاً على أنَّ تركه هو السُّنَّة، فالنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم
يُقِمْ لهذه الليلة صلوات ولا أدعية، ولا جعلها عيدًا.
وللأسف الشَّدِيد أنَّ كثيرًا من المسلمين يتمسَّكون في هذه الأشياء البدعيِّة التي ما أنزل الله بها من سُلطان، وتجدهم في أمور ثَبتتْ فيها السُّنَّة غير نُشطَاء فيها؛ بل متهاونون بها؛ بل لو فعلها الإنسان لقالوا: هذا مبتدع، وهذا
هو الذي أوجب للمسلمين التَّأخُر والنُّكوص على الوراء؛ لأنَّهم ما نظروا
إلى أسلافهم. نظروا نظرةً قاصرة لا تتجاوز القرن الذي هم فيه إلى المدى
البعيد إلى زمن السَّلف الصَّالح، وهذا -والله- ضررٌ عظيم.
إذن: ما موقفنا من ليلة سبع وعشرين من رجب إذا مرَّت علينا؟
الجواب: أنْ تمرَّ كغيرها من الليالي،
ويومها كغيره من الأيام، ولا نرفع بها رأسًا، ولا نرى في عدم إقامة
الاحتفالات بها بأسًا؛ لأنها ليست بِسُنَّة، وخيرُ الهَدْي هديُ محمَّدٍ
صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا -يا إخواني!- كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه
وسلَّم يكرِّرُ في كلِّ خطبة يوم الجمعة يقول: (أمَّا بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها).
لماذا؟ لأنَّه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (إنَّه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا)
اختلف النَّاس وابتدعوا في دين الله ما ليس منه؛ حتى حصل هذا التَّأخُر
الذي نشاهده اليوم، نسأل الله أن يعيد للأمَّة الإسلاميِّة مجدها وعزَّها.
المصدر: سلسلة اللقاء الشهري [الجزء: 2- الصفحة: 468، 469]